السياسية:

بعد التفوق الصيني والروسي الكبير على أمريكا في مجال الصواريخ فرط الصوتية، يعمل البنتاغون على خطةٍ جديدة للتصدي لهذا التهديد، بواسطة نوع جديد من مناطيد الهواء الساخن العسكرية.

إذ تستطيع مناطيد الهواء الساخن المطاطية التحليق على ارتفاعات عالية تتراوح بين 18 و27 كيلومتراً، وستُضاف إلى شبكة المراقبة الموسعة التابعة للبنتاغون، لتُستخدم مستقبلاً في تعقب الأسلحة فرط الصوتية.

وربما تشبه الفكرة أفلام الخيال العلمي، لكن وثائق ميزانية البنتاغون تشير إلى انتقال التقنية من المجتمع العلمي بوزارة الدفاع إلى أفرع الجيش الأمريكي، حسبما ورد في تقرير لمجلة Politico الأمريكية.

أمريكا تخسر سباق الصواريخ فرط صوتية
ويأتي ذلك فيما يعمل البنتاغون في الوقت ذاته على برنامج الصواريخ فرط الصوتية، برغم فشل آخر اختباراتها يوم الأربعاء الماضي 28 يونيو/حزيران.

وفاجأت الصين البنتاغون في أغسطس/آب الماضي باختبار صاروخ فرط صوتي بقدرات نووية، وأخطأ الصاروخ هدفه بفارقٍ لا يتجاوز الـ30 كيلومتراً تقريباً.

بينما بدأت روسيا تسريع عملية تطوير أسلحتها فرط الصوتية؛ رداً على انسحاب الولايات المتحدة من معاهدة الحد من انتشار الصواريخ الباليستية عام 2002. وزعمت الحكومة الروسية أنها أطلقت صاروخاً فرط صوتي خلال هجومٍ على أوكرانيا شهر مارس/آذار الماضي، في أول استخدام قتالي للصاروخ.

لماذا أصبحت مناطيد الهواء الساخن رهان الجيش الأمريكي؟
النقطة المضيئة بالنسبة للولايات المتحدة تكمن في إمكانية استخدام مناطيد الهواء الساخن للمساعدة في تعقب وردع الأسلحة فرط الصوتية التي تطورها الصين وروسيا.

تأتي أهمية الفكرة من أن المنصات المرتفعة أو عالية الارتفاع تتمتع بمزايا عديدة تشمل قدرة المحطة على التحمل والمناورة، بالإضافة إلى مرونتها في استيعاب مختلف أنواع الحمولة الصافية، حسبما قال توم كاراكو، الزميل الأقدم في مركز International Security Program ومدير برنامج الصواريخ الدفاعية في Center for Strategic and International Studies.

ويواصل البنتاغون الاستثمار في هذه المشاريع لأن الجيش الأمريكي استطاع استخدام المناطيد في مختلف المهمات بالفعل.

إذ أنفق البنتاغون خلال العامين الماضيين نحو 3.8 مليون دولار على مشاريع المناطيد، ويخطط لإنفاق 27.1 مليون دولار في السنة المالية 2023 من أجل مواصلة العمل على مختلف تلك الجهود وفقاً لوثائق الميزانية.

وتستطيع المناطيد تقديم النفع على هذا الصعيد، لتدعم الأقمار الصناعية باهظة الثمن في تعقب الصواريخ. حيث يمكن للمناطيد، التي يشبه شكلها دمعة العين، جمع بيانات معقدة وتوجيه نفسها باستخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي.

سبق أن جُربت التقنية بشكل سري مع تجار المخدرات
تُجري وزارة الدفاع اختباراتها على مناطيد الارتفاعات العالية والطائرات المسيرة التي تعمل بالطاقة الشمسية منذ سنوات. وتستهدف الاختبارات استخدام هذه المنصات في جمع البيانات، وتزويد القوات البرية بالاتصالات، وتخفيف مشكلات الأقمار الصناعية.

ويعمل البنتاغون في هدوء من أجل نقل مشاريع مناطيد الهواء الساخن إلى أفرع الجيش لاستخدامها في جمع البيانات ونقل المعلومات للطائرات، بحسب ما اكتشفته مجلة POLITICO الأمريكية في وثائق ميزانية وزارة الدفاع.

وتداولت التقارير الإعلامية عام 2019 أنباء مشروع البنية العالية السرية طويلة المكوث (كولد ستار)، الذي كان مصمماً لرصد مهربي المخدرات. وأطلق البنتاغون آنذاك 25 منطاداً للمراقبة من ولاية داكوتا الشمالية لاستعراضها.

وأكّد البنتاغون للمجلة الأمريكية أن برنامج كولد ستار قد انتقل إلى أفرع الجيش. لكن وزارة الدفاع لم تُفصح عن أي تفاصيل حول الأمر لأنه سري.

ترتبط بالأقمار الصناعية والطائرات المسيرة
بينما تهدف مبادرةٌ أخرى لربط جميع التقنيات معاً. إذ يُجري البنتاغون استعراضات لتقييم كيفية دمج مناطيد الهواء الساخن مع الأقمار الصناعية التجارية من خلال هجومٍ يُعرف باسم “سلسلة القتل”.

وأوضح كاراكو: “يمكن أن تصبح هذه المناطيد بمثابة ناقلات لأي عدد من المنصات سواء عُقد الاتصالات وربط البيانات، أو الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، أو تعقب التهديدات الهوائية والصاروخية، أو حتى الأسلحة بمختلف أنواعها. ويأتي كل هذا دون الاعتماد على مدارات الأقمار الصناعية التي يمكن توقع أماكنها”.

مناطيد الهواء الساخن

وتعمل وزارة الدفاع الأمريكية أيضاً على استخدام الطائرات المسيرة المجهزة بـ”حمولات صافية عالية” إلى جانب المناطيد لتعقب الأهداف الأرضية المتحركة، وتوفير الاتصالات، واعتراض إشارات الاتصال الإلكترونية. وترغب الوزارة في نقل هذه التقنية إلى الجيش وقيادة القوات الخاصة الأمريكية، وفقاً لوثائق الميزانية.

ويمثل العثور على وسائل أخرى لتعقب الأهداف الأرضية أولويةً بالنسبة للبنتاغون، بالتزامن مع تخلي القوات الجوية عن طائرات المراقبة المحمولة جواً.

يعمل بالطاقة الشمسية ويستغل الرياح، وتكلفته بسيطة
تعكف شركة Raven Aerostar، التابعة لمجموعة Raven Industries، على إنتاج هذه المناطيد. وتقول الشركة إنها تتألف من وحدة تحكم في الطيران، وتعمل بالبطاريات التي تُشحن باستخدام ألواح الطاقة الشمسية المتجددة. وقال راسل فان دير ويرف، مدير المهندسين في الشركة، خلال مقابلةٍ أجراها إن المناطيد تحتوي على حزمة إلكترونيات محمولة تتحكم في سلامة الطيران، والملاحة، والاتصالات.

وتسمح تيارات الرياح للمناطيد بالتحليق في مسار الطيران المرغوب، كما تستغل الشركة مختلف سرعات واتجاهات الرياح لتحريك المنطاد إلى المنطقة المستهدفة.

ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ تستخدم الشركة خوارزمية تعلّم آلي خاصة تتنبّأ باتجاهات الرياح وتدمجها مع البيانات الواردة من المستشعرات في الوقت الفعلي، وفقاً لفان دير ويرف. وتعتمد الشركة أيضاً على برنامجٍ حاسوبي لقيادة ومراقبة أسطول المناطيد، ولديها مركز عمليات للمهمات يعمل به فريقٌ من مهندسي الطيران المدربين على مدار الساعة وفي جميع أيام الأسبوع.

ويمكن أن تؤدي المناطيد الدور نفسه الذي تؤديه الطائرات والأقمار الصناعية التقليدية، كما يمكن بناؤها وإطلاقها بجزءٍ بسيط من التكلفة وفي وقتٍ أقل بكثير. إذ إن تكلفة إطلاق وتشغيل المناطيد لأسابيع أو شهور لن تتجاوز مئات الآلاف من الدولارات، بينما تحتاج لملايين- وربما عشرات الملايين- من الدولارات لإطلاق وتشغيل الطائرة أو الأقمار الصناعية.

المادة الصحفية ترجمت ونقلت حرفيا من موقع عربي بوست ولا تعبر عن راي الموقع