الهجوم الملفت للسعودية: هل يغير محمد بن سلمان المسار حقاً؟
بقلم: مضاوي الرشيد
(موقع “ميدل إيست آي” البريطاني- ترجمة: نجاة نور, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)
أدت السياسات الإقليمية المضللة لولي العهد في السنوات الأخيرة إلى إلحاق أضرار بالغة بموقف الرياض وجعلت لها أعداء أكثر من الأصدقاء.
شكلت الأشهر الستة الأولى من عام 2021 انتكاسة لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وهجومه الساحر، بعد سلسلة من الأخطاء الفادحة في السياسة الخارجية على مدى السنوات الست الماضية.
مع اقتراب عام 2021 من نهايته، يبدو أن ولي العهد مصمم على عكس التيار واعتماد نبرة تصالحية، مع العديد من المبادرات الإقليمية الجارية بالفعل.
لكن بعض قراراته السابقة المضللة لا تزال تعرقل قدرته على النجاح في إقناع جيرانه بأنه الآن رجل سلام، وليس زعيماً شاباً صاخباً أثار استعداء العديد من الحلفاء الإقليميين المحتملين خلال سنواته الأولى في المنصب.
قد لا تزال الثقة في تحوله الاستراتيجي الأخير تعاني من نقص في المعروض, وقد لا يؤدي إقامة مهرجانات سينمائية دولية على شواطئ البحر الأحمر أو سباقات سيارات الفورمولا وان إلى تشتيت السحب الرمادية الثقيلة التي علقت على فن الحكم في منطقة الخليج منذ أن أصبح وجه للمملكة في عام 2017.
منذ بداية عام 2021، تبنى محمد بن سلمان استراتيجية جديدة لحشد الدعم في الخفاء، بدءاً من إنهاء مقاطعة قطر والوصول إلى دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى المنعزلة.
بدأت جولته الأخيرة في دول مجلس التعاون الخليجي في عمان، البلد الذي اتهمته وسائل الإعلام السعودية سابقاً بتوفير ممر لتهريب الأسلحة إلى اليمن، حيث ينتهي الأمر بالسلاح في أيدي أنصار الله (الحوثيين)، عدوه اليمني اللدود منذ عام 2015.
قد تكون القيادة الجديدة في عُمان بعد وفاة السلطان قابوس تحت ضغط اقتصادي لطرح السجادة الحمراء لولي العهد السعودي، لكن تاريخياً، لم تكن عُمان حليفاً سهلاً.
لطالما توقفت سياستها الخارجية عن النهج السعودي الأبيض والأسود، حيث تعتبر الدول أعداء ما لم تكن خاضعة كلياً لأهواء الرياض.
حصار غير مسبوق:
ربما تكون قطر قد سامحت محمد بن سلمان لفرضة نظام عقوبات قاسي على البلد، وهو أمر غير مسبوق.
نجت قطر من سنوات الحصار لأنها غنية وتحظى بدعم حليفتها الولايات المتحدة وآخرين في المنطقة.
لقد جعلت من نفسها مؤخراً دوراً محورياً في معالجة الفوضى التي خلقتها الولايات المتحدة في أفغانستان، وساعدت في بناء الجسور مع طالبان وإجلاء الآلاف من الأفغان الفارين الذين عملوا مع القوة المحتلة لمدة عقدين من الزمن.
شاهد ولي العهد السعودي كيف ساعدت قطر في عزل الولايات المتحدة المغادرة من المزيد من الإذلال والاضطراب.
يجب أن تكون الغيرة قد عذبته، مما أدى إلى جعلة يصل لحقيقة: إذا لم تتمكن من التغلب عليهم، انضم إليهم.
بينما يبدو أن أمير قطر قد سامح محمد بن سلمان، واحتضنه بأبهة، فقد لا يشعر أبداً بالثقة التامة إلى أن أزمة أخرى في دول مجلس التعاون الخليجي لن تظهر، طالما بقي محمد بن سلمان في السلطة.
خارج منطقة الخليج، وتحت ضغط أمريكي، ناشد محمد بن سلمان العراقيين لتسهيل المحادثات مع إيران، لكن المفاوضات وصلت إلى طريق مسدود، على الرغم من استئناف العلاقات التجارية بين إيران والسعودية بعد تعليقها في عام 2020.
التوصل إلى اتفاق عدم اعتداء مع إيران قد لا يكون ممكناً من دون اتفاق دولي جديد للتعامل مع برنامج إيران النووي.
تجدد التجارة السعودية مع إيران لا يرقى إلى تمهيد العلاقة المضطربة التي تواجه العديد من العقبات للتغلب عليها.
المقاطعة السعودية الأخيرة للبنان بسبب انتقاد الوزير لحرب اليمن، إلى جانب الموقف السعودي من حزب الله، ستؤدي إلى تعقيد السلام مع إيران التي لها تأثير قوي في لبنان بدلاً من تسهيلها.
ضغوط اقتصادية:
قد يبدو التواصل مع تركيا والرئيس رجب طيب أردوغان، الذي يتعرض أيضاً لضغوط اقتصادية هائلة بعد انهيار الليرة التركية، فكرة جيدة, لكن تركيا ستظل تحت ضغط داخلي لتقديم الجناة في قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي إلى العدالة.
ستكون على استعداد لاستخدام هذه الجريمة الشنعاء كورقة مساومة مع ولي العهد، خاصة إذا أعاد شن حملة ضد أردوغان.
من غير المرجح أن تكون تركيا جزءاً من “تحالف سني” إقليمي ضد إيران، إذا تبنى محمد بن سلمان هذه الفكرة السخيفة.
تتمتع تركيا بعلاقات مستقرة مع إيران، وستظل المسألة الكردية على جانبي حدودهما دائماً معياراً مهماً لأي مشاركة أو فك ارتباط.
لا تزال تركيا تعتمد أيضاً على النفط المستورد من الدول المجاورة، ولاسيما العراق وإيران.
أخيراً، من المرجح أن تظل الحرب الدائرة في اليمن مستنقعاً مزعجاً من شأنه أن يستنزف الموارد السعودية ويزيد من عزلة الرياض دبلوماسياً.
حتى لو تم التوصل إلى السلام، فإن الجروح في اليمن ستستغرق عقوداً لتلتئم، إذا حدث ذلك في أي وقت وستترك السعودية مع عدو مصاب على حدودها الجنوبية, يحتاج الأمير إلى أكثر من وقف دائم لإطلاق النار ومعاهدة سلام للتخلص من أشباح اليمن.
قد لا يشير التحول الدبلوماسي الأخير للمملكة حقاً إلى تحول في السياسة, المواقف الإقليمية المتطرفة التي تبناها محمد بن سلمان خلال الست سنوات الماضية سنوات قد ألحقت أضراراً بالغة بمكانة السعودية في المنطقة، مما تركها مع أعداء أكثر من الأصدقاء.
قد يكون الهجوم الساحر لهذا العام في نهاية المطاف سباقاً آخر للفورمولا وان يجلب الألقاب، ولكن ليس له تأثير دائم على منطقة الخليج والمملكة, سباق مثير يمكن أن يخرج عن مساره في أي وقت.
* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع