لماذا يمكن لمعركة مأرب أن تغير مسار الحرب في اليمن
( صحيفة “لاكبرس –le xpress” الفرنسية- ترجمة: أسماء بجاش، الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)
بعد سبع سنوات من الحرب المدمرة في اليمن، أفيد بأن المعسكر الحوثي في طريقه لانتزاع أخر معاقل الحكومة اليمنية في المناطق الشمالية من البلد.
ماذا سوف يحدث في حال أخذت الحرب في اليمن منعطفا جديدا؟ اليوم يقترب الحوثيين الذين شنوا هجوما في فبراير للاستيلاء على مدينة مأرب الاستراتيجية في شمال البلد، بصورة تدريجية، حيث لقي مئات المقاتلين حتفهم في هذه المنطقة خلال شهر سبتمبر المنصرم مع احتدام العمليات القتالية.
يمكن لهذا التقدم العسكري الجديد أن يغير مسار هذا الصراع الذي لا يزال مستمراً منذ سبع سنوات.
ومن جانبه، قال رئيس الوزراء معين عبد الملك التابع لهادي، الذي نقلت عنه موقع سبأ من الرياض التابعة لحكومة هادي، إن نتيجة المعركة ستحدد مستقبل اليمن، نظراً لكون معظم المناطق الشمالية أصبحت تحت سيطرة الحوثيين، باستثناء محافظة مأرب التي تعتبر أخر معاقل الحكومة في المناطق الشمالية من البلد.
وفي حال سقطت مدينة مأرب، فإن الحوثيين، بدعم من طهران، سوف يصبحون أسياد الشمال، وهو ما قد يفسح المجال أمام تقدمهم في أماكن أخرى.
يشير أحمد ناجي، الباحث في مركز مالكولم كير كارنيجي للشرق الأوسط، على مدى “الأهمية العسكرية الكبيرة التي تمثلها هذه المحافظة للحكومة، كما أنها تظل رمزا لبقاء حكومة هادي.
تتمتع مدينة مأرب بميزة اقتصادية ضخمة في دولة فقيرة للغاية: المنطقة غنية بالنفط والغاز المسال، كما تعتبر موطن لإحدى مصفاتي النفط في اليمن التي أنشئت في العام 1986 بطاقة إنتاجية تبلغ 10 آلاف برميل يومياً في ذلك الوقت، وذلك وفقاً للموقع الالكتروني الخاص بوزارة النفط اليمنية.
وفي تقريرها الصادر في نهاية العام 2019، فقد ارتفع معدل الطاقة الإنتاجية إلى 20 آلاف برميل يوميا، ووفقا لمحافظ مأرب، سلطان العرادة، لم تتأثر هذه الزيادة المالية بالحرب.
تزود محافظة مأرب جميع محافظات البلد بالغاز، بما في ذلك تلك الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، على حد قوله.
وبالنسبة للباحث أحمد ناجي، فإن طموح الحوثيين في مأرب هو أيضا “السيطرة على الموارد”.
تقع محافظة مأرب التي تقع على بعد 120 كم إلى الشرق من العاصمة صنعاء التي أصبحت منذ أواخر العام سبتمبر من العام 2014، خاضعة لسيطرة الحوثيين وترتبط بها بواسطة طريق سريع.
المدينة التي تعتبر مفترق طرق بين الشمال والجنوب وبين مختلف محافظات اليمن، متصلة أيضا عبر طريق سريع إلى جنوب المملكة العربية السعودية.
ولمدينة مأرب إرث تاريخي عريق، حيث كانت عاصمة مملكة سبأ ويوجد في مآرب عدة مواقع تاريخية، وهي مدينة تحيط بها الجبال والوديان.
الخطر يحدق بملايين النازحين:
ترى إليزابث كيندال، وهي باحثة في جامعة أكسفورد، أن سقوط مدينة مآرب سيكون بمثابة فاجعة وضربة قاصمة بالنسبة للحكومة اليمنية وحليفتها السعودية، وذلك لما من شأنه أن يعطي المزيد من القوة والنفوذ للحركة الحوثية، في حالة تمكنت الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية من جمع الفرقاء اليمنيين على طاولة المفاوضات.
وهذا سيكون أيضاً بمثابة ضربة قاصمة أخرى للحكومة التي تسعى إلى تأكيد سلطتها ومن شأنه أن يعزز موقف الحوثيين في جميع محادثات السلام “المتوخاة”.
شهدت الأزمة اليمنية عقد عدة محادثات سلام، كان أخرها في السويد في العام 2018، اتفق من خلالها الجانبان على ملف تبادل الأسرى وتوصلا إلى حل وسط بشأن إدارة ميناء الحديدة، وهو نقطة الدخول الرئيسية للمعونة الإنسانية في اليمن.
وعلى الرغم من الاتفاق على وقف إطلاق النار في مدينة الحديدة، إلا أن المدينة لا تزال تشهد معارك منتظمة بين الجانبين.
قال عبد الغني الارياني، الباحث في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، إن قبائل مآرب التي اختارت الوقوف إلى جانب الحكومة اليمنية، يمكن أن تتمكن من إبرام اتفاق مع الحوثيين، لتجنب تدمير مدينتهم، حيث لا يريد أين من الجانبين الانخراط في معركة حضرية دموية.
كما يرى الباحث أحمد ناجي، أن هذا الاتفاق يهدف إلى ضمان حياد القبائل وتقاسم الموارد مقابل اعتراف الحوثيين بالحكومة المحلية، ولكن وصول الحوثيين إلى المدينة يشكل تهديدا لملايين النازحين، نظراً للجوء مئات الآلاف من الناس الذين هربوا من القتال وسعوا إلى دعم أنفسهم، إلى المحافظة منذ بداية الصراع.
ووفقا لما ذكرته السلطات اليمنية، فإن 139 مخيم داخلي للنازحين يأوي أكثر من مليوني شخص، ممن فروا من الاشتباكات المتأججة في جميع أنحاء البلد، حيث غرقوا في أسوأ أزمة إنسانية في العالم وفقا لما ذكرته التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة، ناهيك عن شبح المجاعة الذي أطبق خناقه على شريحة واسعة من السكان، وربما يدفع اللاجئون ثمنا باهظا “للمعركة”، وهو ما يحذر منه الباحث الارياني.
وحسب الباحث، سيكون من الأصعب إيصال المساعدات الإنسانية إذا اضطر النازحون إلى الفرار من المخيمات مرة أخرى.
يعتمد اليوم نحو 80% من سكان اليمن البالغ عددهم 30 مليون نسمة على المساعدات الدولية اللازمة لبقائهم على قيد الحياة.
* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع