محمد الدرة أيقونة انتفاضة الأقصى
السياسية – رصد :
مصطفى عواضة*
اثنان وعشرون عامًا على استشهاد الطفل محمد الدرة أيقونة الانتفاضة الفلسطينية الثانية، التي اندلعت في 28 أيلول/ سبتمبر من العام 2000 على إثر تدنيس رئيس حكومة العدو الصهيوني أرئيل شارون آنذاك المسجد الأقصى.
أعدم الطفل الفلسطيني محمد الدرة البالغ من العمر 11 عامًا برصاص قوات الاحتلال في قطاع غزة بعد يومين من اندلاع الانتفاضة، أمام عدسات قنوات عالمية وثّقت ملامح الرعب على وجه الأب الفلسطيني جمال الدرة الذي يحمي طفله بجسده ويحاول الانزواء به خلف برميل حديدي علّه ينجح في حمايته من الموت.
حياته
عاش الشهيد محمد في عائلة مكونة من تسعة أبناء وأبوين، وتلقّى تعليمه الأساسيّ في مدرسة المخيّم الابتدائية، وكان “قويا وشجاعا ويمتلك الجرأة في الحديث، قويّ البنية، يقف دائمًا إلى جانب الحق وينصر المظلوم، ويحب مساعدة الآخرين ولو بالقليل”.
بهذه الصفات افتتح جمال الدرة والد الشهيد محمد مقابلته مع موقع “العهد” الإخباري متحدثا عن شخصية نجله الذي “كان يقضي معظم أوقات فراغه برفقته، إلا أنه كان مشاكسًا ومفرطًا في الحركة، ما جعله موضع شكاوى كثيرة من قبل إدارة مدرسته”.
عن هوياته وطموحاته قال جمال الدرة إن نجله الشهيد “كان يحب كرة القدم ويمارسها بشكل يومي تقريبًا مع أصدقائه، كما البحر والسباحة إلى حد الهوس، فما من أسبوع إلا وتخللته نزهة إلى الشواطئ”، أما عن أحلام نجله وطموحات طفولته، فقد “كان لديه الكثير من الأحلام، منها أن يصبح مُدرّسًا، أو ضابط شرطة”.
حادثة استشهاده..
في 30 أيلول/ سبتمبر من العام 2000، خرج محمد برفقة والده، متوجهًا من مخيم البريج وسط قطاع غزة، إلى سوق السيارات بعد إصراره على والده لشراء مركبة جديدة، تسع جميع أفراد الأسرة، وفي طريق العودة بعد عدم شراء السيارة بسبب عدم العثور على ما ينال إعجابهما اضطر الدرة وابنه للمشي في أزقة المخيم كي يكونا في مأمن، ويتمكّنا من العثور على مركبة تقلّهما إلى المنزل بحسب ما صرّح والد الشهيد لـ “العهد”.
وأضاف: “كانت آنذاك قد اندلعت مظاهرات ضد الاحتلال الصهيوني في قطاع غزة لليوم الثاني، وأغلقت طرقات الذهاب والإياب بسبب مواجهات اندلعت مع قوات العدو الإسرائيلي. وبعد أن وصلنا إلى طريق قريب من منطقة المواجهات، فوجئنا بإطلاق الرصاص المعدني بشكل مكثّف نحونا أدى إلى إصابة إحدى يدي واستشهاد ولدي على الفور”.
وأردف القول: “في البداية اعتقدت أن إطلاق النار سيتوقف ولن يستمر أكثر من ذلك، لكنه استمر بكثافة لا توصف. كان همّي الوحيد حينها أن أنجح في حماية الطفل من الإصابة، لكنني لم أفلح، فقد شغلني صراخ طفلي الذي كرر صارخًا ثلاثًا “لقد أُصبت”.
واستطرد في حديثه: “كانت الإصابة الأولى لولدي في ركبة القدم اليمنى. حاولت طمأنته بأن سيارة الإسعاف على وصول في تلك اللحظة، لكنه أجابني “أنا بخير وقادرعلى التحمّل لا تخف يا والدي””.
وأشار إلى أنه عندما التفت إلى طفله ليطمئن أنه لم يُصب برصاصة جديدة وجد “رأسه ملقى على قدمه اليمنى، وظهر على ظهره جرح كبير، نتيجة تلقيه رصاصة” أدرك بعدها الأب أن ولده قد “استشهد وفارق الحياة”.
وبيّن جمال الدرة أنه “بعد استشهاد محمد ظهر غبار أبيض، “جراء قذيفة أطلقها جنود الاحتلال صوبنا إخفاء لمعالم الجريمة لكنها لم تصل إلينا، واصطدمت بحافة الرصيف وانفجرت، وما هي إلا دقائق حتى وصلت سيارة الإسعاف، وانتشلتنا سويا إلى مستشفى الشفاء، حيث محمد كان مستشهدا، بينما تم نقلي بعد يوم إلى الأردن لاستكمال العلاج”.
وتطرّق الدرة إلى توثيق الجريمة بالصوت والصورة بالقول: “إن قضية ولدي الشهيد ليست شخصية مرتبطة بعائلة الدرة فقط، إنما هي قضية كل الفلسطينين، وقضية الشهداء والمجازر التي ما زال يرتكبها الكيان الصهيوني، إذ إن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب مئات المجازر بحق أبناء هذا الشعب لكنها لم توثق”، موضحًا أن “هذا التوثيق كشف للعالم مدى إجرام العدو الصهيوني”.
وحول المشاهد التي ظهر فيها الوالد وهو يلوّح بيده قال: “كنت أنادي للجنود كي يتوقفوا عن إطلاق النار وأصرخ “مات الولد.. مات الولد””.
وفي كلمة أخيرة شدد والد الشهيد محمد الدرة على أن: “العدو الصهيوني يجب أن ينال ما يستحق على جميع الجرائم والمجازر التي ارتكبها بحق الشعب الفلسطيني”، موضحًا أنه يخوض معركة قانونية في المحاكم الفرنسية بهذا الشأن، دون مساندة من أحد.
* المصدر :موقع العهد الإخباري
* المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع