السياسية:

عندما انسحب الاحتلال الصهيوني من قطاع غزة اعتبر الكثيرون ذلك الانجاز للمقاومة الفلسطينية أنموذجا ناجحا لانتصار المقاومة الفلسطينية، وهناك الكثير من الفلسطينيين في الضفة الغربية يتطلعون الى تكرار ما حصل في عام 2005 في قطاع غزة بشكل مفاجئ، في الضفة الغربية ايضا.

ان تصعيد العمليات الفدائية الفلسطينية في الضفة الغربية وانعدام الأمن للصهاينة في هذه المنطقة بات يذكّر بالاوضاع الصعبة التي عاشها الصهاينة في عام 2005 حينما هربوا من قطاع غزة.

قبل 17 عاما وفي مثل هذه الايام اصدر رئيس الوزراء الصهيوني اريئل شارون الذي كان يعرف باسم جزار صبرا وشاتيلا، أمرا بخروج كافة المستوطنين الصهاينة من قطاع غزة، واستغرق الخروج 27 يوما وغادر 8500 مستوطن صهيوني 21 مستوطنة كانوا يعيشون فيها، ونقلت وسائل الاعلام صورا الصهاينة وهم يغادرون مستوطناتهم بالبكاء والغضب وبعضهم بالقوة حيث اخذ الجنود الصهاينة بعض هؤلاء من ارجلهم وسحبوهم على الارض.

وقد اجرى المجرم شارون مفاوضات مع رئيس السلطة محمود عباس قبل الانسحاب من غزة حيث اتفق الطرفان على تزامن الانسحاب من غزة مع انهاء الانتفاضة الفلسطينية، وكان شارون قد سعى عاما كاملا قبل الانسحاب لاقناع الكنيست بخطته للانسحاب الاحادي من غزة ووعد بارساء الهدوء بعد الفرار من غزة.

لقد نظر الكثيرون الى ذلك الانسحاب باستغراب لكن الصهاينة لم يكن امامهم خيار آخر فالعمليات التي كانت المقاومة الفلسطينية تشنها في غزة كانت متواصلة ومستمرة في كل يوم وقد اذعن احد الخبراء الصهاينة في صحيفة هاآرتس في عام 2020 ان تل ابيب لم تملك خيارا آخر الا الفرار من قطاع غزة لان تكلفة البقاء فاقت تكلفة الانسحاب.

عندما انسحب الاحتلال الصهيوني من قطاع غزة اعتبر الكثيرون ذلك الانجاز للمقاومة الفلسطينية أنموذجا ناجحا لانتصار المقاومة الفلسطينية، وهناك الكثير من الفلسطينيين في الضفة الغربية يتطلعون الى تكرار ما حصل في عام 2005 في قطاع غزة بشكل مفاجئ، في الضفة الغربية ايضا.

ويمكن ان يعتبرون الكثيرون قضية الانسحاب الصهيوني من الضفة الغربية “طموحا” بعيدا لكن الحقائق الجارية في الضفة الغربية تظهر بأن احتمال انسحاب الصهاينة من الضفة الغربية هو احتمال اكبر مما كان بالنسبة لقطاع غزة، لقد كشف تقرير نشر في عام 2020 بأن الخطة الصهيونية في عام 2005 كانت على مرحلتين، فالاولى كانت الانسحاب من غزة والثانية كانت الانسحاب من الضفة الغربية، لان استمرار احتلال الضفة الغربية سيضع الصهاينة امام تحديات جمة، لكن الخلافات بين حزبي اللكيود وكاديما في تلك الفترة اوقف تنفيذ المرحلة الثانية أي الانسحاب من الضفة الغربية لكن نشر هذا التقرير اظهر بان القادة الصهاينة يفكرون بالانسحاب من الضفة الغربية كأحد خياراتهم.

ان الاوضاع السائدة الان في الضفة الغربية تقلل الصهاينة بشكل اكبر بكثير مما كان سائدا في قطاع غزة في عام 2005 .

تشير الاحصائيات الجديدة ام 491 و923 مستوطنا يعيشون الان في 150 مستوطنة في الضفة وهذا العدد اكبر بـ 50 ضعفا من عدد الصهاينة الذين كانوا يسكنون في قطاع غزة قبل الانسحاب منه ، وهذا يعني ان 5 بالمئة من مجموع 9/5 مليون صهيوني في فلسطين المحتلة معرضون للخطر المستمر وبشكل يومي في الضفة الغربية ولا يمكنهم تحمل تلك الظروف باستمرار، وعلى القادة الصهاينة ان يجدوا حلا لذلك فالحفاظ على امن الصهاينة هناك بقوة السلاح ربما يكون ممكنا لفترة قصيرة لكنه ليس حلا مستمرا ودائميا.

لقد أوردت صحيقة يديعوت احرونوت الصهيونية مؤخرا في تقرير اعدة “عاموس هرئيل” ان الاوضاع في الضفة الغربية على وشك الانفجار ، وهذا الانفجار يدل على على غضب اهل الضفة ، فرغم القمع المتمادي لسنوات فان الاوضاع غير مستقرة بالنسبة للصهاينة ومن المستبعد ان تتحسن مستقبلا بالنسبة للصهاينة.

تقول احصائيات جيش الاحتلال الصهيوني ان عدد العمليات الفدائية الفلسطينية في الشهور الستة الاولى من عام 2021 ارتفع بنسبة 45 بالمئة عن الفترة ذاتها من العام الماضي، وباتت المصادر الصهيونية تحذر بأن سيناريو تسليح الضفة الغربية يجري تطبيقه رغم كل اجراءات جهاز الشاباك الصهيوني.

كما ان احتلال الضفة الغربية يواجه رفضا دوليا متزايدا وان الكثير من الحلفاء الغربيين للصهاينة باتوا يستخدمون مصطلح “الاحتلال” حينما يتحدثون عن بناء المستوطنات في الضفة الغربية.

صحيح بان الانسحاب الصهيوني من الضفة الغربية يبدو مستبعدا في القريب العاجل لكن لا شك ان القادة الصهاينة سيرغمون على الفرار من الضفة ايضا رغم ان هذا الفرار ايضا لن يضمن استمرار بقائهم في فلسطين، ان هشاشة الاوضاع في فلسطين المحتلة وصلت الى حد قال فيه رئيس الوزراء الصهيوني السابق “ايهود باراك” بأن هذا الكيان ليس امامه سوى الزوال في عقده الثامن من عمره.

المصدر: وكالة أنباء فارس الدولية