بقلم: فريدي إيتان

تل ابيب، 8 نوفمبر 2021( صحيفة “جيروزاليم بوست- jforum ” العبرية الناطقة باللغة الفرنسية- ترجمة: أسماء بجاش – الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)

مؤخرا في سبتمبر الماضي، أحيينا ذكرى الهجمات المروعة التي استهدفت الولايات المتحدة الأمريكية قبل 20 عاما من الآن، أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001.

صدم العديد من الباحثين والمراقبين في منطقة الشرق الأوسط عندما علموا أن السواد الأعظم من مرتكبي الهجمات الإرهابية على مبنى مركزي التجارة العالمي ووزارة الدفاع “البنتاغون”، فضلا عن رعايتهم كانوا من المملكة العربية السعودية، هذا البلد الذي لم يسبق له أن ارتبط بشكل مباشر بالإرهاب الدولي.

جميعاً، سعوا وحاولوا أن يفهموا الأسباب والدوافع الكامنة وراء تلك الأعمال الطائشة والعبثية، كما عملوا على تحليل غضب وكراهية هؤلاء السعوديين ضد الولايات المتحدة الأمريكية.

عندما تعمقت في هذه القضية، اكتشفت في ذلك الوقت أن هناك منظمات خيرية متعددة الجنسيات كبيرة تعمل على الأراضي السعودية تمثل تيارا متطرفا، يعود أصوله إلى القرن الثامن عشر للإسلام، سميت على اسم مؤسسها محمد بن عبد الوهاب.

عملت هذه الجمعيات الخيرية على تحويل مبالغ طائلة من المال لخارج المملكة والهدف تمويل المنظمات الجهادية في جميع أنحاء العالم.

وفي إسرائيل، تابعناهم عن كثب، حيث كان المستفيدين الرئيسيين هم قادة حماس، وهي حركة فلسطينية تدعو إلى تنفيذ العمليات الانتحارية بين السكان الإسرائيليين.

خلال العام 2000، كثفت حركة حماس من هجماتها في إطار الانتفاضة الثانية.

في العام 2012، أصدرت كتابا تحدثت فيه عن هذا الموضوع، تحت مسمى “مملكة الكراهية” الصادر عن دار ريجنيري للنشر.

يستند هذا الكتاب على الوثائق غير قابلة للدحض قمت بتحليلها، وبحسب صحيفة نيويورك تايمز، كان هذا الكتاب هو الأكثر مبيعاً.

وبعد مرور عقدين من الزمن على تلك الحادثة، لم تقدم المملكة السعودية فلساً واحداً لتلك المنظمات الإرهابية، بما فيها حركة حماس.

واليوم، فإن البلدان الرئيسية التي تعمل على تمويل حركة حماس هي جمهورية إيران الإسلامية وقطر.

بل إن محكمة في الرياض أصدرت حكما بالسجن لمدة تصل إلى 22 عاما على 69 من نشطاء حركة حماس.

ومن ثم فإن هناك تطورا يبدو جديا في السعودية، ففي العام 2001، نشرت رابطة العالم الإسلامي، ومقرها المملكة العربية السعودية، الأيديولوجية التي دعمت موجة جديدة من الإرهاب العالمي، كان اللاجئون من الدول العربية أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين.

واليوم، تنشر رابطة العالم الإسلامي ميثاق مكة على أساس التسامح بين الأديان بدلا عن الجهاد، وقد أخذ أمينها العام وفدا إلى أوشفيتز.

إننا في وضع مختلف جدا، وفي هذا السياق الجديد، فإن الفكرة الرئيسية لكتابي تعتبر خاطئة.

منذ تولى الأمير محمد بن سلمان منصب ولي العهد، أدت الإصلاحات المهمة إلى تغيير وجه السعودية، حيث عمل على الحد من سلطات الشرطة الدينية التي كانت تعمل على تضييق الخناق على المواطنين السعوديين والأجانب.

كما أنشأ مدينة جديدة، نيوم، تقع على مسافة ليست ببعيدة عن خليج العقبة، على مقربة من إسرائيل ومصر والأردن.

فهو يريد السعودية الجديدة القادرة على الاضطلاع بدور قيادي في منطقة الشرق الأوسط وخارجها، وفي العديد من المجالات، إن التقدم المحرز في السعودية رائع حقا.

وبطبيعة الحال، هناك العديد من الصعوبات التي تواجهها الرياض، منها في المقام الأول الحرب في اليمن ضد الحوثيين الموالين لنظام الحكم في إيران.

لا تزال إيران حاضرة في كل مكان في منطقة الشرق الأوسط، حيث لا يزال الحوثيين يطلقون الصواريخ البالستية وطائرات بدون طيار صوب الأراضي السعودية.

وهناك حادث خطير آخر شوه صورة المملكة على الصعيد العالمي، عملية اغتيال الصحفي السعودي المعارض وكاتب العمود في صحيفة الواشنطن بوست “جمال خاشقجي”، داخل مبنى القنصلية السعودية في مدينة اسطنبول التركية مطلع أكتوبر من العام 2018.

وفي مواجهة الهيمنة الإيرانية في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وتهديداتها النووية، ينبغي أن ننشئ بنية تحتية جديدة للعلاقات مثل منظمة حلف شمال الأطلسي في مواجهة الاتحاد السوفياتي بعد الحرب العالمية الثانية.

يتشاطر السعوديون والإسرائيليون نفس الشواغل ويلتقون معا عند هذه النقطة، كما يجب أن نبني توافقا في الآراء بشأن أمن دولنا.

وبطبيعة الحال، هناك مخاطر تلوح في الأفق، ولكن أيضا فرصا كبيرة ويمكننا أن نتعاون بروح المصلحة المشتركة، والوقت مناسب ولا جدوى من الانتظار لأن الشعبين يرغبان فيه بحماس شديد.

وإلى جانب الجغرافيا السياسية، دعونا نتذكر أن اليهود والمسلمين كانوا أبناء عمومة وقد تغلبوا على خلافاتهم. ففي العصور الوسطى، كتب علماء دين يهود مثل مايمونيدس أو شعراء مثل يهودا هاليفي باللغة اليهودية – العربية التي كانت حروفها عبرية.

أدياننا متأصلة في مفاهيم مشتركة، لاسيما توحيد الله، ووحدة اللغة العربية، لقد كتب مفهومنا في الكتاب المقدس “اسمع، إسرائيل، الرب ربنا، الرب واحد”.

كما حمينا شعوبنا من البيزنطيين والصليبيين وغيرهم من الغزاة الذين سعوا إلى القضاء على حضارتنا، لقد تغلبنا على خلافاتنا وبقينا على قيد الحياة من خلال الإيمان.

وبينما نواجه معا تحديات أمنية، يجب أن نورث الأجيال المقبلة أساسا جديدا للتعاون والأمل يبقي شعوبنا في تحالف للحضارات.

لقد ولدت منطقتنا أدياننا وأممنا، هم ما زالوا أحياء يرزقون، دعونا نستعد معا وفي احترام متبادل لشرق أوسط مختلف ومزدهر.

*       المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع