أسلحة اليابان المخادعة تقلق الصين.. حاملة طائرات خفية وبرنامج نووي حمال أوجه، وصواريخ ذات استخدامين
السياسية:
يبدو أن محاولة إنكار وجود حاملة طائرات يابانية من قبل طوكيو لم تعد تجدي، بعدما فضحها الأمريكيون رسمياً.
فلأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية أصبح هناك اعتراف أمريكي بوجود حاملة طائرات يابانية، رغم محاولة طوكيو عدم لفت النظر إليها، لأن ذلك قد يعتبر مخالفة لدستورها السلمي.
فبعد أن فرضت الولايات المتحدة على اليابان نهجاً دفاعياً منذ احتلالها خلال نهاية الحرب العالمية الثانية، يبدو أن اليابان تتراجع عن هذا النهج والمفارقة أن هذا يتم بدفع من الولايات المتحدة نفسها.
وتعتبر حاملة الطائرات اليابانية نموذجاً لذلك التوجه.
كان دستور اليابان السلمي يعني أن قواتها البحرية اعتمدت على السفن التي تحمل المروحيات للدفاع عن النفس، وليس الطائرات المقاتلة – وتجنبت استخدام مصطلح حاملة الطائرات – منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
حاملة طائرات يابانية تتنكر في شكل مدمرة
لدى اليابان نسختين من مدمرة متعددة المهام من طراز “إيزومو” Izumm، محلية الصنع، ومع أنها المدمرة إيزومو تصنف على أنها مدمرة حاملة لطائرات الهليكوبتر، فإنها في واقع الأمر حاملة طائرات يابانية خفيفة قادرة على استضافة عدد كبير من الطائرات من طراز F-35B وهي نسخة ذات قدرة على الإقلاع القصير والهبوط العمودي حصلت عليها اليابان بعد طلبها من الولايات المتحدة.
ولكن ظلت اليابان تفضل وصف Izumm بمدمرة أو حاملة مروحيات، رغم أنها قد تكون أقدر من بعض حاملات الطائرات العاملة.
ولكن عندما عاد وزير البحرية الأمريكي كارلوس ديل تورو مؤخراً من رحلته إلى اليابان، أطلق تغريدة وصف فيها جولته في “حاملة الطائرات إيزومو” كان هذا الوصف اعترافاً أمريكياً بتغير الواقع البحري لليابان.
وخاضت البحرية الأمريكية مؤخراً تجربة اقتران مع البحرية اليابانية عندما أجرى زوجان من مقاتلات إف 35 بي “F-35B” التابعة للبحرية الأمريكية عمليات تشغيل من على سطح “إيزومو” Izumm ، حسبما ورد في تقرير لمجلة The National Interest الأمريكية.
وسبق أن أشارت صحيفة واشنطن بوست إلى أن هذه السفينة -وهي أكبر سفينة حربية في أسطول اليابان منذ الحرب العالمية الثانية- “أثارت الدهشة في الصين وأماكن أخرى لأنها تشبه إلى حد كبير حاملة طائرات تقليدية”، وقد وصفها الصينيون بأنها “حاملة طائرات متخفية”.
وأكدت مصادر عسكرية يابانية أن إمكانية تشغيل طائرات ثابتة الجناحين تم دمجها في تصميم السفن من المراحل الأولى لبرنامج إيزومو، لكن لم يتم الإعلان عن ذلك لأن المادة 9 من الدستور الياباني تحظر على اليابان امتلاك أسلحة عسكرية هجومية كحاملات طائرات. تم تصميم مصاعد الطائرات وطلاء سطح السفينة للتعامل مع الطائرات مثل F-35B، وسيكون من الممكن إضافة قفزة تزلج إلى سطح الطيران لعمليات الطائرات ذاع الإقلاع القصير والهبوط العمودي وهذا ميزة موجودة لدى إحدى F-35B.
تشير التقديرات إلى أن كل حاملة من فئة Izumo يمكنها تشغيل 12 طائرة أو أكثر كما أنه يمكن حمل أعداد كبير من الطائرات الحربية ذات الإقلاع القصير والهبوط العمودي الأخرى.
في 18 ديسمبر/كانون الأول 2018، وافق مجلس الوزراء الياباني على تعديل فئة Izumo إلى حاملات طائرات بحكم الواقع، عززت هذه التعديلات أسطح السفن من فئة Izumo لدعم الوزن الإضافي لـF-35B، بالإضافة إلى الحرارة والقوى من الطائرات أثناء الهبوط العمودي.
ولقد قوبلت هذه الخطط اليابانية بانتقادات شديدة من قِبَل الصين.
مناورات في باحة الصين الأمامية
اليابان لديها قوة تسمى قوة دفاع عن النفس، رغم أنه واقعياً يعد جيشاً قوياً، لكن دستورها ينص على شجب الحرب وتجنبت تاريخياً أي عمل عسكري أو حشد يعتبر مسيئاً.
ولكن يبدو أن هذا قد تغير بشكل واضح كما ظهر في المناورات البحرية الأمريكية اليابانية الأخيرة، والتي جرت في بحر الصين الجنوبي البعيد عن سواحل اليابان، ويعد ساحة رئيسية للنزال الأمريكي الصيني.
وجاءت المناورات العسكرية الأخيرة التي شاركت فيها البحرية الأمريكية واليابانية لتسلط الضوء مرة أخرى على العلاقات العسكرية المتزايدة بين البلدين، حيث كشفت البحرية الأمريكية عن تفاصيل المناورات التي قامت بها “مجموعة العمل السطحي للسفن المقاتلة” (SAG) التي تشكَّلت بين مدمرة يابانية من طراز “موراسامي” Murasame وسفينة قتالية ساحلية أمريكية من طراز “إندبندنس” Independence.
وأوضح مايكل روت، وهو مقدم بحري أمريكي في طاقم التشغيل “الذهبي” للسفينة “يو إس إس جاكسون”، أن السفينتين تدربتا على “مجموعة متنوعة من تكتيكات العمليات العسكرية البحرية على السطح، وشمل ذلك عمليات طيران وتدريبات على الاتصالات ومناورات تكتيكية منسقة، وكلها هذه البرامج مصممة لتعزيز إمكانية التشغيل البيني وتمكين السفن من تنفيذ التكتيكات الثنائية على مقربة من بعضها”.
وأشار روت إلى أن “اللقاء بين القوات البحرية الأمريكية وحليفتها قوات الدفاع الذاتي البحرية اليابانية (JMSDF) في بحر الصين الجنوبي أتاح كلا الفريقين تعزيز استعداداته الخاصة بالإبحار في المحيطين الهندي والهادئ. كما أن المناورات والعمليات المعقدة التي أُنجزت دون اللقاء وجهاً لوجه تعكس الصداقة القوية وقدر الاحترافية التي تشترك فيه الدولتان وقواتهما البحرية”.
بكين ترد بدورية مشتركة مع روسيا في منطقة حساسة لليابان
يأتي التعاون الأمريكي الياباني في أعقاب النشاط الصيني والروسي البارز في غرب المحيط الهادئ. فقد أجرت السفن الحربية الصينية والروسية أول دورية مشتركة لهما على الإطلاق، والتي تضمنت مناورات تكتيكية وتدريبات عسكرية أخرى في الفترة من 17 إلى 23 أكتوبر/تشرين الأول.
ومع أن التكامل العسكري الوثيق بين روسيا والصين يثير قلق الولايات المتحدة، فإن التدريبات الأخيرة أثارت قلقاً خاصاً لدى اليابان. فقد شملت المناورات مرور الأسطول الصيني الروسي عبر مضيق تسوغارو، وهي قناة مائية تفصل جزيرة هوكايدو شمال اليابان عن البر الرئيسي لجزيرة هونشو اليابانية ويربط بحر اليابان بالمحيط الهادئ.
وخلال المؤتمر الصحفي، صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو ليجيان بوضوح بأن “الصين وروسيا متحدتان اتحاداً وثيقاً، والصداقة بينهما لا تُكسر. وبفضل التوجيهات الاستراتيجية للرئيس الصيني شي جين بينغ ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، صمدت العلاقات الثنائية أمام اختبارات المشهد الدولي المتغير، ما يشكِّل نموذجاً لنوع جديد من العلاقات بين الدول الكبرى”.
أسلحة نووية مع وقف التنفيذ
وعلى الرغم من أن القوات البحرية اليابانية مقيدة بحكم الدستور بأن تكون قوة دفاعية فقط، فإن التوتر المتزايد في المناطق القريبة من اليابان أدى إلى زيادة استثماراتها العسكرية والعمل على تعزيز قدراتها لفرض الهيمنة.
ولا يقتصر الأمر باليابان على الاستثمارات المكثفة في قدراتها البحرية، وتعزيز قابلية التشغيل البيني مع البحرية الأمريكية وسلاح مشاة البحرية الأمريكية، فقد شرعت في جهود تأخذ الدفاع العسكري عن نفسها على نحو أكثر جدية من أي وقت مضى منذ الحرب العالمية الثانية.
فعلى سبيل المثال لدى اليابان مشروع متقدم لإنتاج طائرة شبحية F-3 ستتم بالتعاون مع شركات أمريكية على الأرجح، كما تستطيع اليابان صنع 6000 قنبلة ذرية من مخزوناتها الحالية من البلوتونيوم، رغم أن البرنامج النووي الياباني ليس عسكرياً.
المفاعل النووي الياباني في فوكوشيما الذي تسبب زلزال وتسونامي في وقوع حادث نووي خطير به/ رويترز
وقال هيديوجي بان، المدير المشارك لمركز المعلومات النووية للمواطنين، وهو منظمة غير حكومية مناهضة للأسلحة النووية: “يبدو أن اليابان منخرطة في فكرة أنه في حالة الطوارئ يمكنها إنتاج أسلحة نووية بتقنية إعادة المعالجة”.
وهناك تقديرات أن علماء اليابان يحتاجون ما بين 6 إلى 12 شهراً لبناء قنبلة نووية.
ولا يخفي بعض القوميين اليابانيين الراديكاليين دعوتهم إلى ضرورة قيام اليابان بإعادة تسليح نفسها والحصول على أسلحة نووية.
يرى هؤلاء القوميون الخطر في كل اتجاه. فهناك الصين التي عوملت بوحشية من قبل اليابان، لكنها الآن قوية جداً بحيث يمكنها على الأرجح صد هجوم من الولايات المتحدة (وقد يعني هذا أن واشنطن قد لا تخاطر بدخول حرب معها دفاعاً عن اليابان).
في شبه الجزيرة الكورية هناك ديكتاتور مسلح نووياً، هو كيم جونغ أون، كان متهوراً بما يكفي لإطلاق الصواريخ على جزر اليابان الشمالية ذات مرة.
شرقاً عبر المحيط الهادئ الشاسع، سبق أن تساءل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بصوت عالٍ: لماذا لا تحصل اليابان على أسلحة نووية خاصة بها، وتبدأ في الدفاع عن نفسها وانتشال القوات الأمريكية من المتاعب؟!
لكن كيف يمكن لدولة ممنوعة من امتلاك أسلحة هجومية حتى توجيه رأس حربي إلى هدفها؟
“ليس لدى اليابان صواريخ بعيدة المدى، لكن لديها قدرات إطلاق صاروخية فضائية”، ولذا يمكن وصفها بصواريخ ذات الحدين.
إذا قرر اليابانيون، فيمكنهم بالتأكيد بناء ونشر صواريخ طويلة المدى مسلحة بأسلحة نووية”، حسبما يقول ستيف فيتر، الخبير النووي الأمريكي الذي عمل مع البيت الأبيض في عهد باراك أوباما لمدة خمس سنوات.
عربي بوست