بقلم: توماس بورجيل

(صحيفة” سلايت – slate” الفرنسية, العمود كوري, المخصص للاقتصادات الجديدة – ترجمة: أسماء بجاش, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)

قطرة في المحيط, هذا هو تأثير الخبر الذي تم الإعلان عنه في نهاية نوفمبر عن استخدام بعض الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية أو الصين لجزء (صغير) من مخزونها الاستراتيجي من النفط في الأسواق، في ظل أمل باهت إلى حد ما في تخفيف الضغوط على أسعار الذهب الأسود.

بوسع ولي العهد السعودي والزعيم الفعلي للمملكة محمد بن سلمان أن يضحك خلف الستار, ففي حين يبدو أنه على وفاق مع روسيا لوضع الملح على جراح الحكومات الغربية برفضه فتح فيضان النفط، وهو موقف انتقدته بشدة وكالة الطاقة الدولية، والبلد الذي تتحمل مسؤوليته – فضلا عن نفسها – يخرج إلى حد كبير معززا ومثريا بالأزمة الدولية.

لقد انقضى الإعصار الناجم عن هبوط أسعار النفط في بداية جائحة الفيروس التاجي, وتقابل تأثيراته إلى حد كبير المستويات المرتفعة الحالية لسعر البرميل، حيث تملأ خزائن البلد باعتبارها الشركة الوطنية المشغلة للنفط “أرامكو” التي ارتفعت أرباحها 160% في الربع الأخير بسرعة عالية للغاية.

وكما توضح مجموعة بلومبرج*، فإن صندوق الثروة السيادية السعودي الذي يديره الأمير محمد بن سلمان, قد تبلغ قيمته الف مليار دولار بحلول العام 2025,  في وقت أقرب مما كان متوقعاً.

وفي العام 2022, من المتوقع أن يصل إنتاج النفط في المملكة إلى أعلى مستوياته التاريخية:

فإذا ظلت الأسعار مماثلة لما هي عليه اليوم، فإن هذا من شأنه، وفقاً لتقديرات وسائل الإعلام الأميركية أن يحقق 200 مليار دولار للمملكة، في هذا العام فقط.

بيد أن الأمير محمد بن سلمان والمملكة العربية السعودية قطعتا شوطا طويلا, ففي نهاية  العام 2010, أدى ازدهار النفط الصخري في الولايات المتحدة الأمريكية إلى تعطيل التوازن العالمي، الأمر الذي جعل البلد أكبر منتج له في العالم، وفي المقابل, تسبب في انخفاض أسعار النفط، ووضع المالية السعودية في وضع دقيق إلى حد ما.

ومن خلال خفض الطلب على النفط، أدى وباء الفيروس التاجي إلى تأجيج هذا الاتجاه الهابط وإلى تضخيم التحديات التي تواجهها المملكة.

الأمور تغيرت بسرعة وبشكل جذري, حيث سمحت الخسارة غير المتوقعة الحالية للمملكة العربية السعودية بتطهير الديون المتكبدة أثناء هذا الانكماش في السوق، والتعجيل بخطة الاستثمار والتحول الرئيسية التي وضعها الأمير محمد بن سلمان، والتي تسمى “رؤية 2030” والتي يعتبرها البعض جنوناً اقتصادياً.

في بداية العام 2021, كانت مدينة نيوم، وهي مدينته الجديدة العملاقة والخضراء التي بنيت في وسط الصحراء، واحدة من الرؤوس الرئيسية: نزوة كبيرة لا مستقبل لها, تجادل مع ازدراء ولي العهد.

يرى البعض إن القول إن محمد بن سلمان يأخذ هذا الأمر في الحسبان, أمراً بخس, نظراُ لدور الأمير محمد بن سلمان في حرب اليمن الدموية التي لا تزال منهمكة في سرد فصولها منذ أواخر مارس من العام 2015، واضطرابه في النفوذ الجيوسياسي مع قطر أو العدو الإيراني، والأهم من ذلك، اغتيال الصحفي جمال خاشقجي الذي يعتقد أنه الراعي له وفقاً لواشنطن، يضعه في موقف صعب.

هذه الثروة والسلطة بمثابة نعمة بالنسبة له, ومرة أخرى تحتل المملكة العربية السعودية مركز الصدارة في عالم الطاقة.

إن الأمير محمد بن سلمان الذي لم يوافق الرئيس الأمريكي جو بايدن بعد على التحدث إليه، مفضلاً التعامل مع والده الملك سلمان بن عبد العزيز، يجد وسائل قوية للضغط على الولايات المتحدة والعالم الغربي بشكل عام.

وربما يتطلع العالم إلى التخلي عن الوقود الأحفوري ولكن حتى الانتقال اليه، يظل الذهب الأسود واحداً من الأدوات النهائية للقوة الجيوسياسية.

* مجموعة بلومبرج: هي مجموعة مالية أمريكية متخصصة في تقديم الخدمات إلى المتخصصين في الأسواق المالية وفي المعلومات الاقتصادية والمالية كوكالة صحفية مباشرة عبر العديد من الوسائط (التلفزيون والراديو والصحافة والإنترنت والكتب).

* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع