“نيويورك تايمز”: ترامب باع منزل السفير الأميركي في تل أبيب ليعيق إعادة السفارة إليها
باعت إدارة ترامب العقار الفاخر الذي عاش فيه السفراء الأميركيون لعقود عندما نقلت السفارة الأميركية إلى القدس.
السياسية :
يوماً بعد يوم تتكشف حقائق وفضائح قام بها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب خلال ولايته الرئاسية اليتيمة. فلم يكتفِ ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لـ”إسرائيل” في أواخر عام 2017، مخالفاً بذلك نحو سبعة عقود من السياسة الأميركية التي كانت تعتبر القدس موضع نزاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين ومصيرها يقرر في مفاوضات الحل الدائم بين الجانبين، بل قام ترامب بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس على عجل.
حدث ذلك عام 2018 بعد بضعة أشهر من إعلانه، حيث تم نقل السفارة إلى المبنى الذي كان يضم القنصلية الأميركية في القدس وكان بمثابة المحطة الدبلوماسية الرئيسية للفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة. وفي عام 2019، تم ضم القنصلية إلى السفارة، مما أدى فعلياً إلى خفض التمثيل الأميركي لدى الفلسطينيين.
لكن الأمر الأكثر غرابة هو بيع إدارة ترامب المنزل الفخم الذي يقيم فيه عادة السفير الأميركي في تل أبيب، منذ 50 عاماً، تاركاً السفير الأميركي الجديد لدى “إسرائيل”، توماس نيديس بلا مسكن.
وبحسب صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، فقد أقام السفير الأميركي، لأكثر من نصف قرن، خارج مدينة تل أبيب في عقار فاخر مؤلف من خمس غرف نوم مع إطلالات خلابة على البحر المتوسط. هذه الأرض أعطتها “دولة الاحتلال” للولايات المتحدة في خمسينيات القرن العشرين.
أحرقوا قوارب النجاة
وقال ديفيد ماكوفسكي، الباحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إن مسؤولاً كبيراً في إدارة ترامب أخبره في عام 2020 أن الإدارة باعت مقر إقامة السفير للمساعدة في ضمان ألا يحاول الرئيس الديمقراطي المقبل إعادة السفارة إلى تل أبيب.
وقال ماكوفسكي، وهو مستشار سابق للمبعوث الأميركي الخاص في المفاوضات الإسرائيلية – الفلسطينية بين عامي 2013 و2014، إن المسؤول قال له بسخرية: “لقد أحرقوا قوارب النجاة”. وأضاف: “نحن الآن في وضع لا توجد فيه إقامة طبيعية للسفير”.
وذكرت “نيويورك تايمز” في تحقيق لها أن المساكن الرسمية لسفراء الولايات المتحدة في الخارج تكون دوماً قطعاً رئيسية من العقارات: قصور فخمة في أحياء مرغوبة حيث يستقبل الدبلوماسيون الأميركيون كبار الشخصيات ويعقدون اجتماعات رفيعة المستوى ويستضيفون أحياناً رؤساء.
وقال السفير نيديس، الذي وصل إلى القدس يوم الإثنين الماضي، إنه سيعيش في القدس ليكون بالقرب من السفارة. ومع ذلك، لا يزال أكثر من نصف موظفي السفارة يعيشون في تل أبيب، ويعيقهم ارتفاع أسعار المساكن في القدس والاحتياطات الأمنية المطلوبة للمسؤولين الأميركيين الذين يعيشون هناك. وسيتطلب هذا الترتيب من نيديس أن يسافر لمدة ساعة مرات عدة كل أسبوع للقاء دبلوماسييه.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين قولهم إن نيديس كان سعيداً بالعيش في القدس. لكن أكثر من مجرد ميزة مفقودة، إذ أصبح مقر إقامة السفير السابق في ضاحية هرتسليا بيتواش الحصرية في تل أبيب رمزاً للصداع اللوجيستي الذي تعامل معه الدبلوماسيون الأميركيون في “إسرائيل” منذ نقل السفارة الأميركية إلى القدس.
الإحباط من بيع المنزل
وقالت “نيويورك تايمز” إن الإحباط من بيع المنزل ظهر مجدداً بين الدبلوماسيين الأميركيين هذا الأسبوع عندما تولى نيديس منصبه الجديد.
ونيديس مصرفي محترف كان نائب وزير الخارجية للشؤون الإدارية والموارد خلال إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما.
ووصف مسؤولان في وزارة الخارجية الأميركية الموقف للصحيفة، بشرط عدم الكشف عن هويتيهما، لأنهما غير مخوّلَين بمناقشته علانية. ورفضت متحدثة باسم الدائرة التعليق.
بيع المنزل ليهودي أميركي
في تموز / يوليو 2020، تم بيع المنزل في هرتسليا مقابل 67 مليون دولار إلى شيلدون أديلسون، أحد الأثرياء اليهود الجمهوريين وهو الذي دفع ترامب لنقل السفارة الأميركية إلى القدس. توفي أديلسون في كانون الثاني / يناير الماضي، واحتفظت أسرته بالمنزل في هرتسليا للاستخدام الشخصي، بحسب شخص مطلع على الوضع تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته.
كان سلف نيديس، ديفيد فريدمان، قد عاش في السكن الرسمي لبعض الوقت بعد أن اشتراه أديلسون، على الرغم من أنه لم يتضح ما إذا كان قد دفع الإيجار. لم يستجب فريدمان ومساعدوه السابقون لطلبات التعليق للصحيفة، ورفضت عائلة أديلسون التعليق كذلك.
وقال أحد المسؤولين الأميركيين إن فريدمان أقام في بعض الأحيان في شقة في مجمع السفارة في القدس، عاش فيها هذا العام القائم بالأعمال الأميركي، مايكل راتني، بينما كان يسد فجوة الفراغ بين السفيرين.
وقالت “نيويورك تايمز” إن المكان المخصص للسفارة لا يوفر سوى القليل من الخصوصية وليس لديه أي قدرة على استضافة المناسبات الرسمية التي يُتوقع أن يستضيفها سفير أميركي في دولة هي أقرب حليف للولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
وأشارت إلى أنه منذ أشهر، كان مسؤولو وزارة الخارجية الأميركية يبحثون عن منزل في القدس من أجل إقامة السفير الجديد، لكن من المرجح أن تستغرق عملية شراء العقارات وتجهيزها بالإجراءات الأمنية وغيرها من المعدات الحساسة بعض الوقت. وقال مسؤولون إن بناء سفارة أميركية جديدة في القدس قد يستغرق ما يصل إلى عقد من الزمان.
شقة متواضعة للسفير في القدس
في هذه الأثناء، استأجرت السفارة شقة أكثر تواضعاً في القدس للسفير نيديس، وليس من الواضح كم سيكلف عقد الإيجار دافعي الضرائب الأميركيين، ولم تقدم وزارة الخارجية أي تقدير للصحيفة يوم الأربعاء.
وأوضحت الصحيفة أنه مهما كانت المسألة محرجة دبلوماسياً، فهناك سابقة لسفير بدون إقامة رسمية. فقد كان السفير الإسرائيلي الجديد لدى الولايات المتحدة، مايكل هيرتزوغ، بحاجة كذلك إلى إيجاد مكان جديد للعيش فيه عندما وصل إلى واشنطن في منتصف تشرين الثاني / نوفمبر الماضي. إذ تم هدم المقر الرسمي للسفير الإسرائيلي في السنوات الأخيرة بعد أن أصبح في حالة سيئة، وعاش السفيران السابقان في منزل مستأجر في إحدى ضواحي مدينة ماريلاند بتكلفة تقارب مليوني دولار منذ عام 2013 قبل انتهاء عقد الإيجار هذا الخريف.
وقالت الحكومة الإسرائيلية إنها ستعيد بناء مقر إقامة سفيرها، الذي يقع في حي فورست هيلز المحاط بالأشجار في واشنطن وعلى بعد مسافة قصيرة من سفارتها، في غضون عام. وقال المسؤولون إن هرتزوغ يعيش الآن في فندق حتى يتمكن من العثور على إيجار خاص به.
ومنذ توليه منصبه هذا العام، سعى الرئيس الأميركي جو بايدن إلى استعادة العلاقات مع الفلسطينيين لكنه أبقى على السفارة الأمركية في القدس.
* المصدر : الميادين نت – هيثم مزاحم
* المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع