الصين تفتح النار على أميركا.. ما علاقة الثروات السوريّة؟
السياسية :
في ظل الاحتلال الأمريكيّ المقيت للمنطقة الشرقيّة السوريّة منذ عدّة سنوات، أدانت جمهوريّة الصين تمركز قوات أميركيّة في الأراضي السوريّة وتهريبها للنفط والحبوب من الجمهوريّة التي تعاني أسوأ وضع إنسانيّ في تاريخها، وقد وصفت بكين ما تقوم به واشنطن بـ “غير الشرعي”، وعادة ما تصدر الحكومة السوريّة بيانات تؤكّد فيها أن قوات الاحتلال الأمريكيّة تخرج عشرات الشاحنات والصهاريخ المحملة بكميات كبيرة من الحبوب والنفط المسروقة وغالباً ما تتجه نحو الأراضي العراقية، في ظل أوضاع معيشيّة واقتصاديّة مأساويّة يعيشها الشعب السوريّ لا يمكن وصفها بأيّ لغة أو كلمات، حيث باتت اسطوانة الغاز أو لتر الماء أو شراء بعض الحاجيات حلماً بالنسبة للسوريين الذين يعانون الأمرين لتأمين أدنى احتياجاتهم، فيما تسرق ثرواتهم أمام أعينهم الغارقة بالعناء.
انتهاك أمريكيّ خطير للقوانين الدوليّة
الولايات المتحدة الأمريكيّة تواصل انتهاك القوانين والقواعد الدولية، هذا ما ركّزت عليه الصين التي تربطها بالجمهوريّة السوريّة علاقات متميزة للغاية وتوصف بأنّها “موغلة في القدم”، في وقت تفرض فيه الإدارة الأمريكيّة ومن يدور في فلكها أشدّ العقوبات والحصار على السوريين، الشيء الذي يذيقهم الويلات بعد حرب طويلة الأمد في بلادهم، ولا ينجو من الإجرام الأمريكيّ سوى المناطق التي يديرها عملاء واشنطن وخارج سيطرة الجيش السوريّ وبالأخص ما تسمى “مناطق الإدارة الذاتيّة”، ومن خلال بحث بسيط يتبين للجميع أنّ الأرتال الكثيرة التي تحمل الحبوب والنفط المنهوب بمرافقة من قوات الاحتلال الأمريكيّ تخرج من الأراضي السوريّة وتتجه إلى الشمال العراقيّ، ويحرم منها أصحابها، ما يظهر أكثر فأكثر كذب ونفاق السياسة الأمريكيّة التي تتشدق بحقوق الإنسان والديمقراطيّة.
“إنّ ما تقوم به الولايات المتحدة من تهريب للنفط من سوريا، غير شرعيّ”، هذا ما جاء على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينيّة، تشاو ليجيان، في مؤتمر صحفي مؤخراً، موضحاً أنّ تمركز القوات الأميركية في الأراضي السوريّة وتهريبها للنفط والحبوب من البلاد إضافة إلى الهجوم الصاروخيّ الأميركيّ على سوريا هي أمور “غير قانونيّة”، وبالأخص أن سلب الحقوق السوريّة يأتي في وقت يعيش فيه الشارع السوريّ “حرب لقمة العيش”، ناهيك عن أنّه مُنهك من الغلاء الفاحش والفساد والعقوبات التي تستهدف حياته وصحته ولقمة عيشه بشكل مباشر ومقصود، فيما تساهم أغلب القيادات الكرديّة السياسيّة والعسكريّة من خلال خنوعها لأميركا، بتعقيد المسألة أكثر ما يزيد طين حياتهم التعيسة بلة، حيث تتناسى “الإدارة الذاتية” أنّ الإدارة الأمريكيّة هي من أعطت الضوء الأخضر زمن الرئيس الأمريكيّ السابق، دونالد ترامب، لغزو تركيّ للأراضي السوريّة الشماليّة للقضاء على الأكراد وتدمير منازلهم، كما وجه البيت الأبيض لهذه الجماعة العرقيّة المحبوبة في سوريا سلسلة طعنات وجهها رؤساء أمريكيون عدّة عبر قراراتهم الخبيثة منذ سنوات طويلة.
وجاء التنديد والغضب الصينيّ من البيت الأبيض، عقب حديث تقارير إعلاميّة عن أنّ جيش الاحتلال الأمريكيّ أرسل قبل أيام 54 ناقلة نفط محملة بالنفط من شمال شرق سوريا إلى قواعدها في الشمال العراقيّ، في أحدث شحنة من النفط السوري المسروق يتم تسليمها، حسب موقع وزارة الخارجية الصينيّة، وهذا ما تؤكّد الحكومة السورية دوماً، حيث تبيّن أنّ أميركا تسرق آبار النفط من منطقة الجزيرة إلى قواعدها في شمال العراق، بعد أن استغلت قوات سوريا الديمقراطية المعروفة بـ (قسد) التي تُشكّل مظلة للمقاتلين الأكراد وأقلية من العرب، الحرب على تنظيم “داعش” الإرهابيّ ككيانٍ جغرافي في آذار/مارس 2019، للسيطرة على نحو ثلث الأراضي السورية الغنية بالنفط، حيث يُقيم ملايين السوريين ومعظمهم من العرب وغير الأكراد.
أرباحٌ أمريكيّة وخسائر سوريّة
بالتزامن مع مسيرة العلاقات المميزة التي ربطت سوريا والصين، خاصة في العقود الأخيرة، علّق تشاو ليجيان: “لقد لاحظت التقارير ذات الصلة، وورد أن بعض السوريين قالوا إنّ ما فعلته القوات الأميركية يجعلهم يكافحون من أجل البقاء على قيد الحياة في الشتاء”، وإنّ دمشق واثقة من أنّ واشنطن تحقق فائدتين من سرقتها للنفط السوريّ الأولى تكمن في أنّ الجيش الأمريكي ينشر قواته في مناطق الآبار النفطيّة في منطقة الجزيرة لسلبه، وتمويل ميليشيا (قسد) التابعة له والتنظيمات الإرهابية الأخرى من جهة، إضافة إلى نهب المحاصيل المهمة والرئيسيّة، وخاصة أنّ البيت الأبيض وبسبب تاريخه الدمويّ والقذر في تدمير الدول وحصار الشعوب واغتيال السلام، وباعتراف مسؤوليه هو الذي أسس ونظم وسلح تنظيم “داعش” الإرهابيّ وقام بزرعه في المنطقة، وسهل ويسر لجميع الإرهابيين والمجرمين والمنحرفين فكريّاً وأخلاقيّاً الانضمام لهذا التنظيم الدمويّ، كما أن واشنطن ساعدتهم بقوة في التغلغل داخل الأراضي العراقيّة والسوريّة، بهدف إثارة الفوضى وتفتيت الجيوش النظاميّة واستنزافها، وبعد فشل التنظيم الإرهابيّ بشكل ذريع رغم عملياته الاجراميّة الكثيرة وتمدده لسنوات على الارض وسيطرته على العديد من المدن، قامت أميركا بتنفيذ السيناريو الذي وضعته دوائر مخابراتها، ونشرت قواعدها وقواتها المُحتلة بشكل -غير شرعيّ- تحت عنوان “محاربة داعش”، لتحقق مؤامراتها في تدمير الدول التي تعتبر معادية لها وللكيان الصهيونيّ الباغي فتنهب خيراتها وتحاصر شعبها وتحاول القضاء على دورها وتجويع شعوبها.
