محمد جرادات*

عندما حطَّمت أمواج خراطيم الماء جدار بارليف الإسرائيلي في معركة أكتوبر قبل 50 عاماً، رأى المحتل الإسرائيلي موجات مائية حطّمت بقوة اندفاعها أعظم جدار في الحروب[i]، وتبيّن له كيف للموج أن يكسر كل خصومه، بما أرسى متلازمة في ذهنيته العسكرية بين الموج والرعب النفسي.

لعلَّ هذا ما جعل نفتالي بينيت يستحضر الموج ليحطّمه، عقب ما شاهده من رعب اجتاح نسيجه الاجتماعي والنفسي، ودفعه إلى دعوة مواطنيه، من كلّ الغرباء في أرض فلسطين، إلى حمل السلاح الشخصي، فربما يقف خلف كل هيعة ضياء أو بدوي من بني القيعان[ii].

وإذ يحاول بينيت، ومن خلفه لابيد وغانتس وليبرمان، كسر موجات شعبان، وهم يصرخون خشية تسونامي قادم في رمضان، وقد انكفأت أمواج رياح طائراتهم عن سوريا، عقب ضربة أربيل الإيرانية، ولو إلى حين، فإنَّ دائرة الموت التي سبق لبينيت أن أطلقها عبر ألف جرح في تصعيد كبير للمواجهة الهجينة مع إيران، تكاد تغلق جروحها عليه، ليجد نفسه في خضم ساحة رماية، ربما لن تنفعه فيها دقة التكنولوجيا العسكرية في تصويبها الإلكتروني على الموج البشري لجيل فلسطيني جديد، وقد استحال كسره[iii].

رؤية الشاب اليعبداوي القادم من حياض جنين وهو يقاتل بكلّ جسارة وشرف عسكري، فيتخطى النسوة والأطفال، ليتحرك بكل ثقة وشموخ ورباطة جأش، لا يرمي طلقة إلى الأرض ولا إلى السماء من طلقاته العشر، إلا وقد صنع في انطلاقها قصة تتناقلها صفحات العدو قبل الصديق، فيراها القائد السياسي الإسرائيلي، كما العسكري والأمني، وخلفهما المعالج النفسي والباحث الاجتماعي، فلا يجد بديلاً من المسارعة إلى ترميم ما انفتق في بنية المجتمع النفسية، وفي جدار هيبته العسكرية[iv].

إنَّه الكابوس الممتدّ من حصون خيبر، أو لنقل إنَّها محنة الأسطورة التلمودية عبر التاريخ، منذ تيطس ونبوخذ نصّر والثورة المكابية، حتى آخر حلقات التباكي في هوشفتس. لذا، على العالم أن يدفع ثمن المحنة اليهودية على الدوام، وهي محنة العبودية الطوعية، بحسب قراءة لا بويسي، عندما يرخي العبد اليهودي عناده لطغيان الغرب من دون اعتراض، ربما ليعطوه وطناً قومياً ذات يوم، ولو على أطلال شعب آخر. وهنا، على هذه الأطلال تفتحت كل جروح الأسطورة اليهودية بما هو حقيقي وما هو مفتعل، لتتكسر على عتباتها كل أمواج الخطر[v].

الحياة على رماد الحروب أو هي بحسب التعبير القرآني “كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فسادا”[vi]. ولعل هذا ما يفسر التاريخ اليهودي القديم والمعاصر، فلا يكادون يخرجون من صراع حتى يشعلوا غيره، باعتبار أن الهجوم خير وسيلة للدفاع، فهم شعب الله المختار. لذا، هم مستهدفون طوال الوقت، فهم أبناء الله وأحباؤه. يحسدهم كل الخلق، بما يوجب أن لا يعيشوا إلا خلف جدر إسمنتية (لا يقاتلونكم جميعاً إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر)[vii].

إنها الجدر الإسمنتية، أو هي، بحسب تعبير وزير أمنهم غانتس، الدرع الفولاذية التي أرست الأمن منذ 20 عاماً، وهو يحتفل بمرورها على عملية “السور الواقي”، ولكنها في الحقيقة تزلزلت في معركة جنين، عندما قاتل الشباب الفلسطيني بقيادة محمود طوالبة في أزقتها 10 أيام حتى الشهادة.

وقد انتهت بسقوط عشرات القتلى من الجنود الإسرائيليين، وكان مسك ختامها عملية الياجور التي استُشهد فيها راغب جرادات بعد تفجيره حافلةً من سجّاني معتقل الجلمة الإجرامي، ولكن غانتس أصرّ على أن يحتفل بالذكرى، فإذا بجنين تخرج له مباشرة، لتعلن أن المعركة في أوجها، ومن قاتلك بالأمس في أزقة المخيم، يقاتلك اليوم في شوارع “بني براك”؛ حاضنة الحريديم المتطرفين[viii].

ولتعزيز قوة هذه الجدر، استقدم بينيت جوقة العربان المطبّعين في مصر والمغرب والإمارات والبحرين، ليتفاخر بينهم بالجراح المميتة التي أطلقها في وجه إيران وخلفها ومن كل حدب، وهو يرجو حلفهم تحسباً لتوقيع الغرب، بقيادة أميركا، الاتفاق النووي معها.

ولعلها محاولة لمنع هذا الاتفاق باللعب على ورقة النفوذ الإقليمي، ولو في وجود وزير خارجية أميركا، الذي طمأن بينيت إلى أن الاتفاق لا يعني كبح جماح الذراع الإسرائيلية، وأن المخاطر التي دفعت بينيت إلى إصدار بيان بالشراكة مع لابيد ضد النية الأميركية لرفع صفة الإرهاب عن حرس الثورة الإيراني، تأخذها أميركا بعين الاعتبار، وهو ما عكس مستوى الرعب الذي تعيشه كل الأوساط الأمنية والسياسية في الكيان الإسرائيلي من النفوذ الإيراني الآخذ بالاتساع من صعدة حتى غزة، وهو نفوذ قارب أن يجدف عبر مياه المتوسط الدافئة[ix].

تمادى بينيت في هجماته ضد إيران، سواء باغتيال اثنين من ضباطها في سوريا، أو بالهجوم عبر الطائرات المسيرة على كرمنشاه، فجاء الرد الإيراني المفاجئ الصاعق في أربيل، عبر تدمير مقر عمليات الموساد فيها، وهو ما جعل ارتدادات ضرباته تأخذ مفاعيلها عكسياً، وخصوصاً في ظل الانشغال الأميركي بالعملية العسكرية في أوكرانيا، والخشية الإسرائيلية من رفع اليد الروسية عن قواعد الاشتباك في سوريا، والتي ظلت حتى عهد قريب تميل إلى مصلحة “إسرائيل”. ولعل هذا ما دفع الضربات الإسرائيلية إلى الانكفاء، بما فاقم أزمة هيبة الردع التي لطالما تفاخر بها الكيان العبري[x].

نظرة فاحصة إلى التعبيرات الإسرائيلية المرتبطة بالميدان القتالي، تلخص أزمة العقل الإسرائيلي ومستوى قلقه وشعوره بالضياع بحثاً عن تأكيد الذات الجمعية وشرعنتها، ولو كان انعكاسها داخلياً محضاً. ولعل هذا ما يفسر صراخ بينيت عقب عملية “بني براك”، وهو يقول: “إسرائيل تواجه موجة إرهاب عربي قاتل، وسنكافح الإرهاب بكلِّ مثابرة وعناد وبقبضة حديدية. لن يقتلعونا من هنا. سننتصر”.

إذاً، هو هاجس الاقتلاع الذي يسكن ذهن بينيت، وهو الذي قضى جل حياته في تعزيز الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية، فلا يعتمل في خلجات نفسه ونبض قلبه الخائف إلا الاقتلاع، في تعبير مكشوف عن حال نبتة آن أوان قطفها، وإن أبت القطاف، أو هي شجرة غُرست في غير مكانها أو غير أوانها، وتنتظر من يعالج أزمتها في وقت ما[xi].

موت، جرح، موج، كسر. أيّ معادلة ذهنية يمكنها الانتظام الطبيعي على شاكلة كهذه! وأيّ مراهقة سياسية وأمنيّة تتنفَّس في خضم وسط اجتماعي مسكون بالجراح المميتة في وجه الموج العاتي! وهو موج جاهر إعلامهم بأنّ الجهاد الإسلامي هو من يقوده اليوم، عبر بحر متلاطم تسند فيه جنين ظهرها إلى هدير غزة الزاخر، وقد أعلنت مع جنين النفير العام، ثم جعلت صواريخها على أهبة الاستعداد، بعد لقاء خاص لأمين عام الجهاد الحاج زياد نخالة مع السيد حسن نصر الله، ثم تلقيه اتصالاً هاتفياً عاجلاً من رئيس المكتب السياسي لحماس الأستاذ إسماعيل هنية، وهو ما جعل القيادي خالد البطش يعلنها بوضوح تام، بأن اجتياح جنين يعني معركة مع غزة، وذلك عقب تهديدات قائد أركان الجيش الإسرائيلي كوخافي بأنهم قد يضطرون إلى عملية “حارس الأسوار 2″.

وقد تفاخر بأنّ حادثة جنين رسالة ردع لكل الأعداء، وخصوصاً في غزة، وأن جيشهم قد يبقى طوال شهر رمضان وعيد الفصح اليهودي، أو يزيد في حالة تأهب، وأعطى أوامره لـ”الجيش” بالاستعداد لمهاجمة إيران[xii].

إنها اليقظة الروتينية، بحسب بينيت، خلال تفقده لواء السامرة التابع للشاباك، داعياً جمهوره المسكون بالرعب إلى العودة للروتين، فيما تبقى قوات الأمن في حالة تأهب قصوى، ويبقى الهدف كسر الموجة. لكن هذه اليقظة الروتينية تحولت إلى توتر النظام الأمني بأكمله، فبحسب الخبير العسكري نوعام، يتم إحباط عمليات فدائية في كل لحظة، منها 10 عمليات كبيرة، بحسب رئيس أركان الجيش، وهو ما جعل أعضاء في الكنيست الصهيوني يطالبون بتسليح من هم في سن 45 عاماً وما فوق، لأنَّ مضاعفة عدد رجال الشرطة لن يساعد حتى مع صرف موازنة عاجلة إضافية بقيمة 61 مليون شيقل[xiii]!

لذا، لم يكن غريباً أن تنصب أمواج الجبروت الإسرائيلي نحو الأقصى جنوباً وجنين شمالاً. وقد تجلى هذا الجبروت غداة الذعر بعد واقعة بئر السبع والخضيرة، وثالثتها في عمق “تل أبيب”، بإدخال المتطرف بن غفير ليدنس المسجد الأقصى، في زيارة تحدٍّ للمقاومة في غزة، وإن على عجل، ذات صبيحة كانت فيها مدرعاتهم تجتاح جنين لتعتقل مطلوبين على علاقة بالبطل ضياء حمارشة منفذ عملية “بني براك” في “تل أبيب”.

وقد أراد الإسرائيلي بذلك أن يستعيد هيبته عبر سلاح الردع، وأين؟ في مصدر القداسة ونبع القوة، وأيّ قداسة تفوق الأقصى؟ وأيّ قوة أعظم في الشعور الإسرائيلي الراهن من قوة جنين التي تنام وتصحو على الاشتباك![xiv].

فشل الهجوم الخاطف على جنين في استعادة الهيبة التي مرّغها ضياء برباطة جأشه، تجلّى بداية بتكسّر موجة هجومه، بعدم اعتقال المستهدفين أو اغتيالهم، ثم باضطراره إلى طلب تعزيزات ضخمة ليؤمّن خروج قواته الخاصة المعززة بالقناصين، وأخيراً بإصابة أحد جنوده، ما اضطره إلى طلب دعم جوي لنقل الجريح إلى مشفى رمبام في حيفا.

وفي غمرة هذا الارتباك، أطلق النار على الفتية، من رماة الحجارة، ليقتل أحدهم، وإن نجح بقتل أحد المقاتلين ممن واجهوا مدرّعاته بالرصاص، وهو من غير المستهدفين أساساً بالاعتقال أو الاغتيال، وهو ما هلّل له الإعلام العبري، باعتباره قتل اثنين من الإرهابيين[xv].

لا تتمتّع جنين بمكانة جغرافية استثنائية، كقطاع غزة، وإن نسبياً، ولا بمحيط بشري واسع، مثل نابلس أو الخليل. جنين خاصرة رخوة من جميع الجوانب، فلا يجد الإسرائيلي عائقاً يمنعه بحكم الطبيعة الجغرافية من ممارسة شتى صنوف وحشيته، ولكنها محط رحال الشقاقي وفكره الأصيل، إذ كانت له بصمات منذ عقود خلت.

ثمة تيار استثنائي يسري في عروقها، وهو لا يعرف مع المحتل غير لغة واحدة، ليس فيها الوطن إلا قطعة أبدية، وليست فيها “إسرائيل” إلّا مستوطنة واحدة يجب إزالتها من دون مواربة، ولا أشباه أنصاف حلول[xvi].

يعي الإسرائيلي هذه الخصوصية لجنين. وقد خبرها منذ عقدين، وتعامل معها وفق خصوصيتها. واليوم، يصرّح بأزمته المستفحلة معها، وهو ما تفاقم منذ “نفق الحرية” في سجن جلبوع، حين نجحت مجموعة من كوادر الجهاد الإسلامي، وكلهم من جنين، ومعهم أسير بارز من فتح، في تحطيم منظومة الأمن الإسرائيلية بشكل غير مسبوق، بما عزز جنين كرافعة للعمل المقاوم، فلا يكاد الإسرائيلي يقترب من حياضها إلا تنفجر في وجهه، لتتحول شوارعها إلى ساحة مواجهة دامية، وهو ما تجلّى في بلدة السيلة الحارثية في مواجهات متسلسلة اضطر فيها المحتل إلى أن يستقدم أكثر من 120 آلية عسكرية لنسف بيوت بعض أبنائها ممن نفذوا عملية جهادية ضد غلاة المستوطنين قرب نابلس، وهو أمر لا يواجهه المحتل في بقية مناطق الضفة الغربية الخاضعة لاستباحته الأمنية، وإن في ظل تواجد هشّ لأجهزة أمن السلطة الفلسطينية المرتبطة بتنسيق أمني دائم معه[xvii].

ولكن الإسرائيلي في سعيه المتسارع لاستعادة قوة ردعه، ظلَ يجد في جنين ضالته، كما هي مصدر التحدي الأول. لذا، بادر، وهذه المرة بعناية أفضل، لاختيار المجابهة مع جناحها الضارب؛ كتيبة جنين التابعة لسرايا القدس، بعيداً عن حاضنتها الشعبية وأزقتها الضيقة، نحو مفرق عرابة البعيد نسبياً، وهو مفرق طرق واسع متصل مباشرة بخط سريع لمعسكرات الجيش الإسرائيلي، وهو ما يجعل المجابهة أكثر أماناً للمحتل.

وقد تعقّب سيارة 3 من مقاتلي الكتيبة عبر جهاز تعقب تم إلصاقه أسفل السيارة من خلال بعض عملائه. ورغم ذلك، وقع في مجابهة شرسة استُشهد فيها الشبان الثلاثة، بعد أن تجاوزوا الفخ، وأفرغوا 50 رصاصة في 4 من ضباط وجنود وحدة اليمام الخاصة، أحدهم قائد سرية أُصيب بجراح حرجة، جعلته يفقد الوعي حتى الآن، وهو من قاد منذ 20 عاماً عشرات عمليات القتل والأسر على طول الضفة الغربية وعرضها[xviii].

خسائر وحدة اليمام في هجومها الأخير على جنين، عبر مفرق عرابة، أدخلت القيادة السياسية والعسكرية في الكيان العبري، ومعها الإعلام العبري، في تناقض إضافيٍّ، فلا هي قادرة على التفاخر، وإن حاول بعضها ذلك، بزعم استعادة زمام المواجهة، وكبح جماح العمليات، وإعادة الأمن النفسي والميداني إلى الشوارع في مدنه ومجمعاته السكنية، ولا هذه القيادة قادرة على الاعتراف الصريح بتكسر أمواج عملياتها على أعتاب الحق الفلسطيني المسلح ببنادق بدائية الصنع، وهو حقّ اضطر بعض الإعلاميين الإسرائيليين إلى التنبه إليه كحافز حقيقي محرك لهؤلاء الشبان الذين يدفعون حياتهم لأجله[xix].

ودفعت خسائر وحدة اليمام بعض الصحف الإسرائيلية إلى مطالبة المستوى العسكري بتجنّب المجابهة الميدانية المباشرة مع الشبان الفلسطينيين في جنين، على بساطة أدواتهم القتالية، مقارنة حتى بما كان بين أيديهم قبل عملية “السور الواقي”، وتفضيل الاغتيال عبر الطيران الحربي، وخصوصاً في ظل نجاح الشاباك الإسرائيلي في وضع أجهزة التعقب، في تجاهل تام لمبعث هذه الهجمات الإسرائيلية وحقيقتها، باعتبارها هجمات استعراضية في المقام الأول لصناعة صورة بديلة في الذهنية الإسرائيلية، يمكنها طمس صورة أبطال العمليات الأخيرة وهم يتنقلون في الشوارع بجرأة منقطعة النظير، بما يدفع الانطباع الّذي أخذ يسود شتى شرائح المجتمع الإسرائيلي بأنّ “إسرائيل” هي أخطر مكان على اليهود في العالم، وهو ما أدى إلى انخفاض نسبة استخدام المواصلات العامة في “إسرائيل” بنسبة 25%[xx].

ولعلَّ هذه الخسائر هي التي أوقعت وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، بارليف، في سقطة خطرة، غداة تغريده المتفاخر في “تويتر”، مباركاً لوحدة اليمام التابعة لقوات شرطته في حرس الحدود نجاحها بالقضاء على الإرهابيين، في عملية مفرق عرابة، وهو يتقدم بالتعازي لعائلات القتلى، ويتمنى الشفاء للجرحى، في وقت نفى الجيش الإسرائيلي سقوط قتلى، مكتفياً بالحديث عن 4 جرحى. وقد دفع هذا الاعتراف الضمني للوزير بوجود قتلى إلى حدوث حالة من الهستيريا عند المعلّقين على تغريدته[xxi].

ويحاول قادة الكيان جني بعض المكاسب في خضم أزمة التصعيد الراهنة، وهم في كلِّ الأحوال يخشون خروجها عن الاحتواء المحلي، فاستقدموا المطبعين للقاء على قبر بن غوريون، وخصوصاً في ظل التصدع العالمي على وقع العملية العسكرية في أوكرانيا، وهي التي أوقعت الكيان في دائرة الحرج أمام جمهوره، والعالم الغربي، نظراً إلى عجزه عن نصرة أوكرانيا التي يتزعمها يهود صهاينة، وثمة رابط نفسي وثقافي وتاريخي بينهما، ولكنها أولوية الغطاء الروسي لقواعد اشتباكه الحيوية في سوريا ضد إيران، ليجد نفسه في خضم التصعيد الراهن خارج دائرة أيّ حرج، وهو في الآن نفسه يقدّم هدية سخيّة للحريديم، عبر تقديم خطة استيطان لبناء 4 آلاف وحدة سكنية في الضفة الغربية، والإسراع ببناء جدار إسمنتي فاصل جديد يمتد من سالم قرب جنين حتى حدود القدس، بما يوفر ضمان الصمت الأميركي والإقليمي، وربما الصمت الفلسطيني الرسمي[xxii].

لا تُقاس مفاعيل التصعيد الراهن بخسائر هنا أو مكاسب هناك، فشهر رمضان ما زال في مستهله، وليس هناك أحد يُحذّر من هذا التصعيد أكثر من قادة الاحتلال الإسرائيلي، والأسابيع القادمة حبلى بكل الاحتمالات، فبدر رمضان يأتي باكراً في منتصفه. وعبر صفاء نوره، تتراءى جراح وطن تحيطه أمواج المتوسط والأحمر. وثمة بحرٌ ميت لا يعلوه موج عربيّ سبق للمحتل أن كسّره، ولكنه موج لا يميته ألف جرح وزيادة، أولّه في باب العمود الذي ينتفض شعبه في وجه عجرفة لابيد، وآخره قبالة أربيل، حيث يشق طريقه نحو عالمية شرقية تصنع الحياة.

المصادر والمراجع:

[i] https://www.shorouknews.com/news/view.aspx?cdate=05102020&id=6b40d3ce-8e2c-4f64-86dd-717943585373

[ii] في ضوء العمليات الفدائية… سيناريوهات المواجهة في رمضان | الميادين (almayadeen.net)

[iii] “الموت بألف جرح”.. خطة بينت لمواجهة النووي الإيراني (alaraby.co.uk)

[iv] شاهد.. مواقع التواصل تبارك عملية بني براك الفدائية – قناة العالم الاخبارية (alalam.ir)

[v] تحميل كتاب مقالة العبودية الطوعية – كتب PDF (alarabimag.com)

[vi] القرآن، المائدة 64.

[vii] القرآن، الحشر 14.

[viii] غانتس بمناسبة مرور 20 عامًا على عملية “السور الواقي”: “لا أحد محصن- الجميع في مرمى يدنا” – I24NEWS

[ix] بينيت يدعو أمريكا لعدم رفع الحرس الثوري من قوائم الإرهاب.. ويشير إلى هجمات الحوثي – CNN Arabic

[x] مسارات المواجهة بين إيران و”إسرائيل”.. مزيد من السخونة | الميادين (almayadeen.net)

[xi]بينيت: إسرائيل تواجه “موجة قاتلة” من الإرهاب (aa.com.tr)

[xii] https://www.fateh-voice.net/post/151202

[xiii]تدعيم ميزانية الشرطة الإسرائيلية لتحسين جهوزيتها للتعامل مع “موجة” العمليات | إسرائيليات | عرب 48 (arab48.com)

[xiv]شهيدان وإصابات بينها خطيرة باشتباك في مخيم جنين | فلسطينيات | عرب 48 (arab48.com)

[xv] (محدث 4):: فيديو|| إصابة جندي.. شهيدان و15 إصابة برصاص الاحتلال في جنين – القدس (alquds.com)

[xvi] https://www.alkhanadeq.com/post.php?id=1386

[xvii] نفق الحرية | فلسطين اليوم (paltoday.ps)

[xviii] صراع وحدات النخبة الإسرائيلية.. هل تسقط “اليمام”؟ – شبكة قدس الإخبارية (qudsn.co)

[xix] https://alkhanadeq.com/post.php?id=2590

[xx] صحفي إسرائيلي: تنفيذ الاغتيالات بالطائرات في الضفة الغربية غير منطقي | عكا للشؤون الإسرائيلية (akka.ps)

[xxi] https://twitter.com/omerbarlev/status/1510177598453788675

[xxii] الكشف عن خطة استيطانية واسعة بالقدس والضفة – القدس (alquds.com)

* المصدر :الميادين نت

* المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع