هل يصبح الغاز الجزائري بديلا عن الغاز الروسي في أوروبا؟
السياسية:
أزمة الغاز التي فرضها واقع الحرب الروسية على أوكرانيا فتحت أمام الجزائر أبواباً جديدة مع دول الاتحاد الأوروبي التي تسعى جاهدةً إلى حل للخروج من مأزق نقص موارد الطاقة.
ولكن هل الغاز الجزائري هو الحل؟
الإجابة تكمن في ما تمخضت عنه الاجتماعات السنوية للحوار السياسي، التي كان آخرها الاجتماع الرابع بين وفد المفوضية الأوروبية والحكومة الجزائرية التي عقدها الجانبان في الجزائر العاصمة منذ أيام.
لم تقتصر محادثات هذا الاجتماع على إمدادات الغاز، بل كان العنوان الأبرز هو التعاون في مجالات الطاقة المتجددة.
وجرى الاجتماع في إطار تنفيذ مذكرة التفاهم بشأن الشراكة الاستراتيجية بين الجزائر والاتحاد الأوروبي في مجال الطاقة، الموقعة عام 2013.
ماذا يمكن أن تقدم الجزائر؟
يقول الأستاذ الجامعي الجزائري وخبير الطاقة الدولي، مراد برور، إن الشراكة التي يجب أن تتحقق لتكون ذات جدوى ويمكن الاستفادة منها بأوسع شكل لا يجب أن تكون مؤقتة وتابعة للظروف كما هي الحال الآن، وإنما أن تقوم على استراتيجية متكاملة بعيدة المدى:
“يمكن للجزائر أن تصدر 10 مليار متر مكعب إضافية من الغاز إلى أوروبا، لكنها كذلك يمكن أن تصدر الكهرباء الخضراء. فالإنتاج الذي كان موجهاً للطلب الداخلي فقط يمكن أن يتوجه للصادرات من خلال التعاون ما بين المؤسسات الوطنية الجزائرية ومؤسسات أوروبية لتغطية هذا الجانب وجوانب أخرى”.
أما حجم إنتاج الغاز الطبيعي في الجزائر فيبلغ 6،491،744 مليون قدم مكعب سنويًا اعتبارًا من 2015، لتحتل المرتبة الخامسة في العالم.
ويبلغ الاستهلاك الداخلي 1،457،626 مليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي سنويًا اعتبارًا من عام 2017. لتكون في المرتبة 26 في العالم من حيث استهلاكه بنسبة 1.1٪ من إجمالي الاستهلاك العالمي البالغ 132.290.211 مليون قدم مكعب.
وتصدر الجزائر 24٪ من إنتاج البلاد من الغاز الطبيعي البالغ 1،533،342 مليون قدم مكعب في 2015.
ولدى الجزائر 159 تريليون قدم مكعب من احتياطيات الغاز، وتمثل حوالي 2 ٪ من إجمالي احتياطيات الغاز الطبيعي في العالم.
مشاريع في حيّز التنفيذ
وأعلنت شركة سوناطراك الجزائرية بالتزامن مع الاجتماع السنوي الأخير عن رفع قدراتها الإنتاجية من الغاز بعد دخول حقلي بركين شمال حيز الإنتاج في تموز/ يوليو من عام 2022، ضمن عقدها مع شركة إيني الإيطالية العام الماضي، بموجب قانون المحروقات الجديد لتصديره لكل من إيطاليا وإسبانيا.
ويحتل قطاع الطاقة مكانة هامة للغاية في العلاقات الاقتصادية بين الاتحاد الأوروبي والجزائر. فالجزائر هي ثالث أكبر مورد للغاز الطبيعي إلى دول الاتحاد، في حين أن الأخير هو أهم سوق للغاز الجزائري.
منذ عام 2015 ، سعت الشراكة الاستراتيجية بين الاتحاد الأوروبي والجزائر في مجال الطاقة إلى تعزيز الطاقات المتجددة وكفاءة الطاقة وتشجيع الاستثمار.
شراكة عمرها 20 عاماً
لكن مسيرة التعاون الجزائري الأوروبي بدأت قبل ذلك بكثير، فقد تم تحديد الإطار العام للتعاون بين الاتحاد الأوروبي والجزائر من خلال اتفاقية الشراكة المبرمة سنة 2002 ، والتي دخلت حيز التنفيذ سنة 2005، رغم توجيه انتقادات أوروبية وقتها للعمليات الانتخابية ووضع حقوق الإنسان في الجزائر.
حددت هذه الاتفاقية كافة مجالات التعاون بين الطرفين، لتعرب الجزائر رسميًا في عام 2015 عن استعدادها لإعادة تقييم اتفاقية الشراكة معتبرةً إياها غير متوازنة.
وأسفرت المفاوضات التي أعقبت ذلك عن المصادقة على أولويات الشراكة في مجلس الشراكة العاشر الذي عقد في بروكسل في 13 مارس 2017.
الجهود المحلية
يُعَدّ قطاع إنتاج النفط والغاز في الجزائر عاملًا رئيسًا في نمو الاقتصاد المحلي، إذ تأتي البلاد في المركز الأول أفريقيًا بقائمة أكبر الدول المنتجة للغاز على مستوى القارة، وفي المركز الثالث عربيًا بعد قطر والسعودية.
وبحسب بيانات شركة النفط البريطانية بي بي، ارتفع إنتاج الجزائر من الغاز الطبيعي خلال عام 2021 ليصل إلى 100.8 مليار متر مكعب، مقابل 81.5 مليار متر مكعب، بنسبة نمو سنوية 24.1%.
وتستهدف الحكومية الجزائرية رفع إنتاج النفط المكافئ بنسبة 2% سنويًا، ليصل إلى 205 ملايين طن بحلول عام 2025.
وتتوقع البلاد أن يصل إنتاج النفط المكافئ إلى 191 مليون طن بنهاية العام الجاري 2022، مقابل 186 مليون طن خلال 2021.
سُبل رفع الإنتاج
وتهدف الحكومة لرفع إنتاج النفط والغاز في الجزائر من خلال منح رخصتين للاستكشاف في البحر، من بين 4 اتفاقيات وقّعتها شركة النفط والغاز الحكومية سوناطراك، مع شركات نفط أجنبية.
وانتهت الجزائر من حفر 22 بئرًا من حقول قائمة بما يعادل 47% من برنامجها السنوي للبحث والاستكشاف، و6 آبار من حقول جديدة بما يعادل 36% من برنامجها.
وتعمل الحكومة على استكمال تطوير حقول الغاز الموجودة في “قاسي الطويل” الواقعة في بلدية حاسي مسعود جنوب الجزائر، ومنطقة تينهرت، بالإضافة إلى محيط بئر ركايز، وإنجاز الخط الرابع لغاز النفط المسال في حاسي مسعود.
كما تستهدف البلاد أيضًا رفع معدل التكرير والبتروكيماويات بنسبة 50%، مقارنة بنحو 32% في الوقت الراهن.
ويُعَدّ العام الجاري مميزًا لقطاع المحروقات الجزائري منذ بدايته، بفضل اكتشاف العديد من الآبار ودخول بعضها على خريطة الإنتاج، مع توقيع اتفاقيات من شأنها تسريع خطوات تعزيز إنتاج النفط والغاز في الجزائر.
المصدر : بي بي سي
المادة الصحفية : تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع