السياسية:

خلال الفترة القليلة الماضية تم انتهاء موعد الهدنة التي كانت قائمة في اليمن بين حركة أنصار الله وبين تحالف العدوان الذي تفوده السعودية، فمن الجدير بالذكر أنه كان هناك تحركات دولية وأممية وحتى عربية من أجل إتاحة المجال لتمديد الهدنة لفترة قادمة، طرحت قيادة أنصار الله شروطا للموافقة على تمديد الهدنة وهي شروط أساسية كان لا بد لتحالف العدوان أن يلتزم بها ولكن منذ توقيع أول هدنة في اليمن، وكما هي العادة فالتحالف السعودي لم يلتزم بأي قرار يتم التوافق عليه حيث إنه خرق كل هدنة كان يتم التوقيع عليها، هذا هو التعنت السعودي والتهرب من الوفاء بالاتفاقيات التي يوقع عليها، قبل انتهاء الهدنة أجرت قيادة الجيش اليمني عدداً من العروض العسكرية والتي أبدت فيها استعدادها للمواجهة إذا ما انتهت الهدنة وأعادت السعودية قصفها لليمن واستمرت في حصار الشعب اليمني.

انتهت الهدنة ولم يقبل التحالف السعودي شروط قيادة أنصار الله المقدمة من أجل تمديد الهدنة في اليمن، هنا ظهر الوجه القبيح للسعودية حيث إن عدم القبول بتلك الشروط والتي تعتبر أساسية للشعب اليمني، فضح التوجه السعودي في عدم الرغبة بالتخفيف من المأساة التي تسببت بها في اليمن. بعد عدم القبول بتمديد الهدنة عادت السعودية من جديد للتخبط حيث عملت لإصدار قرار من الولايات المتحدة الأمريكية لإعادة تصنيف حركة أنصار الله كمنظمة إرهابية.

تصنيف حسب المصالح الأمريكية والغربية

في عهد الرئيس السابق للولايات المتحدة الامريكية تم تصنيف حركة أنصار الله كحركة “إرهابية” في اليمن، جاء ذلك التصنيف بعد سعي دبلوماسي إماراتي سعودي حيث اعتمد مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة قراراً بتصنيف حركة أنصار الله  “جماعة إرهابية”، وإدراجها في قائمة العقوبات، وفرض حظر تصدير الأسلحة لهم، وإضافة إلى قرار التصنيف “جماعةٍ إرهابية”، فقد فرض مجلس الأمن أيضاً حظر أسلحة على الجماعة،  ليشمل جميع أذرع حركة أنصار الله ، بعدما كان مقصوراً على أفرادٍ وشركات محددة. قامت الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة أيضاً باتخاذ المزيد من التدابير وقالت إنها تهدف إلى الحد من القدرات العسكرية لجماعة أنصار الله.

قرار  الرئيس الأمريكي السابق ترامب بتصنيف حركة أنصار الله “جماعة إرهابية”، تم الغاؤه فوراً بعد وصول الرئيس الأمريكي الحالي بايدن إلى رئاسة الولايات المتحدة الامريكية وهنا تباينت وجهات النظر في صحف عربية حول قرار الولايات المتحدة الأمريكية رفع حركة “أنصار الله” في اليمن من قائمة الجماعات الإرهابية الأجنبية حيث قالت العديد من الصحف إن هذا القرار بحد ذاته يظهر “تناقضاً” في الموقف الأمريكي تجاه ما يحدث في اليمن، بينما في الواقع أظهرت التحليلات السياسية أن ترامب في الواقع كان أكثر قرباً للسعودية من الرئيس الذي جاء بعده، في الوقت ذاته أظهرت التحليلات السياسية أن السياسة العامة للولايات المتحدة كلها تصب في خدمة الولايات المتحدة الامريكية.

ما الذي تريده السعودية

طالبت السعودية الثلاثاء الماضي 18 أكتوبر، المجتمع الدولي بتصنيف حركة “أنصار الله” في اليمن “جماعة إرهابية” ودعا مجلس الوزراء السعودي خلال اجتماعه، المجتمع الدولي إلى تصنيف أنصار الله “جماعة إرهابية” ومقاطعتهم وتجفيف منابع تمويلهم حسب وصفه. من ناحية أخرى “جدد المجلس التأكيد على استمرار المملكة في دعم الجهود الدولية لإحلال السلام في اليمن، وأتت تلك الدعوة السعودية بعد أيام من زيارة وفد سعودي الى صنعاء، ووفد يمني آخر من صنعاء الى الرياض، لمناقشة موضوع الأسرى بين الطرفين حسب ما تم الإعلان عنه.

بعد التحرك السعودي الإماراتي اعتمد مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة قراراً بتصنيف حركة أنصار الله كجماعة إرهابية، وإدراجها في قائمة العقوبات، وفرض حظر تصدير الأسلحة لهم. واضافة إلى قرار التصنيف كحركة إرهابية، فقد فرض مجلس الأمن أيضاً حظر أسلحة على الجماعة، ليشمل جميع أذرع حركة “أنصار الله”، بعدما كان مقصوراً على أفرادٍ وشركات محددة. قامت الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة أيضاً باتخاذ المزيد من التدابير الهادفة إلى الحد من القدرات العسكرية لحركة أنصار الله.

فشل وتخبط سعودي

من الواضح أن قرار إعادة تصنيف أنصار الله “حركة إرهابية” جاء بعد الفشل الذي تلقته السعودية في اليمن من حيث القدرات العسكرية فرغم الحصار القائم على اليمن إلا أن القوات المسلحة اليمنية استطاعت أن تحقق انتصارات كبيرة من حيث تطوير قدراتها العسكرية في الداخل اليمني. ومع التوجه الكبير الذي سعت اليه أنصار الله من أجل التحرك نحو إيجاد حل سلمي وسياسي لإنهاء العدوان السعودي والذي قُوبل بتعنت سعودي ظهرت الحقيقة جلية أن الرغبة السعودية لا تريد لليمن العيش بسلام بل إن السعودية ومن معها يسعون إلى تقسيم اليمن إلى دويلات صغيرة جداً.

في السياق نفسه يمكن القول إن الشروط الأخيرة التي قدمها أنصار الله من أجل تمديد الهدنة كانت شروطا أساسية لتخفيف المعاناة عن الشعب اليمني، ولكن من الجانب الاخر “التحالف السعودي” لم يهتم لذلك، فبعد الفشل السعودي سعت السعودية لإصدار قرار من مجلس الامن والولايات الامريكية من أجل أعادة تصنيف حركة أنصار الله “جماعة إرهابية”. الفشل السعودي الذي بات واضحاً من خلال التحرك الأخير يثبت أن هناك تخبطا سعوديا واضحا في قيادة التحالف فهي مرة تنادي بالعمل من أجل السلام ومن ناحية أخرى تصنف خصومها على انهم “جماعة إرهابية”. هذا التخبط والفشل السعودي يطرح العديد من التساؤلات حول نية السعودية في اليمن وما الذي يسعى اليه التحالف السعودي؟

القرار ليس له تأثير على أنصار الله وإنما يعقد المشهد ويؤخر العملية السلمية في اليمن

سادت حالة من الارتباك في المشهد السياسي الدولي المتعلق باليمن بعد قرار السعودية المطالبة في تصنيف أنصار الله منظمة إرهابية. حيث يرى مراقبون أن هذا القرار سياسي ويعقد المشهد ويؤخر العملية السلمية ووقف الحرب ولن يكون له تأثير يذكر على حركة أنصار الله ولن يستفيد منه ما يسمى “مجلس القيادة الرئاسي، التابع للسعودية، فالقرار مليء بالمتناقضات، ففي الوقت الذي يعاد تصنيف حركة أنصار الله كجماعة إرهابية يدعوها السعوديون للتفاوض، وعلى ما يبدو أن التخبط في السياسة السعودية بل السياسة الخارجية الأمريكية أصبح يلقي بظلاله على الملفات الإقليمية.

ما تجدر الإشارة اليه وطبقاً للقانون الدولي ومنظمة الأمم المتحدة أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تملك الحق في أن تطلق أي توصيف بشكل عام على أي دولة، فما بالك بتوصيف “الإرهاب”، هذا التوصيف الذي لم يتوصل العالم إلى الآن إلى توصيف قاطع بشأنه. في الحقيقة يرى مراقبون أن هذا القرار الأمريكي كما تم التصريح به يدل على أن واشنطن لا تريد استقرار اليمن أو أن تنتهي الحرب ويعم الصلح والسلام، نظرا لأن القرار يأتي في الوقت الذي تسعى فيه حركة أنصار الله لإعادة عجلة السلام عن طريق المشاورات.

في الختام هذا القرار لن يكون له تأثير  على قيادة أنصار الله وإنما سيؤثر على الوضع الإنساني والمساعدات والمعونات وأيضا على الصادرات والواردات من اليمن، لكن في الواقع وكما تم ذكره مسبقاً لن يؤثر كثيرا على واقع الحرب والحياة اليومية، لأن اليمن تعيش منذ 6 سنوات حربا شعواء وحصارا خانقا. فتأثير التوصيف الأمريكي على فرص التفاوض والسلام يؤكد أن هدف القرار ضد أنصار الله هو الضغط عليهم للجلوس إلى طاولة التفاوض من أجل السلام ووقف الحرب، لا شك أن هذا القرار به نوع من الحماقة والغباء، فكيف تقوم بتصنيف أنصار الله منظمة إرهابية ثم تقول لهم اجلسوا للتفاوض، بكل تأكيد هي إحدى حماقات إدارة السياسات الأمريكية التي تقوم بها، فعلى ما يبدو هم يريدون من وراء هذا القرار إرضاء الدول الخارجية التي دفعت كثيرا ومولت ودفعت لتلك الإدارة.

هناك تخبط كبير في اتخاذ القرار فلو كان النظام الأمريكي عاقلاً ويريد تحقيق السلام في المنطقة والعالم لما اتخذ مثل هذا القرار الذي جاء إرضاء للممولين في السعودية والإمارات. إن التصنيف الأمريكي لحركة أنصار الله “منظمة إرهابية”، لن يكون له تأثير على مجريات الأحداث، وهو تغطية على فشل التحالف السعودي . فهذا الإجراء يعتبر محاولة أخيرة من التحالف الفاشل الذي مارس الإرهاب والحصار بحق الشعب اليمني دون مسوغ قانوني، كما أن أمريكا التي دعمت العدوان وباعت الأسلحة المحرمة دوليا للسعودية هي عين الإرهاب. في الحقيقة هذا القرار لن يبقي أنصار الله معزولين عن العالم وإنما سيضع النظام والقانون الدولي أمام رهان خاسر، وسيجعل المنطقة برمتها غير خاضعة لمثل هذا التصنيف الأمريكي، وسوف يُكسر هذا التصنيف على مستوى المنطقة والعالم، فالواقع الميداني عسكريا، فوجود حركة أنصار الله كقوة مؤثرة لا يمكن تجاوزها أو تصنيفها حسب رغبة أمريكا أو غيرها”.

* المصدر: موقع الوقت التحليلي

* المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع