السياسية:

قبل أن تكمل القوات الروسية انسحابها من محيط العاصمة الأوكرانية كييف التي كانت لا تزال تتعرض لقصف مستمر، بدأ الرئيس الأوكراني فولودومير زيلينسكي برسم الخطوط العريضة لمستقبل بلاده. ففي خطاب له يوم 5 نيسان – أبريل الماضي، قال زيلينسكي: “في المستقبل، جيشنا العظيم سيتشكل من أبناء شعبنا بأكمله. لن نكون مثل سويسرا، بل مثل كيان إسرائيل كبيرة، بسمات خاصة بنا”.

بالطبع، أوكرانيا ليست الدولة العبرية. فالأولى دولة أوروبية يبلغ عدد سكانها 44 مليون نسمة، 80٪ منهم مسيحيون أرثوذكس، بينما كيان إسرائيل دولة متوسطية يبلغ عدد سكانها 10 ملايين نسمة، معظمهم من العقيدة اليهودية.

لكن كييف وتل أبيب تتشاركان أمرا مهما: إذ تواجه الدولتان مشاكل مستمرة مع محيطهما. فمنذ تأسيسها عام 1948، تعيش كيان إسرائيل بحالة عدائية وحربية مع الدول المحيطة بها، فيما أوكرانيا مهددة دائما بالخطر الروسي.

ولا تقتصر هذه الفكرة على الرئيس زيلينسكي، بل إن هذا التوجه بدأ يلقى اهتماما لدى الرأي العام الأوكراني.

وتنقل صحيفة “لإكسبرس” عن فيرونيكا كوبزيستاجا، وهي امرأة تبلغ من العمر 28 عاما أسست شركة في كييف لإنتاج ملابس للجيش الأوكراني قولها: “لا أحد يعرف متى سينتهي هذا الصراع، لكن أوكرانيا محكوم عليها، مثل كيان إسرائيل، بمواجهة خطر الحرب الدائم”. وتضيف: “لذلك علينا أن نتعلم كيف نتعايش مع هذا التهديد”.

من جانبها، تلخص نائبة رئيس وزراء أوكرانيا إيرينا فيريشوك المزاج العام موضحة: “هدفنا الأساسي هو البقاء، مثل كيان إسرائيل”. وحتى لو انتصرت كييف في هذه الحرب، ستُجبر جراء التهديدات الروسية والبيلاروسية على وضع الجيش في قلب استراتيجية مجتمعها.

في هذا الإطار، يعتبر السفير الأمريكي السابق لدى إسرائيل دانييل شابيرو أن “العقيدة الأمنية لكيان إسرائيل تستند إلى قدرتها على الدفاع عن نفسها، من دون السماح للآخرين أن يقاتلوا عنها”. وللوصول لهذا الدفاع الذاتي المستقل كرست كيان بني صهيون خلال سبعينيات القرن الماضي، ما يصل إلى ثلث ميزانيتها الوطنية للإنفاق العسكري”.

ويعتزم القادة الأوكرانيون بدورهم توحيد مواطنيهم حول فكرة وجود شعب مسلح. ففي نهاية شهر حزيران – يونيو، أطلق زيلينسكي فكرة الخدمة العسكرية الإجبارية “على النسق الصهيوني “.

من جهة أخرى، يسلط أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة العبرية في القدس يوناتان فريمان في حديث لـ”لإكسبرس” الضوء على أهمية بناء اقتصاد يستطيع الصمود خلال المواجهات العسكرية. ويتابع: “الاقتصاد الصهيوني قائم على الخدمات والتقنيات الجديدة، مما يسمح له بالاستمرار في الاستمرار حتى في أوقات النزاع”.

وهنا يلفت فريمان إلى تجربة سنغافورة في الستينات التي أرادت تقليد النموذج الصهيوني، بمساعدة سرية من الدولة العبرية، بوجه تهديد ماليزيا. لكن أستاذ العلاقات الدولية يرجح ألا تقوم كيان إسرائيل بمساعدة أوكرانيا على النحو ذاته، بسبب علاقاتها السياسية والتجارية المهمة مع روسيا، لكنه لا يستبعد أن تكون “شركات الأمن الخاصة الصهيونية منخرطة بالفعل في مثل هذه العملية”.

المصدر: مونت كارلو