وسام أبو شمالة*

 

تمكّن عدد من الثوار الفلسطينيين من اختراق الجدار العسكري المتطور الذي أنشأه العدو كحاجز أمني لمنع تسلّل خلايا المقاومة من قطاع غزة إلى داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة العام 1948. وبعد اجتياز الشبان الفلسطينيون الثائرون الجدار الّذي يسمّيه العدو “العائق الذكي”، وصلوا إلى شاحنة عسكرية تابعة لقوات الهندسة لـ”الجيش” الإسرائيلي، وأضرموا فيها النار، فاحترقت بالكامل، ثم عادوا إلى قطاع غزة سالمين من دون أن يكتشفهم، وتم تصوير الشاحنة المحترقة.

قرّر العدو إنشاء جدار عسكري يفصله عن غزة بمواصفات أمنية عالية، بعد العدوان على القطاع في العام 2014 في معركة “العصف المأكول” التي استمرّت 51 يوماً، وتمكّنت فيها المقاومة من تنفيذ عمليات عسكرية خلف خطوط العدو، والعبور عبر أنفاق عسكرية تحت أرضية تجاه مواقع عسكرية قرب المستوطنات المحاذية لقطاع غزة، ومهاجمة القوات العسكرية المتمركزة على تخوم القطاع، ما أسفر عن قتل 71 جندياً وضابطاً صهيونياً خلال المعركة.

استمرّ العدو ببناء الجدار العسكري المتطور لمدة 3 سنوات ونصف السنة منذ العام 2017، بكلفة مالية تزيد على مليار ومئتي ألف دولار أميركي، واحتفل باستكمال بنائه في كانون الأول/ديسمبر 2021، وشارك في حفل التدشين وزير الحرب الإسرائيلي بيني غانتس، ونائبه ورئيس أركان “الجيش” أفيف كوخافي.

وقال غانتس في الحفل إنَّ الجدار هو مشروع تكنولوجي سيحرم المقاومة من إحدى القدرات التي تحاول تطويرها، وهي الأنفاق، وإنه يهدف إلى وضع حاجز حديدي وخرساني وأجهزة استشعار، بهدف اكتشاف محاولات المقاومة تنفيذ عمليات فدائية وإحباطها فوق الأرض وتحتها.

يبلغ طول الجدار 65 كلم، ويرتفع عن الأرض 6 أمتار، بعمق يصل إلى 40 متراً تحت الأرض، وحاجز بحري مزود بالرادارات والكاميرات، واستخدم “جيش” العدو 140 ألف طنّ من الحديد والفولاذ في بنائه.

ويعدّ الجدار جزءاً من بنية تحتية تكنولوجية أوسع، يطلق عليها “الجدار الإسمنتي الدلالي”، وتشمل منظومة دفاعية متكاملة تحتوي عشرات أبراج المراقبة، ومئات الكاميرات، ووسائل إنذار مسبق، ومجسّات حسّاسة.

يعتقد العدو أنَّ المقاومة تخطّط لاختراق الجدار، ولن تستسلم للمنظومة الأمنية/ التكنولوجية العالية الدقة التي استخدمت في إنشائه، وستسعى لاكتشاف نقاط ضعفه، وهو يخشى أن تنجح في تجاوز حصانة الجدار، رغم كفاءته الفائقة وكلفته المرتفعة، وهو ما بدأ يتحقّق على الأرض، من خلال عبور ثوار فلسطينيين من داخل قطاع غزة بطريقة مجهولة. ولم يكتفوا بالدخول والخروج الاستعراضي فقط، فقد أحرقوا شاحنة عسكرية، ولم يكتشف العدو الحادثة إلا بعد عودتهم سالمين إلى قطاع غزة.

عكست تعليقات عددٍ من الكتاب والإعلاميين الإسرائيليين القريبين من المستوى العسكري للعدو حالة الإحباط وضعف الثقة والتشكيك في قدرة الجدار على النجاح في الحدّ من عمليات المقاومة.

وعلّق أمير بوخبوط من موقع “والا” العبري قائلاً: “يتعيّن على قائد فرقة غزة في الجيش الإسرائيلي، نمرود ألوني، أن يتحقّق مما حدث خلال الساعة الأخيرة على حدود قطاع غزة، ولماذا حدثت تلك الفوضى، وأين كانت أجهزة الرصد والدوريات!”.

واعتبر غال بيرغر من قناة “كان” العبرية أنَّ الاحتفالات بالجدار الجديد حول غزة كانت مبكرة جداً، فما دام هناك جدار قديم يمكن عبوره من دون مشكلة، لا يوجد شيء يستدعي الاحتفال. بالنسبة إلى حركة حماس، فهي تعرف جيداً نقاط ضعف الجدار حول قطاع غزة، وتعرف أين الجديد منه وأين القديم. ليس بالضرورة أن يكون الجدار الجديد محكماً، ويضمن عدم اختراق الحدود، فدائماً ما ستكون هناك اختراقات للسياج.

ورأى الصحافي الإسرائيلي يوني بن مناحيم أنَّ “حماس” تطور قدراتها العسكرية استعداداً للحرب القادمة، وستجتاز الجدار “الذكي” والحاجز البحري، وأنها طوّرت صواريخ أكثر دقّة، وبقدرة تفجيرية عالية، وقال: “حماس لن تستسلم”.

يخشى العدو أن تتمكَّن المقاومة من بناء أنفاق هجومية تحت أرضية تمرّ من أسفل جداره التحتي، بعمق يزيد على 40 متراً. ورغم إعلانه أنَّه أحبط محاولات المقاومة لتنفيذ هجمات عبر الأنفاق في معركة “سيف القدس” منتصف العام الماضي، فإنَّه يدرك أنّها تستفيد من تجاربها، وتعمل على تحويل التحديات التي تواجهها إلى فرص، وهو ما أثبته المواجهات والمعارك العسكرية السابقة، وربما ستثبته معارك المقاومة القادمة معه.

* المصدر : الميادين نت