السياسية:
رشيد الحداد*

على رغم حالة التوتّر المتصاعدة بين حكومتَي صنعاء وعدن، منذ أواخر الأسبوع الماضي، على خلفيّة عملية ميناء الضبة، إلّا أن المساعي الإقليمية والدولية الهادفة إلى إعادة تثبيت الهدنة، لم تتوقّف. وبحسب مصادر ديبلوماسية مطّلعة تحدّثت إلى «الأخبار»، فإن تلك المساعي، خصوصاً العُمانية منها، عادت لتتكثّف في أعقاب العملية، خصوصاً في ما يتّصل بملفّ المرتّبات الذي لا يزال عالقاً، فيما تشهد مسقط مفاوضات غير مباشرة بين وفدَي «أنصار الله» والسعودية، في ظلّ غياب ممثّلي الحكومة الموالية للأخيرة. وكانت مساعِدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى، بابارا ليف، زارت السلطنة منتصف الأسبوع الجاري، وأشادت بالجهود التي تبذلها لـ«تعزيز الاستقرار في اليمن»، والتي «لا يمكن الاستغناء عنها»، مشدّدة على أن «تمديد الهدنة هو السبيل الوحيد لضمان دفْع المرتبات وحرية الحركة لليمنيين عبر الطرقات والموانئ والمطارات وإنهاء العنف».

وجاء هذا الموقف متّسقاً مع مجمل المواقف الدولية والإقليمية التي شدّدت على ضرورة استمرار وقف إطلاق النار، خلافاً لدعوة ما يسمى بـ«المجلس الرئاسي» المدعوم من الرياض إلى الردّ على عملية الضبة، ومطالبته بإعادة تصنيف «أنصار الله» كـ«منظّمة إرهابية»، وتلويحه بنفْض يده من الهدنة، والانسحاب من «اتفاقات استكهولم». إذ اكتفت الرياض وأبو ظبي بإصدار بيانات إدانة للعملية، فيما دعا «مجلس التعاون الخليجي» إلى «وقف التصعيد والإسهام في إنجاح الجهود الإقليمية والأممية الهادفة إلى إحلال السلام»، وهو ما دفع رئيس البرلمان الموالي للرياض، سلطان البركاني، إلى مهاجمة المجلس، واتّهام «التحالف» بـ«التصدّق بالسلام» على «الرئاسي» وحكومته، ووصْف مقترحات التهدئة بـ«الملهاة». وأتت تلك الاتهامات على خلفيّة قيام وزارة الخارجية في الحكومة الموالية للتحالف بتكثيف التواصل مع جميع الدول والحكومات المعنيّة، وتحريضها على اتّخاذ موقف من الهجوم بوصْفه «تهديداً للملاحة البحرية، وتعريضاً لأمن البحرَين الأحمر والعربي للخطر»، من دون أنْ تلْقى الردّ الذي كانت تأمله. كذلك، يعكف «الرئاسي»، منذ أيام، على إعداد برنامج اقتصادي تصعيدي ضدّ صنعاء، وهو ما قوبل شعبياً بالتقليل من أهمّيته، بوصْف المجلس لا يملك، منفرداً، القدرة على تنفيذه.

تشهد مسقط مفاوضات غير مباشرة بين وفدَي «أنصار الله» والسعودية

في هذا الوقت، وفي إطار استمرار جهود التهدئة، وصل وفد عسكري وأمني من مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبيرغ، أوّل من أمس إلى مدينة عدن، برئاسة المستشار العسكري لغروندبيرغ، أنتوني هايورد، وعضويّة تورسين أهرن، مستشارة الأمن في المكتب. وحذر الوفد، خلال لقاءاته مع مسؤولي الحكومة الموالية للرياض، من تداعيات أيّ خروقات لاختراق وقف إطلاق النار، منبّهاً إلى أن هكذا خروقات لن تنسف الهدنة فحسب، بل كلّ الجهود المبذولة لوقْف الحرب. في المقابل، جدّدت حكومة صنعاء، على لسان وزير خارجيتها هشام شرف الذي التقى عدداً من المسؤولين الأمميين من بينهم منسّق المنظّمة الدولية ديفيد غريسلي، استعدادها للموافقة على تمديد الهدنة إذا كانت «بهدف تهيئة الظروف للوصول إلى تسوية سياسية شاملة»، مُكرّرة المطالَبة بـ«دفع مرتّبات الموظفين من دون استثناء، ورفع كافة العراقيل عن سفن الوقود وسفن الغاز المنزلي القادمة إلى ميناء الحديدة، ورفع الحصار المفروض على المطارات».

* المصدر: الاخبار اللبنانية

* المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع