السياسية:

 

الهجوم الياباني على بيرل هاربر/shutterstock.

 

 

كان الدخول العسكري للولايات المتحدة الأمريكية في الحرب العالمية الثانية، أكثر اللحظات الحاسمة التي أثرت على مسارها، فقد ساعد ذلك الحلفاء في قلب مسار الحرب، وأجبر دول المحور على التراجع والخسارة في النهاية، لكن ما الأمر الذي دفع أمريكا إلى دخول تلك الحرب؟

كان الهجوم الياباني على ميناء بيرل هاربر الأمريكي، في جزيرة هاواي، والذي وقع في ديسمبر /كانون الأوّل 1941، بمثابة السبب المباشر الذي أجبر الأمريكيين على اتخاذ قرار المشاركة في الحرب العالمية الثانية وتغيير مسارها.

 

قبل هجوم بيرل هاربر.. كيف سعت اليابان إلى استدراج أمريكا إلى الحرب؟

في أواخر ثلاثينيات القرن الماضي، كانت السياسة الخارجية الأمريكية في المحيط الهادئ تعتمد بالأساس على دعم الصين، وبالتالي فإن أي هجوم ياباني على الصين، سيؤدي حتماً إلى دخول اليابان في صراع مع الولايات المتحدة، وعلى هذا الأساس سارت العلاقات بين اليابان والولايات المتحدة.

في وقت مبكر من عام 1931، وسعت حكومة طوكيو سيطرتها على مقاطعة منشوريا الصينية، وفي العام الموالي عزز اليابانيون سيطرتهم على المنطقة بإنشاء دولة مانشوكو التابعة لليابانيين، وذلك حسب الموسوعة البريطانية.

حسب history، كان الاشتباك عند جسر ماركو بولو بالقرب من بكين في 7 يوليو/تموز 1937، إيذاناً ببداية حرب مفتوحة بين اليابان والصين، مما أدى إلى مذبحة نانجينغ وغيرها من الفظائع.

رداً على ذلك، قامت الحكومة الأمريكية بتقديم أول قرض لها إلى الصين عام 1938.

بيرل هاربر
الحرب اليابانية الصينية 1937/wikipedia commons

في يوليو/تموز 1939، أعلنت الولايات المتحدة إنهاء معاهدة سنة 1911، للتجارة والملاحة مع اليابان، وابتداءً من صيف عام 1940، بدأت الولايات المتحدة في تطبيق حظر الصادرات إلى اليابان.

في يوليو/تموز 1941، احتل اليابانيون الهند الصينية بالكامل، ودخلوا في تحالف مع دول المحور، ألمانيا وإيطاليا، حينئذٍ قطعت الحكومة الأمريكية التي كانت تساند الدول الأوروبية في الحرب العالمية الثانية جميع علاقاتها مع اليابان.

تم تجميد الأصول اليابانية، وتم إعلان حظر على الشحنات إلى اليابان من البترول ومواد الحرب الحيوية الأخرى.

في تلك الأثناء، أرادت الحكومة اليابانية التفاوض مع الأمريكان من أجل إيجاد نوع من التفاهم بين البلدين، واستمرت تلك المفاوضات حتى خريف عام 1941، ولم يتضح أنه لم يكن من الممكن التوصل إلى اتفاق.

بحلول أواخر شهر نوفمبر/تشرين الثاني 1941، ومع اقتراب مفاوضات السلام من نهايتها، توقّع المسؤولون الأمريكيون هجوماً يابانياً على جزر الهند ومالايا وربما الفلبين، لم يكن متوقعاً كلياً حسبهم احتمال أن تهاجم اليابان الشرق أيضاً.

فقد كان من الممكن على اليابانيين الوصول إلى قاعدة بيرل هاربر التابعة للأسطول الأمريكي واستهدافها.

وهو ما حدث حين تحرك الأميرال شويتشي ناجومو على رأس أسطول بحري ياباني باتجاه ميناء بيرل هاربر الأمريكي بجزر هاواي في المحيط الهادئ في 26 نوفمبر/تشرين الثاني 1941.

 

هجوم بيرل هاربر.. عندما أرادت اليابان تدمير الأسطول الأمريكي في المحيط الهادئ

 

قبل ذلك، اعتمدت اليابان على سلسلة من الجواسيس الذين زرعتهم طوكيو في جزيرة هاواي، من أبرزهم الجاسوس الياباني تاكيو يوشيكاوا، الذي قاد مهمة محفوفة بالمخاطر منتحلاً هوية مزورة من أجل تزويد بلاده بمعلومات حساسة عن الأميركيين في ميناء بيرل هاربر.

نقل يوشيكاوا آخر تقاريره في رسالة سريّة ليلة الهجوم، كان نصها كالآتي: “السفن الراسية بالميناء، 9 بوارج، 3 طرادات صنف ب، 3 سفن مخصصة لنقل الطائرات المائية، 17 مدمرة إضافة لأربعة طرادات صنف ب و3 مدمرات بصدد دخول الميناء. جميع حاملات الطائرات والطرادات الثقيلة خارج الميناء. لا وجود لأي تحرك مشبوه أو تغيير مرتقب لتركيبة القوات”.

نقلت هذه الرسالة السرية للأدميرال الياباني، إيسوروكو ياماموتو، على جناح السرعة، قبل أن تقع في حدود الساعة 1.20 ليلاً من يوم الهجوم، في يد الأميرال شويتشي ناجومو، قائد حاملة الطائرات اليابانية أكاجي، والتي على ضوئها أصدر أمراً بالهجوم على بيرل هاربر.

حسب kids nationalgeographic، كان من المفترض أن يكون يوم الأحد، 7 ديسمبر/كانون الأوّل 1941، يوم عطلة للجنود الأمريكيين في قاعدة بيرل هاربر البحرية في جزر هاواي، ولكن في الساعة 7:55 صباحاً بتوقيت هاواي، قامت الطائرات المقاتلة اليابانية بشنّ هجوم جويٍّ كبيرٍ دون سابق على أسطول الولايات المتحدة في المحيط الهادئ، وقتلت الآلاف من الأرواح في ذلك اليوم.

في واشنطن، نبّهت رسالة، تم فك تشفيرها، المسؤولين الأمريكيين إلى أن هجوماً يابانياً وشيكاً على ميناء بيرل هاربر، وذلك قبل لحظات من تحليق طائرات فوشيدا في السماء هاواي، لكن تأخير الاتصالات حال دون وصول تحذير إلى بيرل هاربر في الوقت المناسب، كما أضاع الأمريكيون فرصة أخرى عندما استبعد أحد الضباط تقريراً من مشغل رادار في أواهو بأن عدداً كبيراً من الطائرات كانت في طريقها إلى ميناء بيرل هاربر، وذلك حسب national ww2 museum.

كان الهجوم الياباني على بيرل هاربر بمشاركة 353 مقاتلة يابانية انطلقت من 6 حاملات طائرات يابانية، بالإضافة إلى عدة غواصات شاركت في قصف الأسطول الأمريكي الراسي في الميناء وتدمير الطائرات الأمريكية الرابضة على الأرض.

وانتهى الهجوم بعد ساعة ونصف من بدايته، ونتج عنه غرق 4 بوارج حربية أمريكية وتدمير 4 بوارج أخرى، وغرق 3 طرادات بحرية و3 فرقاطات وسفية زارعة ألغام بحرية، بالإضافة إلى تدمير 188 طائرة أمريكية. وأسفرت الهجمات عن مقتل ألفين و402 شخص وجرح ألف و282 آخرين.

فيما كانت الخسائر اليابانية قليلة لا تُذكر، إذ تحطمت 29 طائرة يابانية، وغرقت 4 غواصات قزمية، فضلاً عن مقتل وإصابة 65 جندياً فقط.

وأتبع اليابانيون على الفور هجومهم على بيرل هاربر بهجمات أخرى ضد القواعد الأمريكية والبريطانية في الفلبين، وغوام، جزيرة ميدواي، جزيرة ويك، ومالايا، وهونغ كونغ، وفي غضون أيام قليلة، أصبح اليابانيون أسياد المحيط الهادئ.

 

تسبّب الهجوم على بيرل هاربر في دخول أمريكا الحرب واستسلام اليابان فيما بعد

في البيت الأبيض، علم الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت بالهجوم على ميناء بيرل هاربر، بينما كان ينهي غذائه. فأمضى ما تبقى من ذلك اليوم في تلقي التحديثات وكتابة الخطاب الذي سيلقيه في الكونغرس في اليوم التالي من أجل المطالبة بإعلان الحرب ضد اليابان.

أثناء صياغة الخطاب ركز روزفلت على حشد الأمريكيين وراء حرب كان الكثير منهم يأملون في تجنبها.

في 8 ديسمبر/كانون الأول 1941، وبعد يومٍ على الهجوم الياباني الساحق على بيرل هاربر، ألقى الرئيس فرانكلين روزفلت خطاباً أمام الكونجرس الأمريكي.

قال روزفلت في خطابه، “بالأمس، 7 كانون الأول /ديسمبر 1941، تعرضت الولايات المتحدة الأمريكية لهجوم مفاجئ ومتعمّد من قبل القوات البحرية والجوية لإمبراطورية اليابان”.

 

خطاب الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت في 8 ديسمبر/ كانون الأول 1941 ، الذي أعلن فيه الحرب على اليابان رداً على هجوم بيرل هاربر/wikipedia commons

وتابع قائلاً: “بغضّ النظر عن الوقت الذي قد يستغرقه الأمر للتغلب على هذا الغزو المتعمّد، فإن الشعب الأمريكي بقوته سوف ينتصر، أعتقد أنني أفسّر إرادة الكونغرس والشعب عندما أؤكد أننا لن ندافع عن أنفسنا فقط إلى أقصى حد، ولكننا سنتأكد تماماً من أن هذا الشكل من الخيانة لن يعرضنا للخطر مرة أخرى “.

في نفس اليوم، وافق الكونغرس على إعلان روزفلت الحرب على اليابان، وبعد 3 أيام، أعلن حلفاء اليابان، ألمانيا وإيطاليا، الحرب ضد الولايات المتحدة.

للمرة الثانية، رد الكونغرس بالمثل، وأعلن الحرب على ألمانيا وإيطاليا، وبعد أكثر من عامين على اندلاع الحرب العالمية الثانية، دخلت الولايات المتحدة الأمريكية الحرب رسمياً، فبعد الهجوم على بيرل هاربر، ولأول مرة، توحد الشعب الأمريكي في تصميمه على خوض هذه الحرب.

وبالرغم من الخسائر الكبيرة التي تعرضت لها الولايات المتحدة الأمريكية في هجوم بيرل هاربر، فإنّ الفشل الياباني في تحقيق هدف الهجوم، والرامي إلى تدمير الأسطول الأمريكي في المحيط الهادئ كلياً، إذ فشل الهجوم الياباني في تدمير خزانات الوقود والذخيرة ومنشآت الصيانة وأرصفة الغواصات، فضلاً عن حاملات الطائرات الأمريكية التي غادرت قبل الهجوم بساعات قليلة. الأمر الذي مكّن الولايات المتحدة من إعادة بعث أسطولها في المحيط الهادي بسرعة كبيرة، وتحقيق انتصار ساحق في معركة “ميدواي” في يونيو/حزيران 1942، وتغيير دفة الحرب في المحيط الهادئ، وذلك حسب history navy mil.

قبل الهجوم، كان اليابانيون يريدون إقناع الولايات المتحدة بالاتفاق على رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليهم ؛ وبدلاً من ذلك، دفعوا خصمهم إلى صراع عالمي أدى في النهاية إلى احتلال اليابان الأول من قبل قوة أجنبية، حين أجبرت الولايات المتحدة الأمريكية اليابان في نهاية الحرب على الاستسلام بعد استهدافها بقنبلتين ذريتين.

 

المصدر : عريي بوست
المادة الصحفية : تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع