غاز غزة: آمال معلقة منذ أكثر من عشرين عاماً
السياسية:
“تبخرت آمالنا وكل أحلامنا وشعرنا بالإحباط عقب اندلاع انتفاضة الأقصى الثانية وهو الأمر الذي وضع حدا لإمكانية استكمال مشروع استخراج غاز غزة، وتحديدا من حقل مارين 2، الذي قام بافتتاحه الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في سبتمبر من العام 2000″، يقول الصياد الخمسيني زكريا بكر، وهو أحد الذين حضروا مراسم الاحتفال بعد توقيع اتفاق رسمي بين السلطة الفلسطينية وشركة “بريتش غاز” البريطانية لتتولى الأخيرة مهمة استخراج الغاز ومساعدة الفلسطينيين في تسويقه والاستفادة منه.
وفقا لبكر، استقل ياسر عرفات سفينة تحمل اسم “جندلي”، أثناء توجهه إلى منطقة حقول الغاز، للإعلان عن افتتاح حقل غاز “غزة مارين”، وكانت ترافقه مجموعة من قوارب وسفن الصيادين، رافعة الأعلام الفلسطينية وتحمل على متنها وفودا أجنبيه ومحلية.
ويشير عدد من الكتاب والمراقبين المحليين إلى أنه وفي أعقاب فشل المشروع قام الطيران الحربي الإسرائيلي، في إحدى جولات التصعيد مع غزة، بقصف المركب “جندلي” وتدميره عام 2004.
ويضيف بكر، وقد بدت عليه علامات الحسرة والألم، بأن الدبابات والآليات العسكرية الإسرائيلية الثقيلة قامت أيضاً بتدمير أساسات وقواعد الميناء البحري الذي كانت تنوي السلطة الفلسطينية البدء بتشييده في منطقة البيدر على الشاطئ وسط القطاع في سبتمبر من العام 2000، وهو ما أدى لتلاشي وتبخر الآمال بوجود كيان فلسطيني مستقل وغني، على حد تعبيره.
“هبة الله للفلسطينيين” و”ستصبح غزة كسنغافورة”
وصف ياسر عرفات اكتشاف الغاز قبالة شواطئ غزة، على بعد 36 كيلو متراً، وبعمق 650 متراً تحت المياه، بـ”هبة الله للفلسطينيين”، واعداً بأن تتحول غزة إلى سنغافورة.
وتم الإعلان حينها عن اكتشاف حقلين للغاز الطبيعي، “مارين 1″ و”مارين 2”.
وقدر أستاذ علم الاقتصاد في جامعة الأزهر في غزة، الدكتور سمير أبو مدللة، مخزون هاذين الحقلين بأكثر من 32 مليار متر مكعب، وأشارت القراءات إلى أن الحقل “مارين 1” يقع ضمن الحدود المائية ما بين غزة وكيان إسرائيل، وهو ما جعل الأخيرة تضع يدها عليه مباشرة، أما حقل “مارين 2” فيقع ضمن المياه الإقليمية للقطاع، ولا تزال إسرائيل تمنع الفلسطينيين من الوصول إليه.
كيان إسرائيل “تخشى قصف حماس” لحقول الغاز
قال مسؤول في وزارة الاقتصاد التابعة لحكومة حركة حماس في غزة لبي بي سي، والذي فضل عدم ذكر اسمه، إنه وبالتزامن مع المطالبات الفلسطينية من قبل مختلف الأطراف في القطاع والتي زادت مؤخرا في ظل أزمة الطاقة العالمية بضرورة العمل بكافة الطرق من أجل استخراج غاز غزة والاستفادة منه، فإن كيان إسرائيل لجأت إلى مصر من أجل حثها على لعب دور الوسيط في التفاوض مع السلطة الفلسطينية بشأن غاز غزة.
وأضاف المسؤول بأن الاتفاق يتضمن أيضاً “العمل على تحييد حركة حماس، وهو ما بدى أنه تفاوض غير حقيقي ولا يهدف إلى التوصل إلى حل بقدر ما يهدف إلى قيام مصر بلجم الحركة للحيلولة دون تفكيرها في قصف حقول الغاز بالصواريخ”، إذا ما ترسخت لديها قناعة بأنها ستحرم من الفائدة أو من السيطرة على الغاز المستخرج.
وفي رد على سؤال لبي بي سي حول ما إذا كانت إسرائيل ستسمح للفلسطينيين باستخراج الغاز، علقت وزارة الطاقة الصهيونية بالقول إنها تلقت طلباً منذ حوالي ستة أشهر للمضي قدما في تطوير خزان غزة البحري، لكن وزيرة الطاقة، كارين إلهرار، “قررت في يوليو، في ضوء الإعلان عن الانتخابات في كيان إسرائيل، أن يُعرض القرار بشأن كيفية المضي قدماً في هذه القضية على الحكومة المقبلة”.
وأكدت وزارة الطاقة الصهيونية وجود اتفاق جديد فعلا بين مصر والسلطة الفلسطينية للدفع قدما بقضية استخراج غاز غزة، لكنها لم تبين تفاصيله.
محاولات حماس لاستخراج غاز غزة
بعد سنوات من سيطرتها على قطاع غزة، أجرت حركة حماس عدة محاولات للوصول إلى حقول الغاز البحري واستخراجه، وذلك بإمكانيات متواضعة وبخبرات محلية، لكن تلك المحاولات جميعها باءت بالفشل بسبب عدم مقدرة الحركة على تطوير آلياتها ومعداتها جراء الحصار الصهيوني والذي يمنعها من استيراد ما قد تحتاجه في هذا المجال.
لكن المسؤول في وزارة اقتصاد الحركة كشف بأنهم قاموا بأخذ عينات من البحر في منطقة وسط القطاع وأشار أنه بالفعل جرى اكتشاف وجود حقول أخرى.
وقدر عدد الحقول المتوقعة بثمانية حقول، ومؤخرا بدأت حركة حماس حراكا شعبيا وفصائليا من أجل تسليط الضوء على غاز غزة مجددا وذلك بالتزامن مع أزمة الطاقة العالمية، وقامت بتنظيم تجمع كبير في ميناء غزة ورفعت شعارات كبيرة منها “غازنا حقنا”.
يقول الدكتور سمير أبو مدللة، إن هناك كنزاً اقتصادياً بالقرب من سواحل غزة، “ولكن للأسف كيان إسرائيل ستعرقل أي مشروع من شأنه أن يساهم في تحسين ظروف الفلسطينيين الاقتصادية والمعيشية”.
وأضاف أبو مدللة بأن قطاع غزة، الذي يعاني من أزمة خانقة وحادة في الكهرباء، يجب أن يكون من أول المستفيدين من استخراج الغاز الطبيعي، كما أن الحصول عليه سيوفر ملايين الدولارات التي تدفعها السلطة سنويا لشراء الكهرباء من كيان إسرائيل، على حد قوله.
وأشار أبو مدللة إلى أن الاقتصاد الفلسطيني “يتبع لإسرائيل” بفعل الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين، خاصة اتفاقية باريس الاقتصادية.
ويضيف أبو مدللة بأن الاتفاقية، التي تعتبر ملحقاً لاتفاق أوسلو للسلام الذي تم توقيعه بين السلطة الفلسطينية والعدو الإسرائيلي عام 1993، تشير ضمن بنودها إلى حق كيان إسرائيل في التحكم بكافة عمليات الاستيراد والتصدير التي تنفذها السلطة الفلسطينية، وبالتالي التحكم في كميات وأنواع المواد بالإضافة إلى تحصيل ضرائب ورسوم عليها.
يضاف إلى ذلك، تحديد الكيان لمسافة الصيد البحري في بحر غزة، وأيضا اشتراط موافقتها على بناء أي مصنع في القطاع، وهو ما يعني حرمان الفلسطينيين من حقهم في حرية الحركة التجارية، وفقا لأبو مدللة.
وقد حاولت بي بي سي التحدث مع منسق أعمال الحكومة الصهيونية في المناطق الفلسطينية، بشأن ملف الغاز في غزة، إلا أنه رفض التعليق.
المصدر : بي بي سي
المادة الصحفية : تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع