بقلم: نويل ندونغ

السياسية:

ترجمة: أسماء بجاش, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”

 

يعدنا المهربون بجني المزيد من المال أكثر مما كنا نحلم به من أي وقت مضى، ثم نعود إلى أفريقيا لبدء العمل.

عند وصولهم إلى الساحل الصومالي، يطلب المهربون المزيد من المال, وفي المقابل, لا يوجد أمام المهاجرين سبيل أخر, هل يرضخون لهم أم يعودون عدة مئات من الكيلومترات عبر الصحراء, فقد وًعدوا بوظيفة جيدة, حيث سوف يغيرون حياتهم للأفضل.

تقطعت السبل بالعديد من المهاجرين الأفارقة الآن في أحد أكثر طرق الهجرة ازدحاماً في العالم: “الطريق الشرقي” المؤدي إلى شبه الجزيرة العربية.

وبعيدا عن عدسات الكاميرات التي تسلط الضوء على القارة الأوروبية ومنطقة العبور في البحر الأبيض المتوسط وآلاف اللاجئين المتجمعين حاليا على الحدود البولندية، يوجد طريق أخر يشهد عودة التوتر.

الرحلة محفوفة بالمخاطر، وأحيانا لا عودة منها, عبر الصحاري وبعض مناطق القرن الأفريقي الفوضوية، ومياه خليج عدن المضطربة وصولا إلى اليمن الذي يعيش سيناريو الحرب المؤلم .

ومن هناك، يجب على المهاجرين عبور مناطق معادية جديدة على أمل الوصول إلى المملكة العربية السعودية أو دول الخليج الأخرى للبحث عن عمل، والهدف الكامن وراء كل هذه الصعاب والمحن: تحسين ظروفهم المعيشية والبحث عن سبل العيش الرغد.

الموت يلقي بشباكه على السواد الأعظم منهم:

يجد عشرات الآلاف من الشباب الأفارقة أنفسهم محاصرين في اليمن، ناهيك عن عدم أمكانية تحمل تكاليف رحلة العودة، حيث يجدون أنفسهم بين مطرقة المهربين الذين يأخذونهم كرهائن وسندان السلطات المحلية التي تحتجزهم.

وفي الآونة الأخيرة، أدى حريق في مركز احتجاز مكتظ بالمهاجرين في العاصمة اليمنية صنعاء إلى مقتل العشرات من المهاجرين الأفارقة.

وفي حين ابتلاع  البحر عشرون آخرون, عندما ألقى المهربون بعشرات المهاجرين من على متن قاربهم المزدحم, أثناء طريقهم إلى اليمن, وآخرون خدعوا, ولم يغادروا أفريقيا أبداً.

يوجد أمام المهاجرين الأفارقة خياران للوصول إلى اليمن: أحدهما عبر طريق أوبوك في جيبوتي، ولكن هذه السواحل خاضعة لعمليات رصد ومتابعة.

والطريق الآخر عبر بوساسو الواقعة في الجهة الشمالية من الصومال، حيث عمليات رصد المهاجرين أضعف, لذا, يعتبر الطريق الثاني أكثر استخداماً ولكنه في نفس الوقت أيضا أطول وأخطر.

يقول فينتاهون إنه أثناء رحلته التي استمرت شهراً واحداً بين بوساسو وهرجيسا (600 كيلومتر كما يطير الغراب*)، وجد العديد من المهاجرين في موقف يرثى له, حيث تعرض بعضهم للسرقة أو الاعتداء الجسدي.

كان الجميع قد تخلل اليأس إلى وجدانهم, ناهيك عن كونهم لم يعدون يملكون الغذاء والماء, كما أن الطريق ليس آمنا, إنه مخيف.

ومن جانبه, يقول فرحان عمر، وهو موظف في مركز تابع لمنظمة الهجرة الدولية في هرجيسا، إن العديد من المهاجرين على هذا الطريق هم في بعض الأحيان مراهقون وبعضهم “ليس لديهم أحذية”.

العديد من هؤلاء المهاجرين تقطعت بهم السبل في هرجيسا، عاطلون عن العمل، لا يملكون المال للذهاب إلى بوساسو أو العودة إلى ديارهم.

وينشات إشيتو, تبلغ من العمر 35 عاماً، تحلم بالذهاب إلى المملكة العربية السعودية للعمل هناك, لكنها لم تعد تملك المال, “تركت أطفالي الاربعة”، تحملت وحدها كاهل تربيتهم, “لم يكن لدي أي وسيلة لإطعامهم أو إرسالهم إلى المدرسة, لم يكن لدي خيار أخر”.

استؤنفت التحركات على “الطريق الشرقي” بعد التباطؤ الذي خيم على العالم في العام 2020 بسبب إغلاق الحدود جراء جائحة الفيروس التاجي.

وفي عامي 2018 و 2019, كان هذا الطريق يعتبر أكثر طرق الهجرة البحرية ازدحاما في العالم.

استقل أكثر من 138 ألف مهاجر زوارق متجهة إلى اليمن خلال العام 2019, مقارنة بعبور 110 ألف شخص لمنطقة البحر الأبيض المتوسط في نفس العام.

وبحسب ما أشار إليه, ريتشارد دانزيجر، رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في الصومال, فإن هذه التحولات السكانية، التي لا تؤثر على أوروبا أو أميركا الشمالية، كثيراً ما يغفل الطرف عنها, وما يبعث على الإحباط هنا هو قلة الاهتمام (…) ولا أحد مهتم حقا بالأشخاص الذين يعانون من مشاكل في بلدان منطقة القرن الأفريقي.

وعلى أمل إيجاد حياة أفضل, يتمسك الشاب الإثيوبي منجستو أماري البالغ من العمر 21 عاما بأحلامه، حيث لن تثنيه المخاطر التي سوف يواجهها، حتى لو كان لا يعرف الكثير عن وجهته أو ما الذي ينتظره على طول الطريق “أنا أعلم أنه يتوجب علينا اجتياز البحر للوصول إلى المملكة العربية السعودية, لم أركب قارب من قبل قط, ولا أعرف كيفية السباحة, ولكني سوف أخاطر, سوف أذهب إلى أي مكان، ما دام هناك عمل”.

 

  • كما يطير الغراب: يعني “في خط مستقيم
  • المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع
  • موقع “أديك كونغو- “adiac-congo من الكونغو والناطقة باللغة الفرنسية