خليل نصر الله

 

“سنتحرك بما هو أكبر من كل المراحل الماضية”، عبارة ذات دلالات هامة لمسار التعاطي مع العدوان في المرحلة المقبلة، أطلقها السيد عبد الملك الحوثي في خطاب يوم الشهيد.
هو رسم الخطوط العريضة للتحرك، داخليًا وخارجيًا، حال بقيت الأمور تراوح مكانها.

يتضح من تصريح السيد الحوثي أن الأميركيين لا زالوا يعملون وفق مسار تقطيع الوقت، ومحاولة تمييع الحلول أو تسييرها وفق مصالحهم فقط، وهو يعطي دلالة واضحة عن أن قرار الحرب والسلم منطلقه واشنطن وليس الرياض التي وضعت صنعاء أمامها أوراق اختبار عدة ولم تتمكن من السير بها.

في مراجعة بسيطة لمراحل الهدنة التي تصرف الأميركيون معها كإنجاز لهم، وما التزمت به الرياض، يتبين أن شيئًا كبيرًا لم يتحقق، وأن البناء على آمال لحلول دائمة شبه معدوم، فما يرفض من شروط صنعاء، كمسألة المرتبات مثلا، يؤشر بوضوح إلى خطط معادية تقودها واشنطن أهدافها الهيمنة المطلقة.

ورد في خطاب السيد أكثر من إشارة إلى معركة التحرر والاستقلال والقرار السيادي اليمني، وهنا جوهر الصراع ككل. المعركة أكبر من مسألة “متطلبات الهدنة” – الهدنة ليست نهاية حرب – هي معركة القرار السيادي الوطني الحقيقي الذي بموجبه تقرر صنعاء ما تريد، ووفقه تحدد تحالفاتها الخارجية واصطفافاتها الإقليمية من منطلق العداء للكيان الإسرائيلي والنصرة للقضية الفلسطينية، ووفقه تشرف على مياهها وتستثمر في ثرواتها النفطية والغازية وغيرها، وتشرف على الممرات البحرية التي تقع ضمن نطاقها البحري.

هذه العناوين هي في صلب توجهات السيد عبد الملك الحوثي، والتذكير بها ليس من باب تسجيل الموقف إنما للتأكيد على عمق وأبعاد المعركة التي تخوضها صنعاء في مواجهة العدوان السعودي الإماراتي الذي تقوده واشنطن وتشرف عليه وتسيره كما تريد، والذي يأخذ مصالح واشنطن والكيان الاسرائيلي بعين الاعتبار بالدرجة الأولى.

تصويب السيد في هذا الاتجاه هو الذي يزعج بشكل كبير القوى والدول المعادية لليمن وعلى رأسها واشنطن، فهم يريدون اليمن الخاضع الذي يعينون وزراءه ورؤساءه وشكل الحكم فيه، وهو ما أشار إليه السيد عبد الملك الحوثي من باب التأكيد على رفض الخضوع والاستسلام لأن الكلفة ستكون أعلى وأعمق على الشعب اليمني ككل.

انطلاقًا من ما تقدم، يمكن فهم توعد السيد بتحرك أكبر من الذي شهدته المراحلة الماضية في صد العدوان. وهنا يفهم أن مسألة ضربات محددة وبفوارق زمنية بعيدة عن بعضها البعض تستهدف أهدافا محددة في عمق دولتي السعودية والإمارات، ما هو إلا جزء من التحرك، فالأمور قد تذهب أبعد من ذلك برا وبحرا وربما جوا. إشارة السيد إلى القواعد العسكرية داخل اليمن والتي أقامها الإماراتيون وغيرهم – تتوفر معلومات عن وجود “إسرائيلي” فيها – هي إشارة منوطة بتحرك مستقبلي أعد له. باختصار، إن أي هدف من هذا القبيل، تابع للعدوان وأينما كان، هو في مرمى الاستهداف.

وعليه، إن “التحرك بشكل أكبر” هو عنوان المرحلة المقبلة، وتصريحات السيد عبد الملك الحوثي تؤشر إلى معركة طويلة لاعتبارات عدة لا تقف عند حد لمس “المناورة” السعودية من خلال لقاءات حصلت، ولا تنتهي عند حد لمس تصرفات أميركية تبين أن استراتيجية واشنطن اتجاه اليمن لم تتبدل.

يبقى القول إن الأمن في منطقة الخليج والبحر الأحمر وبحر العرب مرتبط بتحقيق الأمن في اليمن، لا فصل بينهما، وهو ما أرادت صنعاء إيصاله في أكثر من مرحلة، ولا استجابة شافية، لذا يبدو أنه صار لازما عليها إفهامه للأعداء عبر البارود والنار.
لننتظر.

  • المصدر: العهد الاخباري
  • المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة عن رأي الموقع