والدليل على ذلك، استشهد المسؤول الصينيّ ببيانات رسميّة من الحكومة السوريّة، تفيد بأن أنشطة التهريب الأميركية بين عامي 2011 والنصف الأول من عام 2022 كلفت السوريين أكثر من 100 مليار دولار من الخسائر، ما يعني أنّ حرمان الشعب السوريّ من ثرواته ورزقه هو هدف أمريكيّ شنيع، وبالتالي فإنّ المُحتل الأمريكيّ لن يخرج بسهولة من الشرق السوريّ، وسيواصل العمل مع “أذرعه الانفصاليّة لتحقيق مشاريعه البيت الأبيض الهدامة في المنطقة، بينما تشدّد دمشق على أنّ الاحتلال الأمريكيّ لأجزاء من الأراضي السورية يمثل أهم أسباب إطالة أمد الأزمة في البلاد، وتعتبر أنّ الحملات المسعورة الخاصة بالوضع الإنسانيّ السوريّ تمثل أبشع أشكال النفاق، ويتجاهل أصحابها أنهم السبب الوحيد في معاناة السوريين جراء دعمهم للإرهاب.
وفي هذا الخصوص، أشارت الصين ذات القوة السياسيّة والعسكريّة والاقتصاديّة المهمة، أنّ الولايات المتحدة تواصل انتهاك القوانين والقواعد الدولية، ومع ذلك تزعم أنها نصيرة لما تسميه “النظام الدوليّ القائم على القواعد”، لكن واشنطن عندما تتحدث عن “القواعد”، فإنها غالباً ما تحاول فقط إيجاد ذريعة لخدمة مصلحتها واستمراريّة هيمنتها، ففي شهر أغسطس/ آب، أعلنت الحكومة السورية أن خسائرها في قطاع النفط والغاز جراء ممارسات الاحتلال الأميركي وأدواته تبلغ 107.1 مليارات دولار.
من جهة أُخرى، ليست بكين وحدها من استشعرت نفاق وجشع السياسة الأمريكيّة، ففي تموز/يوليو الماضي، أشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلى ضرورة أن تسحب أميركا قوّاتها من الأراضي السورية وأن تكفّ عن نهب ثروات الشعب السوريّ من خلال إخراج النفط بشكل “غير قانونيّ”، كما أوضح دميتري بوليانسكي، نائب مندوب روسيا الدائم لدى منظمة الأمم المتحدة، أنّ البيت الأبيض ينهب الحبوب والنفط بشكلٍ يومي في سوريا التي كانت تبيع قبل الحرب على البلاد أكثر من 350 ألف برميل يوميّاً، وكانت حصّة حقول “الرميلان” وحدها تقارب 100 ألف برميل في اليوم الواحد، فيما وصل إنتاج “حقل العمر” النفطيّ إلى 30 ألف برميل يوميّاً في العام 2010، حسب مواقع إخباريّة.
خلاصة القول، الموت والدمار والتجويع، هذا ما جاءت لأجله القوات الأميركية، حيث نتحدث عن 24 قاعدة عسكرية و4 نقاط تواجد في الأراضي السوريّة، تتمركز جلّها في منطقة شرقيّ الفرات والبادية السوريّة، وتضمّ القواعد المنتشرة في محافظتي الحسكة ودير الزور والبادية آلاف الجنود، وقد باتت المخططات الأمريكيّة واضحة للجميع، فعقلية الأمريكيّ لم تتغير يوماً، ورغبة واشنطن بإسقاط الأنظمة المخالفة لها وتدمير البلدان وحصار الشعوب التي لا تخنع لإملاءاتها علنيّة، أم نسينا أنّ الولايات المتحدة سعت بكل ما أوتيت من قوّة لإسقاط سوريا المقاومة من خلال دعم التنظيمات الإرهابيّة بشكل لا محدود بالتعاون مع بعض الدول الخانعة لسياستها، لكنها اصطدمت بسنوات طويلة من الانتصارات لسوريا ومن يدعمها، وإنّ الشعب السوريّ لن يصمت طويلاً على سرقة أرضه وثرواته.