السياسية – رصد :

 

سراء جمال الشهاري*

تتفاقم الأوضاع في اليمن بلا انفراجة ملموسة بعد هدنة هشة تتجه نحو انهيار محتم، في ظل استمرار مماطلة التحالف في الالتزام بما تم التفاهم عليه برعاية أممية ووساطة عُمانية.
وزير الدفاع اليمني أنذر في تصريحاته الأخيرة دول التحالف إن عادوا لما نهوا عنه، ولم يتوجهوا بجديةٍ نحو تنفيذ البنود المتفق عليها منذ أكثر من ٧٠ يومًا. ويبدو أن العد التنازلي لإشعال فتيل المواجهة مجددًا بدأ منذ أول يومٍ من أيام الاتفاق.

 

لم ينفذ المعتدون من الهدنة إلا ما يؤكد غيابها أصلًا، تماما كما يريده الطرف الأمريكي ـ السعودي واقعًا لا حرب فيه ولا سلام بانتظار استواء حلول لم ينضجها تمديد ثان ولا حتى ثالث. اليمن هو الطرف الذي يحمل كل الأثقال بالتزامه بالهدنة من جهة وباستمرار الكارثة الإنسانية التي يفاقمها الحصار الذي لا يتوقف ولا يتخفف. وتتوالى في ظل هذا الوضع هجمات التحالف الاقتصادية الصامتة. وأزمة الساعة في اليمن هي شبه انعدامٍ لمادة الديزل، وحصار يشتد للمشتقات النفطية يرفع أسعار البترول فوق سخونة فاتورتها العالمية.

في مقابلة خاصة مع موقع “العهد” الاخباري، يؤكد رئيس دائرة الشؤون الاعلامية بمكتب رئاسة الجمهورية اليمنية ورئيس المركز الاعلامي لأنصار الله الأستاذ زيد الغرسي أن “دول العدوان ماطلت وما تزال في تنفيذ بنود الهدنة، وتتلكأ في تنفيذ الكثير من التعهدات التي أقرت بها ضمن الاتفاق، ومنها فتح مطار صنعاء، وادخال ١٨ سفينة خلال شهرين، والتي لم يدخل منها سوى القليل، كما تتم عرقلة الكثير من الرحلات من وإلى مطار صنعاء.

على صعيد ملف الأسرى، يشير الغرسي الى أن “شيئًا لم ينجز من الاتفاق بما يرتبط بهذا الملف، وكذلك الملف الانساني لم يتم تحريكه نهائيًا ويركز العدو ومرتزقته على ما هو لصالحهم وما يسعون لتحقيقه من خلال هذه الهدنة، وهو فتح تعز، لكي يسيطروا عليها ويحققوا هدفًا عسكريا تمهيدًا للمرحلة المقبلة”.

في هذا الاطار، يعلن الغرسي في حواره مع موقع “العهد” الاخباري أن “الجانب الوطني يدرس مجريات الأمور وكيفية تعاطي العدوان والمرتزقة في تنفيذها والالتزام بها، وله الكثير من الخيارات التي يمكن أن يحركها في مواجهة العدوان، فبعد مرور أكثر من شهرين على هذه الهدنة، وصل الشعب اليمني إلى قناعة تامة بأن هؤلاء لا يريدون السلام في اليمن، ولا وقف العدوان على أبناء الشعب اليمني، وبالتالي فالطريق الصحيح هو المواجهة والاستمرار في التحشيد والنفير العام للجبهات لارغام العدوان بالقوة على القبول بالحلول، وترك الشعب اليمني وفك الحصار ورفع العدوان وانهاء الاحتلال، وفي حال لم يتم تنفيذ بنود الهدنة، فللشعب اليمني أن يأخذ حقه دون انتقاص ولن يسمح بأن يكون ضحية لمماطلات وخدع العدوان”.

ويلفت الغرسي إلى أن “ما يجري من مفاوضات في عمان أو غيرها، هو حول فتح الطرق في تعز وفي بقية المحافظات، وما يرتبط بمعالجة الجانب الانساني وموضوع المرتّبات، لأن مثل هذه المواضيع تم الاتفاق على أن يتم النقاش حولها خلال فترة الهدنة، وهناك نقاشات تُجرى حول ملفات أخرى”، موضحًا أن “هناك تعنتًا من قبل دول العدوان في تسهيل تنفيذ مثل هذه الملفات، واصرارًا على عرقلة أي حلول يقدمها الوفد الوطني المفاوض، أو المبادارت التي تقدمها حكومة صنعاء والرئيس مهدي المشاط، وتعمد افشالها وعدم القبول بها”.

وبحسب الغرسي فإن “المفاوضات ما تزال جارية، وما نأمله هو أن يتم حل مشكلة الرواتب والاهتمام بالملف الانساني، لأن هذه الملفات هي انسانية بالمقام الأول، وحكومة صنعاء دائمًا ما تطالب بفصلها عن الملفات السياسية والعسكرية، فالمتضرر هو الشعب اليمني بكله. لكن أظهرت أمريكا وجهها القبيح البشع جدًا، باستخدام الورقة الاقتصادية والحصار الشديد، لتركيع الشعب اليمني، ومحاولة تحقيق ما عجزوا عن تحقيقه عسكريًا بالورقة الاقتصادية، لكنهم فشلوا والشعب اليمني صامد وثابت وصابر حتى تحقيق النصر بإذن الله سبحانه وتعالى”.

وفيما يرتبط بفتح الطرق في تعز، يقول الغرسي إن “الجميع يعرف أنه كانت هناك مفاوضات سابقة، تقدم فيها الوفد الوطني بمبادرة فتح ٣ طرق مهمة وسريعة في الوصول إلى تعز، لكن الوفد الآخر رفض ومن خلفه السعودي والاماراتي. والسبب الحقيقي وراء اصرارهم على فتح طريق الحوبان هو هدف عسكري وليس انسانيًا نهائيًا، لأنهم إذا سيطروا على طريق الحوبان، فمعنى ذلك أن مدينة تعز سقطت بكلها بيد مرتزقة الاحتلال الاماراتي والسعودي”.

ويلفت الغرسي الى أن “الوفد الوطني تقدم بفتح ثلاث طرقٍ رئيسيةٍ كمبادرةٍ من طرف واحد لكي يثبت جديته في تخفيف المعاناة عن أبناء مدينة تعز، ولكن رفض المرتزقة هذه المبادرة ورفضوا التعاطي معها.. المرتزقة ودول العدوان، هم من يحصارون مدينة تعز ويغلقون ثلاث طرق رئيسية، الأولى طريق عدن كرش تعز، والثانية طريق ذباب تعز، والثالثة حيس تعز، وهي كلها طرقٌ رئيسيةٌ ومهمةٌ واستراتيجيةٌ لا يتحدثون عنها، وإنما يتحدثون عن تلك الطريق التي من خلالها يريدون تحقيق هدف عسكري وهي طريق الحوبان فقط”.

ويضيف الغرسي لموقع “العهد” الإخباري: “هناك أيضًا طرق في محافظات أخرى، مثل طريق الجوبة في مأرب حيث يسافر المواطنون عبر الطريق البديلة إلى المدينة في رحلة تستمر لأكثر من ٢٢ ساعة، لأن المرتزقة أغلقوا الطريق الرئيس، الذي لو فتح لكان الوصول إلى مدينة مأرب يستغرق أقل من نصف ساعة، كذلك طرق في الضالع، وفي حجة، وفي حرض. هناك الكثير من الطرق التي يقطعها المرتزقة على بعض المدن، والتي تسبب معاناة لأبناء تلك المدن، ولكن لا يتحدثون عنها ويرفضون حتى النقاش حولها، وهذا يكشف حقيقة اجرامهم بحق أبناء الشعب اليمني في كل المحافظات، بما في ذلك محافظة تعز”.

الغرسي يلفت الى أن “الوضع في جنوب البلد والمحافظات المحتلة بات مأساويًا وكارثيًا، وباتت محافظات الجنوب مرتعًا للتواجد الأجنبي العسكري، آخرها القوات الأمريكية التي جاءت إلى اليمن للاستعداد والتحضير للتصعيد، فأمريكا ومن ورائها “اسرائيل” يبديان قلقًا ملحوظًا حول مجريات الأحداث في اليمن”.

وحول الدور الاميركي، يقول الغرسي: “تصريحات الرئيس الأمريكي تؤكد أن الملف اليمني يحتل أهميةً كبيرةً، وأنَّ الولايات المتحدة الأمريكية خاصةً مع دخولها في حرب مع روسيا في أوكرانيا، تحتاج إلى إعادة ترتيب أوراقها في المنطقة وبالتحديد في الملف اليمني، لا سيما بعد فشل دول العدوان في ثماني سنوات من تحقيق أهدافهم في اليمن، بل وتعاظم القوة اليمنية والردع اليمني الذي وصل قبل الهدنة إلى استهداف مناطق حساسة في أبو ظبي وفي دبي والرياض وفي غيرها من المناطق السعودية والاماراتية، والتي انزعج منها الأمريكي والاسرائيلي بشكل مباشر. ولاحظنا ذلك أثناء تلك الضربات التي كانت تستهدف عواصم دول العدوان”.

ويتابع “أيضًا زيارة الرئيس الأميركي الى السعودية تأتي في سياق تهيئة المنطقة للتطبيع مع العدو الاسرائيلي، أو تهيئة ما تبقى من الأنظمة وخاصةً النظام السعودي، كي يظهر تطبيعه إلى العلن بكل وضوح، وتأتي أيضًا في سياق العمل على ترتيب الأوضاع لمرحلة ما بعد انتهاء الهدنة، خاصةً وأن هناك في الميدان تحضيرات سعودية واماراتية واسعة في الساحل الغربي اليمني، في الجنوب، في مأرب، وفي كل الجبهات.. هناك تحضير واستمرار للتحشيد والتدريب بشكل كبير للمرتزقة في الامارات وفي السعودية، وتشكيل مليشيات جديدة ودعمها بأسلحةٍ وآلياتٍ عسكريةٍ، لأن العدو يرتب لتصعيد في المرحلة القادمة” .

ويختم رئيس الشؤون الاعلامية بمكتب رئاسة الجمهورية، ورئيس المركز الاعلامي لأنصار الله في حواره مع موقع “العهد” الإخباري بالقول: “النصر حتمًا هو حليف الشعب اليمني، ولينصرن الله من ينصره. النصر حتمًا سيكون لشعب الايمان والحكمة على قرن الشيطان، وهذه سُنة لا يمكن أن تتبدل ولا أن تتخلف أبدًا. وبالتالي نقول لقوى العدوان عليكم أن تراجعوا أنفسكم وتقيموا أنفسكم وتخرجوا من هذه الورطة بدلاً من الاصرار على الاستمرار في هذا العدوان الذي بالتأكيد إذا استمر سيكون عليكم وبالًا وستكون الخسائر أكبر من أي وقتٍ مضى، فليس أمامكم إلا اعلان الهزيمة أمام هذا الشعب العظيم الذي صمد وقهر عدوانكم وواجهكم في مختلف الجبهات وهو في أشد الحصار وفي ظروف صعبة ومعاناة كبيرة، ولكنه تحداكم وانتصر في هذا التحدي، وليس لكم إلا هذا الخيار”.

* المصدر :موقع العهد الإخباري

* المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع