بقلم: كارولين فينيت

(صحيفة “لا كروا- “La Croix الفرنسية – ترجمة: أسماء بجاش – الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)

وضع الجميع عيناه على جبهة مأرب، وفي حال سقطت المدينة في أيدي جماعة الحوثي، فسوف يتم تغيير مسار الحرب برمته.

تعتبر محافظة مأرب آخر معقل موالي للحكومة اليمنية في المناطق الشمالية والمدعوم من قبل السعودية، وبالتالي سوف يمثل سقوط المدينة بمثابة نصراً حاسماً للحوثيين، وعكس توازن القوى لمفاوضات السلام في المستقبل.

منذ استئناف هجوم الحوثيين على مأرب في فبراير المنصرم، أزاح الحوثيون كافة عروض وقف إطلاق نار السعودية جانباً.

ومن جانبه، لخص الباحث من المركز الوطني للبحوث العلمية والمختص بالشأن اليمني لوران بونيفوي، الوضع الحاصل في اليمن :”الحوثيون ليسوا مستعدين لتقديم أي شيء آخر سوى إذلال السعوديين”.

منذ عدة سنوات والرياض تكافح للخروج من الأزمة اليمنية، الحوثيون لا ينخدعون وهم يعلمون أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يلعب دوره من أجل البقاء، سواء على الصعيد المحلي أو الإقليمي، وبالتالي لا يمكنه تحمل تبعات الهزيمة في حرب اليمن.

حرب جيوسياسية:

إن الزيارة التي قام بها مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان ومبعوث الولايات المتحدة الخاص لليمن تيم ليندركينج إلى العاصمة السعودية الأسبوع الماضي، بالتزامن مع اشتداد العمليات القتالية في معركة مأرب، من الممكن أن تؤدي إلى إحياء المحادثات.

قال الباحث الفرنسي فرانسوا فريسون روش من المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي “CNRS” والمدير السابق لمشروع”  المساعدة الانتقالية في اليمن” الذي اختارته الحكومة الفرنسية ليكون مستشاراً لدى الجمهورية اليمنية ليساعد اليمنيين على وضع الدستور اليمني الجديد في فترة انعقاد مؤتمر الحوار الوطني ولجنة صياغة الدستور في الفترة ما بين 2012 إلى 2014: “أن الحوثيون قدموا مبادرة لإرساء السلام، بيد أن هذه المبادرة لم تلقى أي إجابة حتى وقتنا الراهن، تجدر الإشارة إلى أن التأثير الإيراني على الحوثيين ليس كما يقال، كما أن الحصار والخلافات الدوغماتية هامة جداً (الحوثيون هم من الطائفة الزيدية، فرع بعيد من الشيعة)، وليس بنفس القوة كما يقولون,  ولكن اليمن، على الرغم من ذاته، يقف على مفترق طرق المصالح الجيوسياسية بين إيران والولايات المتحدة، حلفاء المملكة السعودية.

الحل إقامة دولتين؟

نقطة توتر أخرى تلوح في سماء الأزمة اليمنية: تقسيم البلد، حيث وقد دافعت مختلف قرارات الأمم المتحدة بشأن اليمن دائما عن ضرورة الحفاظ على وحدة التراب اليمني.

ومن جانبه، يرى الباحث فرانسوا فريسون روش “إن السعودية لا تريد دولة مقسمة إلى دولتين، وبالتالي اليمن الشمالي الموالي لنظام الحكم في ايران على أبوابها الجنوبية، ولهذا فهي تفضل التعامل مع بلد موحد ذي أغلبية سنية”.

ويتفق المراقبون على أن حل اليمن لدولتين أصبح بمثابة أمر “حتمي”, والواقع أن البلد مقسم بالفعل بين الشمال والجنوب، ففي الشمال أصبحت جميع المناطق في أيدي الحوثيين- باستثناء محافظة مأرب- وهكذا أصبحت جبهة موحدة، بينما انقسم الجنوب، الذي يتلقى الدعم من دول التحالف العربي بين القوى الموالية والانفصالية والقبلية المختلفة.

وتم الكشف عن قائمة مطالب الحوثيون في أبريل من العام 2020، حيث تنص على رفع الحصار البري والبحري والجوي المفروض على البلد.

ولكن السعودية لا تستطيع أن توافق على تلك المطالب والمخاطرة بأن ترى إيران، عدوها الأول في المنطقة، يعزز قبضتها على البلد.

يسلط الباحث لوران بونيفوي الضوء على نقطة مهمة ألا وهي أن الحوثيون يسيطرون على المنطقة الأكثر سكاناً في اليمن، فاليمن الذي يبلغ عدد سكانه قرابة 30 مليون نسمة، يقطن 25 مليون نسمة منهم في المناطق الشمالية، والواقع أن التقسيم الدائم للبلد من شأنه أن يزيد من حدة الخلل في التوازن، وذلك نظراً لكون أن موارد النفط والغاز تتقاسم على الجزئيين الشمالي والجنوبي، حقول النفط تقع في الشمال، ولكن خط الأنابيب في الجنوب، فاليمن دولة أكثر إيراداً وسوف يكون من الصعب إعادتها إلى سابق عهدها”.

يتوجب على جنوب اليمن أن يتصدى لانقسامات خاصة به، بين ما يسمى بالحكومة “الشرعية” التي لا تزال تعيش في المنفى في الرياض، وبين القوى الانفصالية التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي والذي يتلقى الدعم من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي نفسها عضو في منظومة التحالف العربي.

اختتم الباحث لوران بونيفوي حديثه، بأنه “ما زال أمام البلد سنوات عديدة ــ إن لم تكن عقوداً ــ من عدم الاستقرار واستمرار العنف”.

*  المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع