شبوة مسرحاً لصدام مسلّح: خلافات «الرئاسي» تبلغ ذروتها
السياسية- رصد:
رشيد الحداد
اندلعت، فجر أمس، معارك عنيفة بين الميليشيات الموالية للإمارات، وأخرى تابعة لـ«حزب الإصلاح» تساندها فصائل تدين بالولاء للسعودية في مدينة عتق، مركز محافظة شبوة.
وجاءت المعركة التي بدأ التحضير لها قبل أسابيع، في أعقاب قيام محافظ شبوة الموالي لأبو ظبي، عوض العولقي، بإطاحة عسكريين موالين لـ«الإصلاح»، للانفراد بالسيطرة على المحافظة الغنية بالنفط، متجاوزاً بذلك صلاحيات وزير الداخلية في الحكومة الموالية لـ«التحالف»، إبراهيم حيدان، الذي اعترض، من جهته، على قرار العولقي إقالة قائد قوات الأمن الخاصة المحسوب على «الإصلاح»، عبد ربه لكعب. وعلى هذه الخلفية، دفعت ميليشيات الإمارات، بتوجيهٍ من العولقي، بتعزيزات عسكرية لمحاصرة منزل لكعب، تمهيداً لاقتحامه واعتقال الرّجل.
ووفق مصادر في عتق، نشرت ما يسمى «قوات دفاع شبوة» مدرّعات وأطقماً عسكرية حول المنزل المذكور، فيما دفعت قوات تابعة لـ«الإصلاح» بتعزيزات وتموضعت في عدّة مناطق استعداداً للمواجهة.
وفي تفاصيل ما حدث، أقدمت ميليشيات تابعة لـ ما يسمى «ألوية العمالقة» الموالية لأبو ظبي، فجر أمس، على توقيف سيارة كان يستقلّها قائد عسكري موالٍ للرياض في محور عتق، أثناء مروره في نقطة تفتيش تابعة لها. وبعدما رفض الحاجز السماح للرَّجل بالمرور، متعمّداً احتجازه لأكثر من ساعة، وصلت تعزيزات عسكرية من محور عتق العسكري مكوّنة من مدرّعتَين وثلاثة أطقم، بهدف إجبار أفراد نقطة التفتيش على الإفراج عن قائد التدخّل السريع في «اللواء 30» في محور عتق، أحمد لشقم باراس العولقي، المحتجز مِن قِبَلها. إلّا أن ذلك قوبل بالرفض، وهو ما أدّى إلى اندلاع مواجهات عسكرية بين الطرفين، أدّت إلى إصابة القائد العسكري الذي فارق الحياه لاحقاً، وسقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوف «العمالقه».
وعلى خلفية الحادثة، اتّسعت رقعة المواجهات من غربي عتق، إلى مختلف أرجاء المدينة، فيما دخلت وحدات عسكرية جديدة من الطرفين، لتحتدم المعارك بين ما يسمى «العمالقه» الموالية للرياض وما يسمى «قوات دفاع شبوة» الموالية لأبو ظبي من جهة، و«قوات محور عتق» من جهة أخرى، وأخرى محسوبة على قوات الأمن الخاصة التي يقودها القائد المُقال، لكعب. في هذا الإطار، أفادت مصادر محلية، «الأخبار»، بأن المواجهات اتّسعت من جولة «الثقافة – الجلفور» في المدينة، إلى أحيائها، وتحوّلت إلى حرب شوارع، ليبلغ عدد القتلى من الطرفين، حتى مساء أمس، 27 قتيلاً وجريحاً. وقالت المصادر إن قيادات عسكرية رفيعة من الطرفين قُتلت في المواجهات، أبرزها القيادي في «قوات دفاع شبوة»، سعيد عبد الله بن لشعب الخليفي.
إلّا أن المواجهات وصلت، وفق مصادر عسكرية في شبوة، إلى محيط مقرّ قوات «التحالف»، وسط تقدُّم القوات المحسوبة على «الإصلاح» والموالين للرياض إلى القرب من مطار عتق ومقرّ السلطة المحلية في المحافظة. وبحسب أكثر من مصدر، فإن «الإصلاحيين» تمكّنوا من السيطرة على المدخل الشرقي لعتق، وصولاً إلى وسَط المدينة، في موازاة تراجع القوات الموالية للإمارات.
في هذه الأثناء، لا تزال الأطراف تحشد المزيد من القوات للاستمرار في المعركة التي تُعدّ، بالنسبة إلى الطرفين، مصيرية، نظراً إلى ارتباطها بأجندات خارجية ومصالح نفطية. وتدور المواجهات على خلفية محاولة الأطراف المحسوبة على الإمارات، السيطرة بشكل كلّي على شبوة وتأمين كل خطوط إمدادات الغاز المسال من القطاع 18 النفطي الذي يُعدّ أغنى معاقل الغاز في اليمن.
وعمد الموالون لأبو ظبي إلى إزاحة القيادات العسكرية والأمنية التابعة لـ«الإصلاح» من أيّ مواقع قيادية في المحافظة، وذلك وفقاً لمخطَّط إماراتي – أميركي – فرنسي يسعى إلى نهب الغاز المُسال، واتّخاذ شبوة محطّة أولى لتضييق الخناق على «الإصلاح» وتقليص نفوذه في المحافظات الجنوبية لمصلحة التيارات الموالية لأبو ظبي.
وفي ظلّ تراجع الموالين للإمارات في مواجهات شبوة، عقد ما يسمى «المجلس الرئاسي»، أمس، اجتماعاً طارئاً في مدينة عدن، بدعوةٍ من عضو المجلس، رئيس ما يسمى «المجلس الانتقالي الجنوبي» عيدروس الزبيدي، في محاولةٍ لاحتواء الأوضاع قبل أن تتّسع المواجهات في المحافظة إلى ميناء تصدير الغاز المُسال في رضوم لتحريره من السيطرة الإماراتية.
وقالت مصادر مطلعة إن تيّار أبو ظبي في ما يسمى «الرئاسي» طالب بإلحاح بإقالة وزير الداخلية الموالي لـ«الإصلاح» اللواء إبراهيم حيدان، وتزكية قرارات محافظ شبوة عوض العولقي، التي قضت بإقالة لكعب، وكلّ مَن وصفهم بـ«المتمرّدين» على السلطة، وإحالتهم على المحاكمة. مصادر في «الانتقالي» رأت أن ما حدث في عتق «انقلاب كامل الأركان يقوده الإصلاح على اتفاق الرياض»، و«تمرُّد مخطَّط على السلطات المحلية في شبوة».
وأشارت، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أن «الانتقالي» سيردّ بمعركة مفتوحة مع «الإصلاح» في كل المحافظات الجنوبية إذا لم يتراجع في شبوة. ودعا بيان صادر عن مشائخ شبوة ووجهائها ما يسمى «الرئاسي» «بسرعة» إلى إقالة المحافظ الموالي للإمارات، ومدير الأمن وقائد المحور، كونهم السبب في «إثارة الفتنة»، واتّهموا أطراف الصراع في مدينة عتق، بـ«تجاهل مبادرة قبائل المحافظة التي قُدّمت إلى كل الأطراف، والهادفة إلى تهدئة الوضع وحقن الدماء».
- المصدر: “الاخبار” اللبنانية
- المادة الصحفية تم نقلها من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع