السياسية – رصد:

 

يعتبر الصمود الأسطوري الذي يتسم به الشعب الفلسطيني بوجه الاعتداءات المتكررة من قبل المستوطنين وقوات الاحتلال، أولى المعضلات الإسرائيلية، خاصة مع ما يوازي هذه الاعتداءات من خطاب الكراهية ومس بالمقدسات. حيث وصفت صحيفة هآرتس الشعب الفلسطيني بـ “الأعجوبة الثامنة في العالم”.

النص المترجم:

نشرت وسائل الإعلام أن مسيرة “الموت للعرب” تمت حمايتها من قبل حوالي ثلاثة آلاف شرطي وجنود حرس حدود. إضافة إلى ذلك، تم الإعلان عن حالة طوارئ بالدرجة القصوى لقوات الأمن في المناطق المحتلة، إلى جانب استعداد سلاح الجو، وصواريخ القبة الحديدية كانت جاهزة لأي تطور. ولم نذكر بعد نشاط رجال الخدمات السرية، الذين يصلون إلى نهاية الكرة الأرضية. إذا كانت كل هذه الاستعدادات قد استهدفت تأمين احتفال، الذي كان يمكن أن يكون احتفالاً ساراً، ونوعاً من الفرح، فكيف سيستعدون لاحتلال آخر؟

أفترض، وليصححني المؤرخون، بأن عدداً أقل من القوات شارك في احتلال شرقي القدس في 1967.

وهذه المسيرة التي تبعث على الغثيان والتي ترافقها قوات كبيرة جداً واستعدادات عسكرية، هي الدليل على أن المدينة مقسمة، مثلما كانت قبل الاحتلال. في حينه، كان هناك جدران من الأسلاك الشائكة وجنود يقومون بأعمال الدورية على جانبي الحدود. والآن هذا هو الشعب الفلسطيني الذي نهض من أجل الحرية والاستقلال.

الشعب الفلسطيني هو الأعجوبة الثامنة في العالم، ويجدر استيعاب ذلك. كيف لم ينكسر في حين تقف أمامه قوة عظيمة من القوات العسكرية الأقوى في العالم، وحيث العالم العربي تخلى عنه- شاهدت فيلم فيديو يبرز متظاهراً في مسيرة الكراهية وهو يصرخ على السكان العرب “السعودية معنا، البحرين معنا”، ويمكن أيضاً تسمية المزيد من الدول – ومع ذلك، ما زال صامداً ويجذب انتباه العالم كله.

ألا نستحق مكاناً محترماً بين عجائب الدنيا السبع، ألا نستحق المكان الأول. لأن الأمر يتعلق بأشخاص عاديين يصمدون ويدافعون عن كرامتهم الإنسانية وكرامة كل مقاتلي الحرية في العالم.

عند تشكيل حكومة التغيير، وهي خطوة للأسوأ، “تحول كل العالم” إلى جبهة. عشية “مسيرة الأعلام” أعد لنا الزملاء في القناة 12 استطلاعاً ساذجاً، تم فيه سؤال من جرت مقابلتهم: “هل توافق مع الادعاء بأن الحكومة تستند إلى مؤيدين للإرهاب؟”. لم أعرف كيف أجيب عن السؤال الموضوعي هذا. ولكني فكرت على الفور بسؤال آخر في مكان آخر، هناك الباحث المهذب والأنيق يسأل: “هل تتفق أيها الأوروبي العزيز، مع الادعاء بأن اليهود يستخدمون دماء الأطفال المسيحيين من أجل خبز الفطير؟”.

في هذه الأثناء، يحتفل الظلام في إسرائيل؛ وفي الظلام لا يمكن التفريق بين اليمين واليسار، الجميع الشيء نفسه. ولكن مع ذلك، يمكن تمييز فوارق مهمة.

هاكم بنيامين نتنياهو، المحرض الرئيسي، يتحدث، في حين أن عومر بارليف، اليساري، يفعل. قبل سنة انسحب نتنياهو في اللحظة الأخيرة وألغى دخول مسيرة الكراهية إلى الحي الإسلامي، في حين أن بارليف يعلم نتنياهو الآن ما هي الوطنية؛ وكيف يتم ضرب العرب بقوة، كي يسمعوا بآذانهم أن “محمداً…”، “سنحرق قريتكم”. وكتب ميخائيل بن يئير، المستشار القانوني السابق للحكومة في تويتر: “الفرق بين القسم اليساري والقسم اليميني في الحكومة بخصوص المستوطنات فرق دقيق: القسم اليميني يشجعها، والقسم اليساري يسلم بها. بصورة فعلية الفرق غير موجود”.

يقولون لنا إن الخيار هو بين حكومة نتنياهو – بن غفير، وحكومة التغيير، وهذا غير صحيح. الاختيار الحقيقي هو بين حكومة التغيير التي ليس هناك من ينتقدها من اليسار، وبين اليمين الذين يتنافسون فيما بينهم من هو الأكثر تطرفاً. كما أن معارضة من 30 عضو كنيست على الأقل ستقف ضد حكومة نتنياهو – بن غفير، وسيعود صوت هؤلاء إلى حناجرهم وسيسمعون موسيقى مختلفة.

إذا خوفوكم ببن غفير، قولوا لهم: إذا كان بارليف في الميدان، فمن الذي سيحتاج إلى بن غفير؟

الكاتب: عودة بشارات

المصدر : الخنادق