السياسية:

ارتبطت انتفاضة الأقصى التي اندلعت في العام 2000، بمشهد اغتيال كيان الاحتلال للطفل محمد درّة في اليوم الثاني من الأحداث. مشهد وثقته بالصوت والصورة عدسات الصحفيين ليمثّل القضية الفلسطينية وقضية كلّ الشهداء والمجازر التي ارتكبها الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، سواء تلك التي وثّقت أم لم توثّق منذ قيامه عام 1948، ولا يمثّل فقط قضية عائلة الدرّة، وفق ما اعتبر والد الطفل جمال، مضيفاً “هذا التوثيق كشف للعالم مدى إجرام العدو الصهيوني”.

في 30 من شهر أيلول / سبتمبر عام 2000، كان الطفل برفقة والده، وقد سلكا – نتيجة إغلاق المظاهرات للعديد من الطرق – مفترق “نتساريم” (نسبة لاسم مستوطنة الاحتلال)، تفاجآ باستهدافهما بنيران كثيفة. حاول الوالد حماية ابنه، ولجآ لحائط واختبآ خلف بعض الحاويات، لكنّ الاحتلال تعمّد القتل. أصيب الطفل أوّل مرّة في قدمه اليمنى، وسرعان ما أصيب بعدّة رصاصات أثقبت ظهره، وارتمى جثماناً هامداً على أقدام والده.

جرف الاحتلال في اليوم التالي لقتله الطفل الدرّة ذاك الحائط في محاولة لطمس جريمته. فيما لاحقت العائلة الاحتلال قانونياً في المحاكم الدولية والمحاكم الأوروبية لكنّ الاحتلال – كعادته- قدّم التقارير للتملّص من دم الطفل وحاول تقديم الروايات المضللّة وألصق التهمة بالمقاومين الفلسطينيين، ووصل الأمر إلى حدّ التشكيك باستشهاد الطفل مدعياً أن المقاطع المصوّرة لا تؤكّد قتله وأنه شُوهد حيّاً بعد الحادثة.

ومحمد الدرّة، طفل لم يتجاوز الـ 11 عاماً من العمر ولم يكمل الا المرحلة الابتدائية من تعليميه. ولد في 22 تشرين الثاني / نوفمبر عام 1988 بمخيم “البريج” وسط قطاع غزة.  تعود أصول عائلته إلى مدينة الرملة التي احتُلت وهجّر أهلها منها عام 1948. والده جمال كان نجاراً، وعانت الأسرة من ظروف معيشية صعبة نتيجة الوضع في القطاع والاحتلال.

الاحتلال واستهداف الأطفال 

قتل الاحتلال خلال حوالي الـ 5 سنوات 826 طفلاً فلسطينياً (لم يبلغوا الـ 18 عاماً)، من أصل 4412 شهيد بالإضافة إلى 48 ألفا و322 جريحاً. ومنذ استشهاد الطفل الدرة بلغت حصيلة الشهداء الأطفال 2230 شهيدا، أغلبهم استشهدوا في الحروب الأربع السابقة على غزة.

في عدوان الاحتلال على قطاع غزّة عام 2014، استشهد 208 طفلاً، وفي العام 2021، ارتقى 79 طفلاً فلسطينياً من بين 357 شهيداً فلسطينياً في معركة “سيف القدس” التي خاضتها الفصائل الفلسطينية دفاعاً عن المسجد الأقصى. فيما قتل خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى حوالي 241 طفلاً من أصل أكثر من 1162 شهيد فلسطيني.

أمّا في عدوان الاحتلال الأخير (آب / أغسطس 2022) على قطاع غزّة الذي افتتحه باغتيال قائد المنطقة الشمالية في سرايا القدس تيسير الجعبري وتابعه باغتيال قائد المنطقة الجنوبية خالد منصور، استهدفت غارات الاحتلال 16 طفلاً وجرحت أكثر من 111 آخرين. وفي القدس والضفة الغربية، قتلت قوات الاحتلال 15 طفلاً فلسطينياً منذ بداية العام الحالي.

قتل الاحتلال منذ فترة انتفاضة الأقصى وما قبلها 845 طالباً من طلبة المدارس والكليات، وهو ما حصل أخيراً مع الطفل ريان سليمان، ابن السبعة أعوام، الذي توقّف قلبه من الخوف أثناء مطارته من جنود جيش الاحتلال وهو عائد من مدرسته الى بيته في مدينة بيت لحم.

بلغ عدد الأسرى الأطفال في سجون الاحتلال لغاية انتفاضة الاقصى 450 طفلاً من بين 9800 أسير فلسطينيي. ويعتقل الاحتلال اليوم 175 طفلاً وقاصراً، موزعين على سجون “عوفر”، و”مجدو”، و”الدامون”، ضمن ظروف اعتقال صعبة لا تراعي خصوصية عمرهم وحالتهم النفسية، وتمنع عائلاتهم من زيارتهم الا ما ندر، ويعتقل الاحتلال دون تهمة، وخلافاً للقوانين الدولية والقوانين التي ترعى حقوق الانسان عموماً وحقوق الطفل خصوصاً.

فهل نفعت “مناشدات” رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في المحافل الدولية للمجمتع الدولي والدول الغربية – المتآمر والمنحاز مع هذا الكيان – في حماية أطفال فلسطين؟

* المصدر: موقع الخنادق اللبناني

* المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع