السياسية: فريد عبدالله *

بينما اجرت القوات البرية للحرس الثوري مناورات ضخمة في منطقة ارس (قرب الحدود مع جمهورية اذربيجان) تتبادر الى الاذهان اسئلة عن سبب اجراء هذه المناورات في هذه المنطقة وفي هذا التوقيت بالذات.

ليس خافيا ان جميع الدول تتمتع بحق اجراء مناورات عسكرية على أراضيها للتدريب ورفع مستوى الجهوزية واختبار اسلحة جديدة لكن اجراء المناورات بالقرب من حدود البلاد يوجه الأنظار الى ما خلف الحدود هناك والقضايا التي تجري في تلك المنطقة.

خلال الشهور الماضية اكد كبار المسؤولين الايرانيين بأن التغيير الجيوسياسي للحدود بين ارمينيا واذربيجان (بالطريقة التي تريدها اذربيجان ومن ورائها تركيا والناتو والكيان الصهيوني) امر مرفوض جملة وتفصيلا كما اكد ذلك مسؤولون عسكريون ايرانيون ايضا.

القضية هي طموح أذربيجاني بالسيطرة على حدود ارمينيا مع ايران وهكذا ستصبح الحدود البرية بين ايران وأرمينيا ، حدودا بين ايران واذربيجان ، وبينما كانت ايران ترتبط مع القوقاز وشرق اوروبا وروسيا برا عبر ارمينيا ، سيؤدي هذا التغيير في الحدود الى قطع هذا الارتباط ولذلك خطورة بالغة ومن جملتها :

*ستقطع اذربيجان (الحليفة مع تل ابيب وانقرة وواشنطن والناتو) الطريق البري الرابط بين ايران والشمال ويصبح ممر شمال – جنوب الحيوي في مهب الريح.

*الجوار الإيراني الأرميني الممتد منذ آلاف السنين يصبح بحكم المنسي.

*ستتمكن رأس حربة الناتو في هذه المنطقة أي تركيا من مد ذراعها عبر اذربيجان نحو بحر قزوين وتركمنستان ودول آسيا الوسطى هناك (معظمهم يتكلمون اللغة التركية) والمعلوم ان تركيا نسجت خيوط العلاقات مع هذه الدول منذ سنوات والهدف هو جر هذه الدول التي كانت محسوبة على روسيا نحو المعسكر الغربي.

*اذا نجح هذا المخطط التركي الاميركي الصهيوني فيكون الغرب قد غرز رمحه في قلب مناطق الشرق وسيصبح هذا الجسر الممتد من تركيا نحو الحدود الصينية سيفا مسلطا وبتارا في شمال ايران وجنوب روسيا وغرب الصين.

*المحاولات الاميركية للتوغل اكثر في آسيا الوسطى (بعض دول ىسيا الوسطى بدأت تعزف معزوفات ضد روسيا) تبدأ من أذربيجان وايجاد ممر بري لهذا المخطط التوغلي الهام امر حيوي وهذا الممر هو أذربيجان ومن يقطع الطريق الان جغرافيا، هي أرمينيا.

خلال الفترة القصيرة الماضية زارت رئيسة مجلس النواب الاميركي نانسي بيلوسي ارمينيا وصدرت مواقف من الرئاسة الفرنسية تجاه ارمينيا وكلها توحي بأن هناك مسعى غربيا لجر أرمينيا نحو الغرب بعد ان استنجدت ارمينيا بروسيا وايران لدرء العدوان الاذربيجاني، والبوابة هي انتماء الارمن الى العالم المسيحي ومن هذا الباب يتغلغل الغرب لعله ينجح في فرض التازل عن الاراضي على الأرمن.

هذا المخطط الكبير للناتو يقف الان في محطة أذربيجان واذا نجحت باكو في تنفيذ الجزء الموكل اليها تكون قد فتحت بوابة آسيا الوسطى للناتو وجهزت له ممرا بريا.

ولذلك اعلنت ايران بأنها لن تسمح بمرور هذا المخطط ولذلك يمكن القول ان حشد قوات الحرس الثوري في منطقة ارس وقرب الحدود مع اذربيجان (في السابق ايضا انتشر لواء مؤلل للجيش الايراني في هذه المنطقة وما زال هناك) هي رسالة تنطلق من منطقة ارس الى الغرب المتحشد كله في هذه الايام ضمن المعركة التي يقودها الناتو في العالم.

المصدر: وكالة أنباء فارس