السياسية – رصد:

منتصف شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، أعلنت الخارجية الأميركية عن موقفها الرسمي حيال قضية جريمة اغتيال الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي بما وصفه اعلاميون اميركيون على أنه “جائزة تعطى لقاتل”. فيما ارخى توقيت الإعلان بظلاله ايضاً، على تحديد إطار خلفيات القرار ونتائجه القانونية والسياسية.

في 20 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، قال نائب المتحدث باسم الخارجية الأمريكية فيدانت باتيل، في حديث للصحفيين ان “رئيس الوزراء بن سلمان يتمتع بالحصانة تجاه الملاحقة القضائية في المحاكم الأميركية طالما يتولى منصب رئيس الوزراء ويرأس الحكومة في بلاده”. موضحاً انه “في ظل الإدارات المختلفة، طبقت الولايات المتحدة هذا المبدأ باستمرار على رؤساء الدول والحكومات ووزراء الخارجية أثناء توليهم مناصبهم…هذه ممارسة غير قابلة للانتهاك”.

وبينما طرحت علامات استفهام عما اذا كان لذلك علاقة بمحاولة تهدئة أجواء التوتر المسيطرة بين الطرفين، أكد باتيل على ان “هذا التعريف ليس له علاقة بجوهر الموضوع.. أو بحالة العلاقات بين الدولتين”.

كان الإعلان عن منح الحصانة لمحمد بن سلمان، بمثابة قنبلة أعادت فتح القضية على مصرعيها. خاصة وأنها جاءت بتوقيت يشتد فيه النزال بين كل من الإدارة الأميركية برئاسة جو بايدن، وولي العهد.

وتسأل الصحفية في “واشنطن بوست” الأميركية، كارين عطية، “ما هذا القول عن تكوين صداقات مع النمور الآكلة للوجه، ثم الانزعاج عندما يأكل المرء وجهك، لأنك لم تعتقد أنه سيأكل وجهك؟”، مشيرة إلى المساعدات الأميركية للرياض في قضايا انتهاك حقوق الانسان. وتتابع في مقال لها انه “لسنوات، كان الناس يتوسلون الولايات المتحدة لإعادة تقييم علاقتها مع السعودية. وبدا الغرب وكأنه يتجاهل عن عمد انتهاكات الحكومة السعودية – في قصف اليمن (أحد أفقر دول العالم)، وسجن النشطاء، والإعدامات الجماعية، والمراقبة واختطاف المنتقدين في الخارج، ومنها جمال. والقلقون بشأن تجاهل المملكة لحقوق الإنسان قيل لهم من قبل السياسة الخارجية “الكبار في القاعة” في واشنطن، أننا بحاجة إلى أن نكون واقعيين…السياسة الواقعية ومصالح الأمن القومي يجب أن تكون لها الأسبقية على حقوق الإنسان”.

على الأقل هذه هي الطريقة التي أوضحوا بها سبب اضطرار الرئيس بايدن للذهاب إلى الرياض في تموز/ يوليو وإعطاء محمد بن سلمان اجتماعاً شخصياً وتلك القبضة التي شوهدت حول العالم. وقيل في الأوساط الأميركية، ان الأمر يستحق ذلك، بسبب احتياجات الطاقة والأمن. وتسأل عطية -وهي صحفية أميركية من أصل غاني- أليس كذلك؟ وتجيب “خطأ، كما اتضح. لقد سددت السعودية كل ذلك بضرب الولايات المتحدة حيث يؤلمها – في مضخة الغاز”.

في الأسابيع الماضية، خفضت دول منظمة أوبك بلس إنتاج النفط. وبحسب واشنطن بوست، فإن هذه الخطوة، لن تؤدي إلى ارتفاع الأسعار في المضخة فحسب، بل سيساعد أيضًا في تزويد روسيا الزميلة المنتجة للنفط بالاحتياطيات المالية التي تحتاجها لشن حربها مع أوكرانيا، وهو ما تعارضه واشنطن بوضوح. لذلك حصل بن سلمان على صور فوتوغرافية له، وحصل جيشه على صفقات الأسلحة الأمريكية التي أرادها -ولم يحصل البيت الأبيض على دعم اقتصادي سياسي حقيقي ولا أي تحسن في حقوق الإنسان. نظرة ليست جيدة – خاصة بالنسبة للديمقراطيين.

على الرغم من انكار الخارجية الأميركية علاقة إعطاء الحصانة بأي نية في المبادرة لتحسين العلاقات، إلا انها تنتظر نتائج ذلك على قرارات منظمة أوبك+ التي ستعقد جلستها المقبلة في 4 تشرين الأول/ ديسمبر القادم. في حين ان التوجه العام لدى الرياض، يشي بمخاوفها إزاء رفع الإنتاج، فتكون هي التالية على لائحة تحديد الأسعار النفطية التي تتوجه الدول الاوربية وبمظلة أميركية، للعمل بها.

  • المصدر: الخنادق اللبناني
  • المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع