جدل حول الموقف العربي من حرب روسيا و اوكرنيا
السياسية:
أثارت مواقف الدول العربية المختلفة حيال الغزو الروسي لأوكرانيا نقاشاً وجدلاً في العديد من الصحف العربية، إذ شدد كتاب على ضرورة الحياد العربي وبحث العرب عن مصالحهم فقط، بينما رأى آخرون أنه “لا حياد” في العالم بوضعه الحالي.
وانتقد عدد من الكتاب ما وصفوه بالغياب العربي في هذه الأزمة ومختلف القضايا العالمية، لكن آخرين اعتبروا أن هناك فرصة أمام الدول العربية لتسليط الضوء على قضاياهم على المستوى الدولي.
* تباين في المواقف
وصفت المصري اليوم موقف الدول العربية من القرار الأممي لإدانة الغزو الروسي لأوكرانيا بأنه “تصويت تاريخي”.
وأثنت نداء الوطن اللبنانية على الموقف اللبناني من الأزمة من خلال تصويته في مجلس الأمن على “إدانة الغزو والدعوة إلى الحوار”.
تقول: “بهذا الموقف المشرّف، وقف لبنان “صفاً واحداً وصوتاً واحداً” مع الدول العربية والغربية رفضاً لانتهاك ميثاق الأمم المتحدة والمواثيق الدولية وشرعة حقوق الإنسان من قبل روسيا”.
وعن الموقف السوري من الأزمة، يشدد بسام أبوعبد الله في الوطن السورية على أن وقوف دمشق مع موسكو “أكثر من ضروري وهام، إذ لا حياد بعد الآن في هذا العالم المتغير والجديد”.
ويرى أن “الكل يبحث عن مصالحه في هذا العالم الجديد”، معرباً عن اعتقاده أن “سوريا ستكسب مع انتصار روسيا في أوكرانيا”.
ويضيف: “إذا كانت تركيا تجلس على التلة تراقب ما يحدث، فإنها لا شك تحلل ما يجري، وترى التحولات الحاصلة التي تقول إن عالم ما بعد أوكرانيا غير ما قبله، أليست السعودية بالاتجاه نفسه، والإمارات كذلك! العالم يتغير فعلاً، وبوتين يفرض المعادلات الجديدة على الرغم من هستيريا الغرب وجنونه”.
ويقول فارس خشان في النهار العربي إن “النأي بالنفس الذي تعتمده دول خليجية مهمة وإسرائيل، في الحرب الروسية على أوكرانيا ينطلق، فعلياً، من تراكم الأخطاء الأمريكية”.
ويرى الكاتب أن موقف دول الشرق الأوسط “لا ينبثق من رهانات على هذا المعسكر أو ذاك، إذ أنّ الجميع يدركون، منذ انطلاق الصاروخ الروسي الأوّل، أنّ الانتصار العسكري محسوم لمصلحة موسكو، مهما قاوم الأوكرانيون، فيما الانتصار المالي – الاقتصادي معقود لمصلحة واشنطن وبروكسل وحلفائهما، مهما “كابر” فلاديمير بوتين”.
يقول سهيل كيوان في القدس العربي اللندنية: “يجب أن يكون الموقف العربي محايداً، وألا يميل إلى جانب أيٍ من الطرفين، فللعرب مصالحهم مثل الآخرين، وواجبهم رفض سياسة «إما معنا أو ضدنا» ومع الوقف الفوري للحرب والعودة إلى مائدة المفاوضات”.
ويرى أن “المنطق هو أن يتّخذ العرب موقف دعاة السّلام والوئام، وعدم اللجوء إلى القوة في حلّ القضايا السياسية والاقتصادية” لأن هذه الأزمة من وجهة نظره هي “حرب مصالح ونفوذ”.
يقول عبدالله الأشعل في رأي اليوم اللندنية إن “العالم العربي سوف يتأثر بشدة بهذا الصراع في نقطتين الأولى هي الهيمنة الأمريكية على كل العالم العربي ولا يعرف أن فازت روسيا فإن هذه الهيمنة ستضعف دون ضمان بأن تسري النتيجة على العرب”.
ويشير إلى أنه “في كل الأحوال فإن هذه التطورات تلقى الرعب في قلب إسرائيل ولكنها لا تلقى الطمأنينة في نفوس العرب”.
* غياب عربي
ومن وجهة نظر علي فخرو بمقاله المنشور في القدس العربي اللندنية والشروق المصرية والخليج الإماراتية فإن “العرب، في أوضاعهم الحالية المأساوية، لا يعتقد أحد بأهميتهم الفاعلة، لا على المستوى الدولي، ولا حتى على مستوى إقليمهم”.
يقول: “جميع أطراف المسألة الأوكرانية، بحربها وأكاذيبها ومبارزاتها الإعلامية، لا يهمها مواقف الأنظمة العربية، إذ أنهم يعرفون بأن بعضها خاضع للنفوذ الروسي، وبالتالي سيساند المنطق والفعل الروسي، وأن بعضها الآخر خاضع للنفوذ والأوامر والابتزازات الأمريكية والأوروبية وبالتالي سيقفون في الخندق الآخر”.
يضيف: “أما مواقف الشعوب العربية ومجتمعاتها المدنية، فتعرف أطراف الصراع أنها لا تقدم ولا تؤخر”.
يقول عماد شقور في القدس العربي إن العرب والفلسطينيين “غائبون” وسط كل هذه الأحداث والتغيّرات الحالية في العالم.
بينما يرى سمير التقي في النهار العربي اللبنانية أن العديد من دول الشرق الأوسط تعتبر نفسها حليفة للولايات المتحدة، ويضيف: “لكنها وفي زمن الرخاوة الأمريكية والاسترخاء الدولي، فتحت محاور وتحالفات تكتيكية وتوافقات متنوعة مع روسيا في الإقليم”.
ويواصل التقي سرد تقييمه للموقف العربي بالقول: “في ظل هذا الانقسام، وفي ظل تفكك العولمة (Deglobalization)، تختلف الخيارات، ولا يعود من الممكن أن نقول إننا في الاقتصاد والدبلوماسية مع روسيا وفي التحالفات الأمنية مع الولايات المتحدة”.
ويدعو نبيل سالم في الخليج الإماراتية الدول العربية “لوضع خطط طوارئ عاجلة وسريعة لتفادي ما لا تحمد عقباه إذا ما تفاقمت الحرب الأوكرانية الروسية، وطال أمدها، وأن عليها التحرك بسرعة لإنقاذ رغيف الخبز العربي من نار الحرب الأوكرانية، قبل أن تقع الفأس في الرأس”.
* فرصة للعرب
يرى ياسر أبوهلالة في العربي الجديد اللندنية أن الأزمة الحالية هي فرصة للعرب “لإدماج قضاياهم في المزاج العالمي”، ويقول “أمامنا فرصة لنصحّح التاريخ بحيث يفهمون عدالة قضايانا، وهي لا تقلّ عدالة عن قضية أوكرانيا، مع فارق إن الفلسطيني يعاني من المشروع الصهيوني منذ قرن، والسوري يعاني من أسرة الأسد منذ نصف قرن. هذا هو التصحيح المطلوب للتاريخ”.
ويستغرب الكاتب الموقف الإماراتي من الأزمة، حيث إن “بلداً مثل الإمارات، يضم قاعدة عسكرية أمريكية، يقف مع روسيا، وإنْ بصورة أقل فجاجة، مع إن روسيا وقفت متفرّجة عندما تعرّضت الإمارات لعدوان بالطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية والموجهة، ولم يقف معها غير الأمريكيين بصواريخ باتريوت وصواريخ ثاد التي استخدمها الأمريكيون أول مرّة دفاعا عن الإمارات”.
يتساءل عبدالله العتيبي في الاتحاد الإماراتية: “هل يمكن للدول الإسلامية والعربية أن توجد لها مكاناً في الخريطة العالمية الجديدة كقطب صاعد في هذه المرحلة؟”
ويستطرد: “كيف نبدأ في صنع قطبيتنا؟ بالحياد المدروس بين الشرق والغرب! كيف ننطلق الآن؟ بدعوة موسكو وكييف لطاولة المفاوضات في «المدينة المنورة» وبرعاية منظمة التعاون الإسلامي”.
يرى الكاتب أن “العملاق الإسلامي يجب أن يكون أولاً عملاقاً متصالحاً مع نفسه من الداخل، ثم يكون قادراً بعد ذلك على تقديم نفسه للعالم كمكون مدني في مقابل مكونات مدنية أخرى وليس كياناً دينياً تائهاً في عوالم لا تشبهه”.
* المصدر : بي بي سي