الانفراج السعودي الإيراني يمكن أن ينقذ العالم العربي من عقد آخر من الصراع
بقلم: مضاوي الرشيد
(موقع “ميدل ايست آي” ترجمة: نجاة نور, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)
عندما تنخرط الدولتان في المحادثات، يجب عليهما إنهاء الخطاب العدائي وإدراك أن التهديدات الأمنية الرئيسية التي يواجهها كل منهما داخلية.
إن العلاقات المتوترة والعدائية بين السعودية وإيران التي أفسدت السلام بين البلدين وأدت إلى استقطاب في منطقة الخليج تظهر بوادر تحسن.
لكن على الرغم من الاجتماعات الأربعة الأخيرة في بغداد وآخر في نيويورك، سيكون من السابق لأوانه القفز إلى استنتاج مفاده أن الخصمين اللدودين في طريقهما لإنهاء عقود من التوترات والتنافس.
ستكون أفضل نتيجة هي وقف الخطاب العدائي، واستئناف الدبلوماسية الرسمية، وإطلاق اتفاقيات تجارية جديدة يمكن أن تساعد كلا البلدين اقتصادياً في الأوقات الصعبة للغاية.
تجري السعودية وإيران محادثات منذ شهور، بهدف عكس الاختلاف والعداء المتبادلين. وبحسب وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، كانت الجولة الأخيرة من المحادثات “ودية”.
لكن المحادثات لا تزال محاطة بالسرية، مما يشير على الأرجح إلى بطء التقدم – هذا إن وجد.
بالإضافة إلى الأخبار الأخيرة حول استئناف العلاقات التجارية والعلامات الإيجابية فيما يتعلق بالبعثات الدبلوماسية في طهران والرياض التي تم إغلاقها منذ عام 2016، هناك عدة ملفات بحاجة إلى اتفاق تتعلق بشؤون المنطقة التي استخدمها كلا البلدين من أجل خدمة الأغراض المحلية الخاصة بهما.
انخرطت كل من السعودية وإيران في منافسة إقليمية لتهدئة واحتواء وإثارة إعجاب جمهورهما المحلي, حيث سعى هذا الصراع إلى إبراز القوة إقليمياً بالتزام من إخماد المعارضة في الداخل.
إسكات النقد
لقد بالغت السعودية في التهديد الإيراني الخارجي بإسكات الانتقادات الموجهة للقيادة السعودية، وتضييق الخناق على المعارضة الداخلية، وخلق جو من الخوف والتخوف.
قبل عامين، هدد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بخوض المعركة في عمق إيران، التي طالما وقفت متهمة بتسليح الحوثيين اليمنيين على الحدود الجنوبية للسعودية.
أراد محمد بن سلمان تحقيق نصر على إيران في اليمن والظهور كمحارب عمل على إنهاء التوسع الإيراني في العالم العربي.
لكن هذه التعهدات لم تترجم إلى واقع، ويضطر ولي العهد الآن للجلوس إلى طاولة المفاوضات، طالباً المساعدة الإيرانية لإنهاء الحرب التي دمرت اليمن، واستنزفت الموارد السعودية، وفشل في تتويجه كبطل عسكري بلا منازع.
إذا كان ولي العهد في حرب دائمة مع “جمهورية إسلامية توسعية” و”خصم شيعي” يدعم الميليشيات المصممة على تقويض الأمن السعودي القريب جداً من حدودها، فيمكنه إقناع السعوديين بأنهم يخوضون حربا أبدية ووجودية مهدده.
وهذا يبرر إنفاق مليارات الدولارات على التسلح في وقت تتراجع فيه أسعار النفط وزيادة الضرائب وصواريخ الحوثي وطائراته المسيرة القادرة على الوصول إلى أهم المنشآت النفطية السعودية.
من ناحية إيران، من المناسب للقيادة إقناع الإيرانيين بأنهم محاصرون بدول معادية لها ثروة نفطية هائلة، بمساعدة الولايات المتحدة، يمكن أن تشن حربا على الأراضي الإيرانية.
مثل السعوديين، استخدمت إيران التهديد المزعوم الذي تشكله السعودية لاسترضاء السكان المضطربين، الذين عانوا من صعوبات ونقص اقتصادي في ظل أحد أنظمة العقوبات الأكثر عقابا التي فرضتها الولايات المتحدة وحلفاؤها.
في حين أن المملكة لا تستطيع أبدا محاربة إيران بمفردها، فإن علاقاتها العسكرية الوثيقة مع الولايات المتحدة تجعلها عدوا سهلاً يمكن توجيه أصابع الاتهام إليه.
المظالم المشروعة
في الماضي، استفادت إيران من مظالم الشيعة السعوديين، وقطعت في نهاية المطاف العلاقات الدبلوماسية مع السعودية بعد إعدام الشيخ نمر النمر في عام 2016.
وعرضت صورة لنفسها كوصي على المصالح الشيعية، مما أظهر التضامن مع إخوانه في الدين مما يزعج الرياض.
استخدمت السعودية هذا التضامن الإيراني لقمع المعارضين الشيعة، الذين لديهم مظالم مشروعة، بحجة أنهم عملاء إيرانيون – طابور خامس بين المسلمين السنة في بلد الحرمين الشريفين.
انتقدت إيران طريقة تعامل المملكة مع أداء فريضة الحج، مع أصوات عديدة تدعو إلى إزالة مدينة مكة المكرمة من الوصاية السعودية، وأن تصبح قبلة المسلمين، يديرها مجلس للمسلمين. هذا من شأنه أن يسلب المملكة جوهرة التاج، والتي لن يوافق عليها أي ملك سعودي.
غُطي هذا التنافس السياسي بالخطاب الطائفي، مما أدى إلى تضخيم الانقسام السني الشيعي على كلا الجانبين ويؤجج الكراهية الطائفية والعنف.
يجب أن تبدأ المحادثات الناجحة بين السعودية وإيران من خلال حل قضية أساسية: يجب على كلا البلدين التوقف عن استخدام التنافس لإرضاء مواطنيهم، وتحويل انتباههما إلى إصلاحات سياسية حقيقية.
هذا وحده سينجح في تطبيع العلاقات بين البلدين، على الرغم من طموحاتهما واختلافاتهما الإقليمية.
لا يزال بإمكان المملكة وإيران السعي وراء مصالحهما الوطنية الخاصة، ولكن ليس كلعبة محصلتها صفر.
يمكن للدول المتنافسة أن تتعايش بسلام إذا عززت جبهاتها المحلية, ويجب أن تفهم السعودية وإيران أنهما داخلياً كلاهما نظامان هشان، وأن التهديدات الأمنية الرئيسية داخلية.
هذا الإدراك يمكن أن ينقذهم وبقية العالم العربي من عقد آخر من التوترات والمكائد السرية والأعمال العدائية أو حتى الحروب بالوكالة.
* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع