أزمة ناقلات النفط.. استهتار سعودي وتجاهل أممي
السياسية :
في الوقت الذي دخلت فيه الهدنة المعلن عنها في اليمن حيز التنفيذ مازالت دول العدوان على اليمن تراوغ وتتنصل من بنود الهدنة، فالهدنة التي لقت تفاؤل حذر من قبل اليمنيين وترحيب داخلي ودولي وإقليمي بعد أن أعلن المبعوث الأممي هانس غروندبرغ أن الهدنة هي لمدة شهرين ولكنها قابلة للتمديد، نصت بنود الهدنة على وقف العمليات العسكرية الجوية والبرية والبحرية داخل وعبر حدود اليمن، إضافة إلى التوافق على دخول سفن الوقود إلى ميناء الحديدة واستئناف الرحلات التجارية من مطار صنعاء، واعتبر المبعوث الأمريكي تيم ليندركينغ الهدنة نقطة مهمة وحاسمة لرسم مستقبل اليمن.
على الرغم من أن بنود الهدنة لم تلبِ الحد الأدنى لطموحات حكومة الإنقاذ الوطني في الداخل اليمني، إلا أن صنعاء وفي سبيل التخفيف من معاناة الشعب اليمني وحرصها على الجانب الإنساني قبلت بالهدنة المعلنة، واعتربت أن الهدنة قائمة مادام الطرف السعودي الإمارتي ملتزم بها، وللأسف فإن التحالف السعودي الإماراتي اظهر خلال الايام الماضية أنه لايحترم الاتفاقات التي يوقع عليها وهنا يجب الاشارة إلى أن قوى العدوان مازالت تستمر بالقرصنة على سفن الوقود وانتهاك الهدنة المعلنة حيث قامت باحتجاز سفينة البنزين “سي هارت” واقتيادها إلى منطقة الاحتجاز رغم تفتيشها وحصولها على التصاريح الأممية في انتهاك غير مبرر سواء قبل إعلان الهدنة أو أثناءها.
التحالف السعودي الإماراتي يحتجز ناقلة الوقود ” سي هارت “
بسبب الحصار الخانق الذي تفرضة قوى التحالف السعودي الإماراتي على اليمن، أصبح الشعب اليمني يعاني من ازمة حادة في المشتقات النفطية،فبعد الإعلان عن الهدنة في اليمن كان من ضمن بنود الهدنة أن يسمح بدخول السفن التي تحمل النفط إلى اليمن ولكن ماحدث هو العكس حيث إن التحالف السعودي الإمارتي عمل على أحتجاز سفينة نفطية وهذا ما اعتبرته صنعاء تعنتاً سعودياً غير مسؤول واختراقاً واضحاً للهدنة وفي هذا السياق وأكد المتحدث الرسمي لشركة النفط عصام المتوكل أن هذا التصرف انتهاك غير مبرر سواء قبل إعلان الهدنه أو اثناءها.. مجددا الدعوة للمبعوث الأممي لوضع حد لهذه التجاوزات ، حيث قال نجدد دعوة المبعوث الأممي لوضع حد لهذه التجاوزات .
ومن الجدير بالذكر أنه كان قد تم الحديث عن دخول سفينتي البنزين (سندس والتي تحمل كمية 32331 طناً من مادة البنزين والسفينة سي ادور والتي تحمل على متنها كمية 32528 طناً من مادة البنزين) من جهة أخرى وفي ظل الدعوات التي وجهها مسؤولون في صنعاء إلى المبعوث الأممي لوضع حد لهذه التجاوزات اكتفى المبعوث الأممي الخاص هانز غروندبرغ بدعوة الاطراف المتحاربة في اليمن، إلى ضبط النفس في محافظة مارب، والالتزام بتعهداتهم لليمنيين ازاء الهدنة المعلنة في البلاد.
قرصنة السفن النفطية والتداعيات الكارثية لذلك
لايخفى على أحد أن استمرار القرصنة الإجرامية التي تقوم بها السعودية لها تداعيات كارثية مختلفة، وللأسف فخلال السنوات الماضية لم يقابل احتجاز السعودية للسفن النفطية أي تحرّك جادّ وملموس من قبل الأمم المتحدة وهنا تَطرح العديد من التساؤلات ، هل تدرك الأمم المتحدة حجم الكارثة المتوقع حدوثها نتيجة التصرفات العبثية السعودية؟ في الواقع يمكن القول إن احتجاز السفن النفطية وعدم صيانتها يجعلها كقنبلة موقتة فالآثار الجسيمة التي قد يخلفها الانفجار أو تسرب محتواه، سيتسبب في فقدان 115 جزيرة يمنية في البحر الأحمر تنوعها البيولوجي، وفقدان 126 ألف صياد يمني مصدر دخلهم بمناطق الصيد اليدوي، فيما سيتعرض 850 ألف طن من المخزون السمكي في المياه اليمنية لتهديد النفوق داخل البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن.
كما ستقتل بقع النفط الخام المتسربة 969 نوعاً من الأسماك (الأسماك الساحلية وأسماك الأعماق)، و300 نوع من الشعاب المرجانية ستختفي، إضافة إلى اختناق 139 نوعاً من العوالق الحيوانية التي تعيش في المياه اليمنية.ووفقاً للتقديرات سيحتاج اليمن- في حال وقوع كارثة أي تسرب نفطي إلى معالجة أضرار التلوث البحري مدة طويلة، قد تزيد على 30 سنة قادمة، كي تتعافى بيئة البحر الأحمر.
ما الذي يهدف اليه التحالف من احتجاز السفن النفطية
لاشك أن التحالف السعودي الإماراتي ومن خلال احتجازه المتكرر للسفن النفطية وعدم السماح بصيانتها يهدف إلى الضغط على حكومة الإنقاذ الوطني من خلال زيادة ازمة المشتقات النفطية وتعطيل الحياة اليومية للموطنيين في محاولة بائسة لإحداث فوضى في المناطق التي تسيطر عليها حكومة صنعاء ، في المقابل فإن السكوت الواضح للامم المتحدة والمجتمع الدولي تجاة التصرفات التي تقوم بها السعودية يدل على تواطؤ للمجتمع الدولي فالتهديدات التي تترتب على عدم صيانة السفن النفطية واحتجازها كبيره جداً فهل يتفادى المجتمع الدولي وينقذ حياة ملايين اليمنيين الذين قد يجدون أنفسهم من دون مياه للشرب ومساعدات غذائية، مع تفاقم الأزمة في البلاد. فالناقلة “صافر” لم تخضع لأيّ أعمال صيانة منذ بدء العدوان على اليمن، وهذا أدّى الى تآكل هيكلها وتردّي حالتها، حيث إن الناقلة كان يعلوها الصدأ على بعد ستّة كيلومترات من الساحل اليمني، وفي حال تسرب النفط منها ستكون من أخطر كوارث التسرّبات النفطية في التاريخ ، لان النفط المتسرّب قد يمتدّ على طول سواحل بلدان مجاورة لليمن مثل جيبوتي وإريتريا والسعودية، الأمر الذي قد يؤثّر على مسارات الشحن في البحر الأحمر.
في الختام يدرك الجميع أن التحالف السعودي الإماراتي ومنذ بداية العدوان على اليمن ارتكب جريمة ضد الإنسانية بسبب احتجازه للسفن النفطية فاحتجاز السفن النفطية وعدم وصول النفط إلى الداخل اليمني عمل على زيادة معاناة اليمنيين بل إنه وبسبب عدم توافر النفط في اليمن وفي ظل انقطاع التيار الكهربائي فقد العديد من اليمنيين ارواحهم حيث إن أغلب مولدات الطاقة في المستشفيات تعمل بالمشتقات النفطية كبديل لانقطاع التيار الكهربائي ولكن في ظل التعنت السعودي الإمارتي تظل المعاناة في اليمن قائمة.
* المصدر :الوقت التحليلي