بقلم: ناتالي الجرابلي

(صحيفة‌ ‌”‌‌لوجورنال‌ ‌دي‌ ‌مونتريال‌ – ‌Le‌ ‌Journal‌ ‌de‌ ‌Montréal‌‌”الكندية الناطقة باللغة الفرنسية- ترجمة: أسماء بجاش, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)

الضحايا الأبرياء، الأرواح المبعثرة، الخراب والدمار والمجاعات، كل الأهوال الناجمة عن الحروب, من السهل أن نفهم لماذا أثار الغزو الروسي لأوكراني حفيظة العالم الغربي, ولكن إذا احتكر الصراع الروسي الأوكراني النخبة السياسية، فإنه لا يحتكر الحرب.

الصراعات:

هناك عدة حروب يدور رحاها في الوقت الحالي على طول امتداد رقعة الكرة الأرضية, السواد الأعظم منها  دموي لا يرحم، شوهت صفحات التاريخ.

لنلقي نظرة عن الوضع الحاصل في اليمن الذي لا يزال منهمك في سرد فصول حرب مأساوية منذ أواخر مارس من العام 2015, حيث حصد الصراع فيه أرواح أكثر من 377 ألف شخص, نتيجة للأسباب المباشرة والغير مباشرة للعمليات القتالية.

وفي إقليم دارفور في السودان، حيث لقي 300 ألف شخص مصرعهم جراء الصراعات التي  تغذيها الانتماءات القبلية لكل طرف, وفي إثيوبيا, وبالتحديد في إقليم تيغراي، سقط ما يقرب من 100 ألف شخص خلال 15 أشهر, ولا يمكننا اغفال الذكر عن الإبادة الجماعية في رواندا وغيرها الكثير.

هذه الصراعات كلها بشعة وشنيعة, ومع ذلك فإن الغرب يغض الطرف عن قتل الأبرياء في ظل صمت وبلا مبالاة.

لا نسمع أي زعيم يندد بحزم بالأعمال الوحشية التي يتعرض لها المدنيون الأبرياء, ولا أحد يشجب المآسي الإنسانية, لا أحد يدعو لمعاقبة المعتدين.

ولدعم أوكرانيا، تتبنى الدول الغربية عقوبات متهورة سوف يدفع مواطنوها الثمن باهضا، كما يتم تعرضهم للابتزاز النووي.

إلا أنها تظل صامتة في مواجهة الفظائع التي ترتكبها الصين ضد الأويغور- يعد الأويغور أكبر مجموعة عرقية من أصول تركية في منطقة شينجيانغ الصينية ذاتية الحكم, حيث يعانون من حرمانهم من حقوقهم الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، ناهيك عن السياسية منها- إنهم يقاطعون الرياضيين الروس، ولكنهم يرسلون أبطالهم إلى أولمبياد بكين.

وعلى رأس كل شيء، تدعو الأمم المتحدة الصين إلى الانخراط في مجلس حقوق الإنسان!

السكان المدنيون في أوكرانيا يعانون الكثير, نظراً لكون الألم مفجع وقاسي, ومع ذلك، لماذا هذا السخط مع الهندسة المتغيرة؟ هل موت البعض أقل قيمة من موت الآخرين؟ هل سوف يكون هناك مقياس للأخلاق لتقييم الدراما الإنسانية؟ مقياس من الألم؟ مقياس الأديان أو الألوان؟

المصلحة:

وفي مواجهة الحروب المنسية، فإن الإفراط في إظهار الفضيلة المشينة لأوكرانيا ونفاق الغرب الذي لا يطاق, حيث يترك المرء في حيرة من أمره.

قال شارل ديغول: “البلدان ليس لديها أصدقاء، لديهم مصالح فقط”.

فأين مصلحة الغرب الحقيقية في تبرير مثل هذا الهروب، وفوق كل شيء، المخاطرة بالتهديد النووي الروسي؟

*  المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع