اليمن يواجه حربا جديدة في الجنوب الغني بالنفط
المواجهة التي سوف تتصاعد في شبوة ليست صراعاً بين حكومة الرئيس هادي والمجلس الانتقالي الجنوبي، بل صراعاً بين المجلس الانتقالي وحزب الإصلاح الإسلامي.
بقلم: فرناندو كارفاخال
( موقع “ميدل إيست آي” البريطاني ترجمة: نجاة نور, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ
في أقل من شهرين، تمكنت قوات الحوثي من السيطرة على محافظة البيضاء جنوب غرب اليمن، حيث أشارت التقارير إلى طرد عناصر من تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية ومقاتلين قبليين سلفيين وقوات موالية للحكومة.
انتقل الحوثيون الآن إلى محافظة شبوة الغربية بذريعة مطاردة عناصر القاعدة، مع انسحاب المزيد من القوات الحكومية وتكديسها في قواعد عسكرية حول عاصمة المحافظة عتق.
تتهم عناصر جنوبية القوات الحكومية التابعة لحزب الإصلاح بتسليم الأراضي للحوثيين أثناء حشدهم لمواجهة قوات النخبة الشبوانية الجنوبية بجنوب شبوة.
بينما تتصدر المكاسب العسكرية للحوثيين عناوين الأخبار، فإن الصراع الذي يتم الاستعداد له في شبوة يهدد استمرار اتفاق الرياض الذي رعاته المملكة العربية السعودية في عام 2019، وفتح جبهة قتالية يمنية ثالثة، خارج مأرب وساحل البحر الأحمر، في جنوب اليمن.
ينظر المجلس الانتقالي الجنوبي وحلفاؤه إلى أن انسحاب القوات الموالية للحكومة وإعادة انتشارها في وسط محافظة شبوة، التي تضم عدة حقول نفطية والمحطة الوحيدة للغاز الطبيعي المسال في البلد، لمواجهة ضغط الحوثيين, ما هو إلا انتهاك لاتفاق الرياض الذي أعيد التفاوض بشأنه في ديسمبر 2020.
يرى الجنوبيون أن قوات الحكومة الشرعية في اليمن، بقيادة الرئيس عبد ربه منصور، امتداداً لحزب الإصلاح التابع لجماعة الإخوان المسلمين، وأن تركيزهم في شبوة هو شكل جديد من أشكال احتلال القوات الشمالية للجنوب.
يأتي تحرك القوات الموالية للحكومة بعد الانسحاب من البيضاء إلى غرب شبوة بعد أسابيع من التوتر الذي يخيم على خلفية وجود قوات النخبة الشبوانية الموالية للمجلس الانتقالي الجنوبي في محطة الغاز الطبيعي المسال التي تسيطر عليها الحكومة في بلحاف.
تضيف التحركات الأخيرة للقوات الحكومية التي تبحث عن ملاذ في شبوة إلى الطبيعة الهشة لهم، بما في ذلك قتال الأطراف على الموارد النفطية.
موارد النفط والغاز:
اعتمد نجاح اتفاق الرياض لعام 2019 في الحد من التوترات بين المجلس الانتقالي الجنوبي وحكومة هادي المتمركزة في الشمال على خفض التصعيد عبر المحافظات الجنوبية وإدراج القوات الجنوبية تحت وزارتي الدفاع والداخلية اللذين يهيمن عليهما الشمال.
وشمل انسحاب القوات الحكومية من محافظتي أبين وشبوة لتجنب المواجهات غير المرغوبة مع قوات الأمن الجنوبية المتحالفة مع المجلس الانتقالي الجنوبي.
بالنسبة إلى المجلس الانتقالي الجنوبي وقوات الأمن الجنوبية، كان اتفاق الرياض يهدف أيضاً إلى تقييد استخدام حزب الإصلاح لقيادة وهيكل القوات المسلحة الموالية للحكومة لتعزيز وتأمين مصالحه، مثل الوصول إلى موارد النفط والغاز.
بالنسبة للإصلاح فهم يُفضلون ذلك على محاربة قوات الحوثيين إلى جانب التحالف الذي تقوده السعودية لاستعادة الشرعية.
إن طبيعة المواجهة في شبوة ليست صراعاً بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي، الذي هو جزء من الحكومة، بل بين المجلس الانتقالي والإصلاح.
التنافس بين حزب الإصلاح والمجلس الانتقالي الجنوبي يقترب الآن من شبوة, تحافظ المحافظة الجنوبية الغنية بالنفط والغاز على خطوط أنابيب الغاز الطبيعي المسال والنفط الرئيسية من مأرب إلى خليج عدن في محطة الغاز الطبيعي المسال في بلحاف وموانئ قطان وبئر علي.
المنطقة مجزأة للغاية على أسس قبلية، وهي بيئة تسهل علاقات المحسوبية مع القوى الإقليمية التي تتمتع بالنفوذ.
يشمل القتال من أجل شبوة الوصول إلى ملاذ آمن وموارد طبيعية ووصول مباشر إلى البحر بالإضافة إلى الأراضي الشاسعة.
الموقع الجغرافي يجعل من شبوة منطقة مرغوبة للغاية, إلى الغرب، تشترك شبوة في الحدود مع أبين والبيضاء ومأرب من الشمال, وحضرموت في الشرق.
شبوة لديها 160 كيلومترا من الساحل, يمتد أهم خط أنابيب للغاز الطبيعي المسال في اليمن من حقول الغاز في مأرب عبر جردان والروضة (شرق عتق) وميفعة إلى محطة توتال الفرنسية للغاز والنفط التي تديرها الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال في بلحاف على ساحل خليج عدن.
احتكار الموارد:
يعتبر معبر بلحاف “أكبر استثمار أجنبي على الأراضي اليمنية”، ووقع الأمن عليها في يد الإمارات، عضو التحالف الذي تقوده السعودية، بعد تحرير المحافظة من قوات الحوثيين عام 2015.
التسهيلات في بلحاف كانت في قلب التوترات بين الإصلاح والإمارات منذ أن تم استعادة المحافظة من قوات الحوثيين، وتفاقمت بسبب تسليم الإمارات للمسؤوليات الأمنية إلى قوات النخبة الشبوانية قبل عام من انسحاب القوات الإماراتية في عام 2019
بلحاف حيوية للبنية التحتية الاقتصادية في اليمن, كان الأمن في المحطة أولوية قصوى للتحالف الذي تقوده السعودية والقوات الجنوبية المتحالفة مع المجلس الانتقالي الجنوبي.
قبل بدء الحرب الحالية في مارس 2015، أعلنت شركة توتال للغاز والطاقة الفرنسية حالة طوارئ في محطة بلحاف بسبب التهديدات الأمنية المتزايدة ضد المنشأة والموظفين.
لم تكن التهديدات من قوات الحوثيين مصدر القلق الوحيد للتحالف أو المجلس الانتقالي الجنوبي, حيث أعلن تنظيم القاعدة مسؤوليته عن الهجمات على بلحاف مؤخراً في أبريل 2021.
في حين أن محافظ شبوة الموالي للإصلاح، محمد صالح بن عديو، وأتباعه يستهدفون على وجه التحديد الإمارات كقوة احتلال في بلحاف، تظل المجموعة الصغيرة من المستشارين العسكريين للتحالف مصدر قوة لقوات النخبة الشبوانية وسط تصاعد في نشاط القاعدة في شبه الجزيرة العربية منذ ظهوره، حيث قام الحوثيون بطرد الجماعة من محافظة البيضاء هذا العام.
لم تتمكن الحكومة اليمنية من تحقيق تعهدها لعام 2020 بزيادة إنتاج الطاقة بنسبة 25٪ نتيجة تدهور الوضع الأمني في مأرب وشبوة.
يساهم عدم الاستقرار في أنحاء شبوة، الذي تفاقم بسبب تدفق مقاتلي القاعدة وتكدس القوات التابعة للإصلاح حول عتق بعد الانسحاب من البيضاء غرب شبوة، في تصعيد التوترات بين قوات المجلس الانتقالي الجنوبي والإصلاح.
الملاذ والمواجهة:
كما ساهم افتتاح ميناء قنا، بالقرب من ثالث أهم ميناء لتصدير النفط في اليمن في بئر علي، في هذه التوترات.
يدعي المجلس الانتقالي الجنوبي أن قنا لا يزال خارج سلطة وزارة النفط ويتهم المجلس الانتقالي الجنوبي، منتسبي الإصلاح، بتهريب آلاف البراميل من النفط الخام عبر قنا الخاضعة لسيطرة الإصلاح.
يعد أمن تدفق الطاقة عبر شبوة أمراً حيوياً للمصالح الاقتصادية لجميع اليمنيين، بما في ذلك أطراف النزاع.
خسرت القوات الحكومية مساحة كبيرة من الأراضي لصالح الحوثيين هذا الصيف في محافظات البيضاء وتعز ومأرب.
ونتيجة للانقسام داخل القوات العسكرية التابعة لحكومة هادي، فإن الجزء الأكبر من القوات التي فقدت هذه المنطقة مرتبط بحزب الإصلاح ونائب الرئيس علي محسن الأحمر.
يساهم تمركز القوات في شبوة بشكل مباشر في الصراع بين الإصلاح والمجلس الانتقالي الجنوبي.
على مدار العامين الماضيين، كان الانفصاليون الجنوبيون في المجلس الانتقالي الجنوبي في شبوة في طليعة معارضة الإصلاح وحشد القوات الحكومية في المحافظة.
حذر المجلس الانتقالي الجنوبي من نهج شديد القسوة من قبل محافظ شبوة التابع للإصلاح، باستخدام قوات الأمن والقوات العسكرية لقمع الاحتجاجات في جميع أنحاء المحافظة، مما أثار شكاوى مع السعودية بشأن استهداف مسؤولي المجلس الانتقالي الجنوبي في شبوة.
الجرائم ضد المدنيين:
أن حدة التنافس في شبوة بين الإصلاح والمجلس الانتقالي الجنوبي يغذيها قادة مثل عبد الرحمن المصري، وهو صحفي وضابط توجيه أخلاقي في الجيش الموالي للحكومة.
وقد أدى ذلك إلى إطلاق حملة جديدة للمجتمع المدني تسلط الضوء على الجرائم التي ارتكبتها القوات التابعة للإصلاح في شبوة بحق المدنيين.
سيستمر فشل حكومة هادي في معالجة التوترات في شبوة في الانتشار إلى الشوارع وتصعيد الحرب الإعلامية بين الإصلاح والمجلس الانتقالي الجنوبي، مما يجعل الأطراف أقرب إلى الاشتباكات المسلحة المباشرة.
لا يزال التركيز الدولي على الوضع في مأرب، ولكن هناك حاجة إلى مزيد من الاهتمام بالمحافظات الجنوبية إذا أراد اليمن أن يرى أي تقدم على مسار السلام الذي تقوده الأمم المتحدة.
إن انهيار اتفاق الرياض، الذي يركز بشكل أساسي على التوترات المتصاعدة بين الإصلاح والمجلس الانتقالي الجنوبي، من شأنه أن يضر باحتمالات وقف تصعيد العنف وإحلال السلام.
ستزيد التوترات المتصاعدة في شبوة من تفتيت موقف الحكومة ومنح الحوثيين المزيد من الفرص للاستفادة من الاختلافات بين الإصلاح والمجلس الانتقالي لصالحهم.
* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع