السياسية:

ما لا يخفى على أحد أن المهاجرين الأفارقة الهاربين من ظروف صعبة في بلادهم غالبًا ما يواجهون انتهاكات جسيمة مثل الاحتجاز في ظروفٍ غير إنسانية، والاستغلال، والنقل القسري.
حيث تتعرض الفتيات وَالنساء غالبًا للعنف وَسوء المعاملة وَالاستغلال على أيدي المهربين وَالمتاجرين بالبشر.
إضافة إلى ما سبق تؤكد التقارير أن السعودية ارتكبت الكثير من المجازر بحق هؤلاء المهاجرين حيث سبق وأن أكّـدت منظمة الهجرة الدولية في يوليو الماضي ارتكاب القوات السعوديّة تسع مجازر بحق المهاجرين على الحدود اليمنية، أودت بحياة 189 مهاجراً وإصابة 535 آخرين.

في هذا الصدد، تداولت العديد من وسائل الإعلام والوكالات الصحفية المحلية والدولية معاناة المهاجرين الأفارقة من قبل حرس الحدود السعوديّ، حَيثُ نشرت وكالة “فرانس برس” تقريراً صحفياً عن معاناة المهاجرين الأفارقة من قبل النظام السعوديّ وقالت الباحثة ناديا هاردمان لوكالة “فرانس برس”: “يقبع مئات إن لم يكن آلاف في مراكز احتجاز بائسة في السعوديّة”، واصفةً احتجازهم بأنه “تعسفي ومسيء”. وروى مهاجر إثيوبي في السعوديّة عبر هاتف محمول تمّ تهريبه إلى مركز الاحتجاز، حَيثُ يوجد في السعوديّة، ظروفاً معيشية صعبة في زنازين مكتظة ومليئة بالأمراض ونقص في الطعام وارتفاع في حالات الانتحار، طالباً المساعدة، وفق “فرانس برس”. ووصف إثيوبيان آخران لـ “فرانس برس” مركز احتجاز في جيزان في جنوب المملكة الحياةَ بأنها عبارة عن “جحيم لا يطاق”، بعدما تركوا بلادهم سعياً إلى “حياة أفضل” في السعوديّة.
وبعد احتجازهم لأكثر من 5 أشهر، أكّـدوا أنهم بالكاد يحصلون على ما يكفيهم من الطعام والمياه، بينما تفيض المراحيض المسدودة ولم ير الكثير منهم أشعة الشمس لأشهر عدة.

جرائم مروعة

لم تكتف السعودية بانتهاكها لحقوق الإنسان وممارسة جرائمها بحق المهاجرين الأفارقة في السجون والمعتقلات حيث إنه وفي جريمةٍ صاخبة تضافُ إلى السجل الدموي للنظام السعوديّ عرضت قناة “المسيرة”، تقريراً كشفت فيه عن مقبرة جماعية تضم عشرات الضحايا الأفارقة ممن قتلهم حرسُ الحدود السعوديّ.وتظهر المشاهدُ قيامَ حرس الحدود السعوديّ بتصفية عشرات المهاجرين الإثيوبيين، ويُعتقَدُ أنها في اللحظات ما قبل قتلهم.

وحسب التقرير فَـإنَّ أحد الأفارقة الناجين من المجزرة لفت إلى أن “الجنود السعوديّين تعمّدوا صعق عشرات المهاجرين الإثيوبيين بالكهرباء في غرفة جمعوا فيها، مُشيراً إلى أن حرس الحدود السعوديّ يطلق النار مباشرةً، وغالبًا ما يستخدم مدافع الهاون للقضاء على تجمعات المهاجرين، فيما أوضح أحد المهاجرين أنّه وآخرون، دفنوا أصدقاءهم على الحدود، لافتا إلى أنّهم تعودوا أن يدفنوا في كُـلّ يوم عدداً من الضحايا وبعضهم يقتل بقذائف الهاون. في هذا السياق وأكّـد مهاجرون إثيوبيون للقناة أن “حرس الحدود السعوديّ يقتل يوميًّا قرابة 5 مهاجرين على الحدود ويجرح أضعافهم”.
ويلاقي الإثيوبيون المهاجرون أصناف العناء مع وصولهم إلى الحدود السعوديّة، تنتهي غالبًا بالموت على يد حرس الحدود.

صنعاء تدعو لتحرك دولي

أدان القائم بأعمال وزير حقوق الانسان في صنعاء علي الديلمي جرائم حرس الحدود السعودي بحق المهاجرين الأفارقة، داعيا لتحرك دولي لوقف هذه الجرائم البشعة بحق الإنسانية .
وأوضح الديلمي، في تصريح لقناة المسيرة، أن الوزارة أبلغت المنظمة الدولية لشؤون الهجرة بما يتعرض له المهاجرون الأفارقة في الحدود اليمنية السعودية، لكن للأسف لم تجد أي صدى دولي لما يتعرض له هؤلاء الضحايا.
ودعا الديلمي الحكومة الاثيوبية للتحرك بشكل عاجل لإنقاذ المهاجرين الاثيوبيين وإدانة الجرائم السعودية التي ترتكب بحقهم.
وأكد استعداد وزارة حقوق الانسان لتزويد الجانب الاثيوبي بالوثائق اللازمة التي تؤكد انتهاك السلطات السعودية للقانون الدولي للاجئين واتفاقية 1951 الخاصة بوضع اللاجئين.

جرائم ضدّ الإنسانية

إن الجرائم الجسيمة التي ارتُكبت من قبل السلطات السعودية بحق المهاجرين الافارقة ترقى إلى جرائم ضدّ الإنسانية.
حيث صرحت وأدانت الكثير من المنظمات الحقوقية تلك الانتهاكات التي تقوم بها السلطات السعودية وطالبت العديد من المنظمات بشكلٍ طارئٍ لمحاسبة المتورّطين في ارتكاب هذه الجرائم، بما فيها الاحتجاز التعسّفي، والتعذيب، والقتل، والاضطهاد، والعنف الجنسي والاسترقاق. وفي السياق نفسه طالبت الكثير من المنظمات الدولية إخضاع المتورطين من السلطات السعودية للمساءلة ووضع حدّ لهذه الجرائم المنهجية والمنتشرة على نطاقٍ واسع.

من جهةٍ أخرى تُطرح العديد من التساؤلات حول الجرائم السعودية بحق المهاجرون الافارقة وعن طريقة التعاطي التي تقوم بها الأمم المتحدة في هذا المجال، فتحرك الأمم المتحدة في وضع حد للجرائم السعودية ضعيف جداً حيث إن السعودية سبق وأن ارتكبت العديد من المجازر في اليمن بحق أبناء الشعب اليمني دون حسيب أو رقيب والآن ترتكب أبشع الجرائم بحق المهاجرين الافارقة ولم تحرك الأمم المتحدة ساكناً. فهل يا تُرى أن عدم التحرك الجدي من قبل الأمم قد شجع السلطات السعودية لارتكاب العديد من المجازر؟في السياق نفسه يتساءل البعض ما الذي يجعل السعودية ترتكب هذه المجازر بهذه الطريقة الوحشية رغم أنها تستطيع التعامل مع المهاجرين بطريقة أخرى طبق القوانين والمعايير الدولية؟

ازدواجية واضحة

على مرأى ومسمع الأمم المتَّحدة والعالم يواجه المهاجرين الافارقة الانتهاكات المنهجية والمنتشرة على نطاقٍ واسعٍ.
حيث تقوم السلطات السعودية باستغلال حالة الضعف لدى المهاجرين الباحثين عن السلامة أو عن فرصٍ أفضل، الاستغلال السعودي يتمثل عن طريق الاحتجاز، والاسترقاق، والابتزاز، والتعذيب، والقتل لهؤلاء المهاجرين الافارقة، في هذا الصدد فإن ازدواجية المعايير الدولية تتجلى بشكل واضح تجاه جرائم السلطات السعودية فهل يا تُرى لو ارتكبت هذه الجرائم بحق مواطنين أوربيين سيتعامل المجتمع الدولي والأمم المتحدة بهذه الطريقة معها؟ من الواضح أن الجرائم بحق الأطفال في اليمن وبحق المهاجرين الافارقة التي ترتكب من قبل السلطات السعودية قد كشفت الوجه القبيح للأمم المتحدة وبعض المنظمات الدولية التي تتغنى بحقوق الإنسان والتي عملت مع المجتمع الدولي في كثير من البلدان لإسقاط بعض الأنظمة المخالفة لها تحت ذريعة حقوق الإنسان.

في الختام يمكن القول على الرغم من أنّ الأمم المتحدة و الاتحاد الأوروبي على معرفة بالجرائم السعودية التي ترتكب بحق المهاجرين الافارقة، إلاّ أنّه لم يفعل شيئا وهذا بحد ذاته يطرح العديد من التساؤلات، إلى متى سوف تستمر هذه الانتهاكات ضدّ المهاجرين الافارقة؟ فقد وصلت هذه الجرائم إلى مستوياتٍ صادمة فهل ستُعاقب السعودية وستتحمل المسؤولية عن هذه الجرائم الجسيمة المرتكبة بحق المهاجرين الافارقة وهل سيعمل المجتمع الدولي والأمم المتحدة على اتخاذ خطوات جدية لوضع حدّ لحلقة الانتهاكات التي لا تنتهي.

المصدر : الوقت التحليلي
المادة الصحفية : تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع