السعودية تتنازل عن الأرض لكنها تقاتل من الجو مع احتدام الحرب بقلم: أحمد عبد الكريم
( موقع “مينتبرس نيوز” الأمريكي- ترجمة: نجاة نور- الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)
قال رجل كبير في السن من محافظة شبوة “لن يرضينا شيء سوى أن تغادر السعودية والإمارات ارضنا”.
شبوة، اليمن – “لقد قتلتهم طائرة حربية”، قال رجل في السبعينيات من عمره، يرتدي الزي التقليدي لمحافظة شبوة، وهو يقف فوق بقايا جثث محترقة لعائلة في منطقة مرخة التي تقع في محافظة شبوة أحدى اكبر محافظات اليمن.
ألقت طائرات سعودية قنابل غربية الصنع على أسرة محمد حسين أحمد اللسودي في ناجل مقوع، ما أدى إلى مقتله مع زوجته وطفليه.
عندما تم استهداف سيارته، كان محمد يقود سيارته إلى منزله وهي محملة بالدقيق والسلع المعلبة، حيث كانت الأسرة تعتزم الاحتفال بإحدى المناسبات.
قال الجد لوسائل إعلام يمنية محلية: “لن يرضينا شيء سوى مغادرة السعودية والإمارات أرضينا”.
على الرغم من حقيقة أن الأمم المتحدة أكدت وقوع الحادث، إلا أن التحالف بقيادة السعودية أفلت من المسؤولية، قائلاً إنه ليس لديه معلومات عن غارات جوية استهدفت المدنيين في شبوة.
وعلى الرغم من ذلك، أثارت عمليات القتل غضباً تجاه التحالف بين سكان المحافظة، وهي إحدى المحافظات الرئيسية المنتجة للنفط في اليمن، إلى جانب حضرموت من الشرق ومأرب في الشمال الغربي.
تعهد سكان شمال غرب المحافظة حيث وقع الحادث مؤخرا بالولاء لأنصار الله وحملوا السلاح لطرد قوات التحالف وحلفائهم من المنطقة.
وأعلن أحد أبناء قبيلة شبوة في أعقاب اجتماع حاشد عقد يوم الأحد في بيحان بشبوة أن “الهجمات الوحشية لا يمكن أن تخيفنا أو تردعنا عن تحرير أرضنا والوقوف جنباً إلى جنب مع الشرفاء”.
في أعقاب تقدم أنصار الله في شبوة – التي تحتوي على أكبر احتياطيات من الغاز الطبيعي في اليمن، حيث تنتج أكثر من 100.000 برميل من النفط يومياً، وهي موطن لميناء مصفاة الغاز الطبيعي بالبلحة, لجأ التحالف السعودي إلى إطلاق عدد كبير من غارات جوية استهدفت مناطق مكتظة بالسكان في شبوة.
أنصار الله يتقدمون:
في الأسبوعين الماضيين فقط، استولت قوات من صنعاء، بدعم من قبائل شبوة المحلية، على مناطق استراتيجية في جميع أنحاء المحافظة، بما في ذلك بيحان، وعسيلان، ومرخة العليا، ومسورة, وهي مناطق كان يُنظر إليها على أنها حيوية لوقف تقدم الأنصار الله في شرق اليمن.
ترك هذا التقدم المذهل التحالف الذي تقوده السعودية يوجه أصابع الاتهام لبعضه البعض، حيث يلقي الجيش السعودي وحكومة هادي المدعومة سعودياً في اليمن والمجلس الانتقالي الجنوبي باللوم على بعضهم البعض لسماحهم بسقوط شبوة.
ومع ذلك، وُجهت معظم الاتهامات إلى حزب الإصلاح، فرع جماعة الإخوان المسلمين في اليمن.
وعلى الرغم من توجيه أصابع الاتهام، اعترف محافظ شبوة (المعين من قبل التحالف الذي تقوده السعودية) بتقدم أنصار الله، مشيراً إلى الجماعة التي تستخدم في كثير من الأحيان امتهان “الحوثيين”، نسبة الى اسم مؤسس الجماعة “حسين الحوثي.”
جاء تقدم أنصار الله في شبوة على الرغم من الإنفاق الهائل من قبل كل من الإمارات والسعودية لكسب ولاء السكان والمسؤولين الإقليميين من خلال ضخ الملايين في خزائن البلدية المحلية، وهي استراتيجية تستخدم لتحقيق بعض النجاح في المحافظات الأخرى في اليمن لتغيير الولاءات السياسية.
كما تزامن مع التطورات في محافظتي البيضاء ومأرب المجاورتين, ففي البيضاء، التي تقع في وسط اليمن، اشتركت قوات أنصار الله مع أنصار محليين لاستعادة المحافظة وأعلنت أنها تحت سيطرتهم بالكامل في 23 سبتمبر.
وفي عملية عسكرية واسعة النطاق أطلق عليها أنصار الله اسم “فجر الحرية”، نجحت في استعادة منطقتي الصومعة ومسورة، وكذلك أجزاء كبيرة من المكيراس بمساحة 2700 كيلومتر مربع.
وبحسب الناطق العسكري باسم جماعة أنصار الله اللواء يحيى سريع، أصبحت المحافظات الآن خالية من عناصر تنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة التي ابتليت بها ذات يوم.
في محافظة مأرب الاستراتيجية الغنية بالنفط، والتي تقع على بعد حوالي 120 كيلومترا (75 ميلا) شرق العاصمة صنعاء، أصبح أنصار الله على وشك استعادة المحافظة، حيث لا تزال المعارك مستعرة مع المسلحين المدعومين من السعودية.
في الأشهر الأخيرة، سيطرت جماعة أنصار الله أيضاً على مديريات حريب، مجزر ومظلل، على الرغم من الغارات الجوية السعودية التي تقدر بأكثر من 100.000غارة، كان 30.000 منها في حريب وحدها، وفقاً للجيش اليمني بقيادة أنصار الله
خطة أنصار الله للسلام تكتسب مناصريها:
على الرغم من انتصاراتها الكاسحة في ساحة المعركة، أطلقت الجماعة مبادرة سلام في يونيو، فيما يقولون إنها محاولة لتجنب سقوط ضحايا من المدنيين في مأرب.
لم تفعل المبادرة شيئاً يذكر لوقف المعارك الدائرة في المحافظة، لكنها حظيت بدعم كبير من القبائل المحلية، بما في ذلك الحلفاء السعوديون المحليون.
تقترح المبادرة، المقدمة إلى وسطاء من عمان المجاورة خلال زيارة إلى صنعاء، طرد جميع القوات الأجنبية وتشكيل قيادة مشتركة لمأرب، وقوات الأمن المشتركة، واللجان الفنية المشتركة المكونة من السكان المحليين، لإدارة المحافظة.
ستشهد أيضاً إيداع عائدات النفط في حساب خاضع للمراقبة بشكل مستقل لدفع رواتب موظفي الحكومة وتمويل جهود إعادة الإعمار بعد الحرب.
الصفقة ستعيد فتح خط أنابيب نفط مغلق الآن يمتد من مأرب إلى ميناء رأس عيسى الواقع تحت سيطرة الحوثيين على البحر الأحمر، واطلاق سراح جميع أسرى الحرب من الجانبين، ويضمن حرية الحركة من مأرب وإليها.
رغم ان السعودية أبدت معارضة شديدة للاقتراح، فقد تم بالفعل توقيع عشرات الاتفاقات، بناءً على مبادئها، بين القبائل المحلية والمسؤولين وحكومة أنصار الله في صنعاء.
وبينما تكتسب المبادرة زخماً، لا يزال الجيش اليمني بقيادة أنصار الله يعمل على طرد القوات السعودية من مأرب من خلال القوة العسكرية المحضة.
في واحدة من أكبر عملياتها العسكرية منذ بدء الحرب، نجحت عملية “البأس الشديد”، التي نشرتها مينتبرس نيوز لأول مرة في مارس الماضي، في السيطرة على مساحات كبيرة من مأرب من ايدي القوات السعودية، التي حشدت مقاتلين من مختلف أنحاء اليمن في محاولة للسيطرة على المنطقة.
في الأسبوع الماضي، نشر الاعلام الحربي، وهو منفذ إعلامي يمني لقطات ميدانية للحرب في اليمن منذ بدايتها في عام 2015، ما يقرب من ساعة من لقطات أولية لبعض أعنف المعارك منذ بدء الحرب.
تُظهر اللقطات اشتباكات عنيفة، في عمق مناطق مأرب الأكثر استراتيجية، بين أنصار الله والمسلحين السلفيين المدعومين من السعودية والمتحالفين مع المنطقة العسكرية الخامسة اليمنية وهي وحدة ذات خبرة عالية تابعة للحكومة اليمنية المدعومة من السعودية في عدن.
يُظهر مقطع الفيديو أن قوات أنصار الله تستولي على مساحة تبلغ 1600 كيلومتر مربع تحتوي على عشرات القواعد العسكرية – بما في ذلك معسكر ماس سيئ السمعة، أكبر قاعدة عسكرية سعودية في مأرب وأهمها على الأرجح – واستولت على 1500 من العربات المصفحة معظمها أمريكية الصنع أو دمرتها، بحسب أنصار الله.
تصاعد الغضب الشعبي على السعوديين:
حقيقة أن السكان المحليين في شبوة انقلبوا بسرعة على التحالف الذي تقوده السعودية وتحالفوا مع أنصار الله، على الرغم من ضخ السابق للمال في المحافظة، ليس مفاجئاً للكثيرين في اليمن.
يعاني أهالي شبوة كغيرهم من المحافظات الجنوبية من أزمة إنسانية خطيرة، ويرجع الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى السياسات التي تنتهجها القوات المدعومة من السعودية.
إن انهيار العملة المحلية، وارتفاع أسعار المواد الغذائية والأدوية، وانقطاع التيار الكهربائي المتكرر يفوق بسهولة أي ضخ نقدي يشق طريقه إلى خزائن الحكومة المحلية ولكنة لا يصل الى أيدي السكان.
شهدت العملة اليمنية، لاسيما في المحافظات الجنوبية تراجعاً حراً، حيث قد تتجاوز قيمتها 1120 ريالاً يمنياً مقابل دولار أمريكي واحد، مما يجعل الطعام باهظ التكلفة في بلد يعتمد 80٪ من سكانه على المساعدات.
كما يتصاعد الغضب بشأن ما يعتبره الكثيرون نهباً سعودياً صارخاً لاحتياطيات النفط والغاز في المحافظة.
في 20 سبتمبر، وصلت ناقلة النفط الضخمة “PAROS” إلى ميناء النشيمة في شبوة قادمة من تركيا لنقل على 107 طناً من النفط الخام، بقيمة تقديرية 65 مليون دولار، إلى خارج البلد دون نسبة مئوية من التعويض للسكان المحليين.
كما وصلت ناقلة النفط “SAGA” في 11 أبريل إلى ميناء بئر علي بمنطقة رضوم بشبوة من ميناء الفجيرة الإماراتي لنقل كمية كبيرة من المنتجات البترولية، بحسب مصادر عاملة في قطاع النفط في المحافظات الجنوبية، ومرة أخرى, أهالي شبوة تُركوا دون سنتاً واحداً كتعويض.
ويأتي هذه النهب فيما لا تزال الأراضي الزراعية والسكنية الواقعة على طول خطوط أنابيب النفط الممتدة إلى ميناء النشيمة وساحل شبوة تعاني من تلوث بيئي بسبب التسربات النفطية الكبيرة من الأنابيب التي لم تتم صيانتها بشكل جيد، وخاصة خط أنابيب القطاع 4 غرب, التي بدأت في التسريب العام الماضي ولم يتم إصلاحها بعد.
وصل الغضب ضد الحكومة السعودية الآن إلى نقطة الغليان، مع اندلاع الاحتجاجات في جميع أنحاء المحافظات الجنوبية والتي تحول بعضها إلى دموية.
في مدينة زنجبار- وهي بلدة ساحلية في جنوب وسط اليمن ومسقط رأس الرئيس المدعوم من السعودية، عبد ربه منصور هادي- نزل مئات السكان إلى الشوارع يوم الأحد، منددين بتدهور الظروف المعيشية, أغلقت المتاجر وجاب المتظاهرون الشارع الرئيسي وأشعلوا النيران وأغلقوا الأحياء.
وفي تعز، نزل آلاف الأشخاص إلى الشوارع للتنديد بانهيار العملة والفساد وارتفاع أسعار الصرف.
قتل متظاهر عندما أطلقت القوات المدعومة من السعودية الذخيرة الحية في محاولة لتفريق المتظاهرين الذين أغلقوا الشوارع ورددوا شعارات مناهضة للسعودية.
وفي محافظات جنوبية أخرى، شهدت مدن كبرى بينها معاقل السعودية كعدن وحضرموت أياماً من الفوضى والضجة والقتل والاعتقالات.
كما فشلت محاولات إخماد الاحتجاجات الواسعة التي اندلعت قبل أسبوع إلى حد كبير، وأعلنت السلطات المحلية الموالية لدولة الإمارات العربية المتحدة حالة الطوارئ، متهمة المحتجين بأنهم “حوثيون”.
في حضرموت، حيث تجري التظاهرات في الغالب ليلاً بسبب الحرارة الشديدة، لقي متظاهرون مصرعهم وأصيب آخرون على أيدي قوات الأمن، كان آخرها مساء الخميس.
* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع