بقلم: أودري بارمنتييه

( صحيفة ” لاكسبريس -lexpress” الفرنسية- ترجمة: أسماء بجاش- الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)

إن وصول متغير أوميكرون يعيد إحياء النقاش العالمي حول أهمية التطعيم, من قارة إلى أخرى، حيث أصبحت التفاوتات صارخة: ففي الوقت الذي بدأت فيه إسرائيل حملتها الرابعة، فإن دولاً أخرى مثل بوروندي تكافح من أجل البدء بالجرعة الأولى: تلقيح حقن لقاح واحد على الأقل في أغلب عمليات التلقيح التي تقوم بها.

ولمدة عام، وضع الغربيون المصلحة الوطنية قبل مسألة التطعيم الجماعي لجميع البشر للقضاء على الوباء.

ونتيجة لهذا، تلقى 56.5 % من سكان العالم جرعة واحدة على الأقل من اللقاح المضاد للفيروس التاجي, و 7.5 % فقط في البلدان المنخفضة الدخل.

بيد أن انتشار السلالة الجديدة المكتشفة في جنوب أفريقيا ــ وهي الدولة التي تم فيها تطعيم 31 % فقط من السكان ــ أظهر أهمية التطعيم المتجانس في مختلف أنحاء العالم.

وبهذا, فإن عدم المساواة في أخذ اللقاحات لا يجسد بعدا أخلاقيا فحسب، بل إنه ليس له مبررا علميا.

وفي العديد من المناسبات، سلط المدير العام لمنظمة الصحة العالمية الدكتور تيدروس أدهانوم غيبرييسوس الضوء على هذا الموضوع, حيث كان التصريح الأخير بهذا الخصوص في 14 ديسمبر, حيث قال: “إذا أنهينا التفاوت في المساواة في أخذ اللقاحات (التحصين)، فسوف يتسنى لنا أن ننهي هذا الوباء, ولكن في حال سمحنا باستمرار هذا التفاوت، فإننا نسمح باستمرار الوباء”.

بعض الأرقام لقياس هذه الفوارق من قارة إلى أخرى: في داخل الاتحاد الأوروبي، يتمتع 68.2 % من السكان بمخطط كامل للتطعيم.

في حين يظل المعدل عند 61 % و56 % في أميركا الجنوبية بالنسبة لجارتها الشمالية.

ومن وراء هذا فإن قارة  آسيا لديها  52.9% من الأشخاص الذين تم تلقيحهم، في حين تأتي أفريقيا في المركز الأخير، مع 8.1 % فقط من السكان الذين تلقوا جرعة واحدة على الأقل، وفقاً للبيانات التي سجلتها منظمة “عالمنا في البيانات”.

وعلى سبيل المقارنة، كانت 3% من الجرعات المدرة في مختلف أنحاء العالم تدار في أفريقيا.

وفي هذه القارة التي يبلغ عدد سكانها 1.2 مليار نسمة، لم يحصل سوى سكان ثلاث دول على أكثر من 50% من جرعة واحدة على الأقل: المغرب (65 %)، وتونس (53 %)، ورواندا (51.6 %).

في المغرب العربي، هذه البيانات تجعل العملاق الجزائري، حيث كانت حملة التطعيم رائدة, تبدو شاحبة, إن 15 % فقط من السكان لديهم نظام لقاح جزئي, ومنذ بداية سبتمبر، عانت عمليات التحصين من الركود, حيث بلغ 13 % في ذلك الوقت.

ولكن التأخير سيكون أكثر أهمية إذا دخلنا إلى قلب القارة, وفي غرب أفريقيا ــ حيث يبدو أن الفيروس يتداول بشكل أقل نشاطاً مقارنة بالدول الغربية ــ لا يتجاوز معدل التطعيم بالكاد 15 %.

تعتبر موريتانيا فقط هي الدولة التي تحصل على معدل التحصين بنسبة 23.3 %, وفي نيجيريا ــ الدولة الأكثر اكتظاظاً بالسكان في القارة الفريقيه والتي يتجاوز عدد سكانها 210 ملايين نسمة ولكنها أيضاً واحدة من أكثر البلدان نمواً, لم يحصل سوى 4% من السكان على جرعة أولى.

أقل من 2% تم تلقيحهم في بوروندي أو جمهورية الكونغو الديمقراطية:

وهذا ما يثير القلق لأن العملاق الأفريقي يعاني من موجة رابعة من فيروس كورونا، وفقا لما ذكرته السلطات المحلية التي تدعو إلى الامتثال “الصارم” للقواعد الصحية خلال موسم العطلات.

في جمهورية الكونغو الديمقراطية، تلقى أقل من 0,2 % من أجمالي عدد السكان اللقاحات المضادة للفيروس التاجي.

ففي هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه 89 مليون نسمة، فإن الحالة الصحية أصبحت مثيرة للقلق, وعلى الرغم من أن السلطات المحلية قد اكتشفت تداول متغير أوميكرون، فإن جمهورية الكونغو الديمقراطية سجلت 1000 حالة تلوث في 20 ديسمبر مقارنة بالعشرة الأيام السابقة التي سجلت فيها 210 حالة.

ومن بين أقل البلدان تطعيماً في العالم بوروندي (0.03 %)، وبوركينا فاسو ( 1.5%)، ومالي (1.7 %)، وتنزانيا (1.8 %).

ولن تتمكن أفريقيا إلا من بلوغ هدف  70% بحلول أغسطس من العام 2024, وفقاً للتوقعات التي كشفت عنها منظمة الصحة العالمية يوم الثلاثاء 14 ديسمبر.

وشأنها شأن جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث شهدت البلدان التي تعيش حالة صراعات داخلية توقف آلتها للتطعيم.

ينطبق نفس الشيء على إثيوبيا واليمن، وهما بلدان تعيشان اليوم في خضم حالة حرب دموية, حيث يبلغ معدل الحماية 7 % و1 % على التوالي.

وفي سوريا, وهي دولة في منطقة الشرق الأوسط دمرها عقد من العنف، قامت بتحصين 6% من سكانها تحصيناً جزئياً، منهم 2.9% فقط تم تحصينهم بالكامل.

وعلاوة على ذلك، فإن أفغانستان ــ حيث استعادت طالبان السلطة هذا الصيف ــ لم تكد تحصن عشر سكانها.

وفي آسيا الوسطى أيضاً، تعد قيرغيزستان أيضاً من بين الدول ذات العمل المتدني في إستراتيجية  تلقي اللقاحات, حيث تلقى 18 % من الناس الجرعة الأولى فقط.

بلغ معدل التحصين، في هايتي الواقعة في قارة أميركا الجنوبية 1 %.

وللتذكير، استفاد نحو 40 بلدا – وكثير منها أفريقي – من آلية كوفاكس للتضامن التي أنشئت في نهاية أبريل لضمان الحصول على اللقاحات في البلدان المنخفضة الدخل والمتوسطة الدخل.

المشكلة: يقوم هذا التضامن على تبرعات من الدول الصناعية والقطاع الخاص، حيث احتكرت بلدان الشمال سوق اللقاحات الخاصة بالفيروس التاجي.

ومن جانبها, أكدت آن سنيكييه، الباحثة المشاركة في معهد العلاقات الدولية والإستراتيجية (IRIS)، لصحيفة لاكسبريس والتي تشارك في توجيه المرصد الصحي: “إن النظرية لم تقاوم مبدأ واقع الدول الغربية التي اشترت اللقاحات دون القلق بشأن العواقب المترتبة على ذلك”.

ولم تبدي بعض الدول سخاء إلا بعد تحصين بلدان الشمال لجميع سكانها, وبسبب عدم فعاليتها، تعرضت هذه الآلية للعديد من الانتقادات.

وبحسب ما أشار إليه يانيك جادوت، مرشح البيئة الأوروبية “الخضر” للانتخابات الرئاسية في 13 ديسمبر, من على منبر موقع فرانس انفو, فأن نظام كوفاكس “فوضى مطلقة”.

ولكن المختبرات تعرض للإغلاق, لعدم إطلاق براءات اختراع اللقاح، والتي كان من شأنها أن تجعل من الممكن تصنيع المزيد من اللقاحات.

*       المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع