صحافي أميركي: لماذا لا ينبغي الوثوق بالمخابرات الأميركية؟
يرى الصحافي الأميركي برادلي بلانكينشيب أن لويد أوستن كشف عن ما هو معروف من حجم الفساد الهائل في الإدارة الأفغانية، وغض النظر عن أن ما يقدر بنحو 40 في المائة من المساعدات الأميركية انتهى بها المطاف في أيدي المسؤولين الفاسدين وأمراء الحرب.
السياسية :
نشر، برادلي بلانكينشيب، الصحافي والكاتب الأميركي المستقل، والذي يعيش في براغ التشيكية، مقالاً نشرته شبكة (CGTN) الصينية، يتناول فيه الانسحاب الأميركي من أفغانستان والذي لا يزال يتفاعل مع تصريحات المسؤولين الأميركيين والتي تكشف تناقضات كبيرة في التصريحات والآراء، ويحاول الإجابة على سؤال حول مدى الموثوقية بالمخابرات الأميركية بعد ما تم كشفه من معلومات مضللة وغير دقيقة، وفيما يلي النص الكامل للمقال:
في أولى جلسات الاستماع في الكونغرس الأميركي حول انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان، كشف من خلالها كبار المسؤولين العسكريين تفاصيل حول الانسحاب العشوائي الذي أنهى أطول حرب أميركية. بعد الاستماع إلى شهادة هؤلاء، يبرز تساؤل بديهي: “هل يمكن لأي شخص أن يثق بالمخابرات الأميركية في هذه المرحلة؟
كانت شهادة وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن مصدر إلهام لهذا السؤال. وقال في كلمته: “إن الانهيار المفاجئ للجيش الأفغاني عقب الإعلان عن الانسحاب فاجأ الجميع على ما يبدو. وإن المشاكل الرئيسية هي أن الولايات المتحدة وشركاءها لم يفهموا، من بين أمور أخرى، الفساد المستشري بين الرتب العليا في الجيش الأفغاني”.
بعد 20 عاماً، وتريليونات الدولارات، وخسائر بشرية كبيرة، كيف يمكن أن تكون المخابرات الأميركية قد أخطأت؟ عند التفكير في هذا السؤال، من المهم أن ندرك أن هذا الوضع ليس فريداً للاستخبارات الأميركية. والأخطاء الاستخباراتية الرئيسية التي عرفناها بالفعل في أفغانستان، دلالة واضحة على ذلك.
في عام 2001 دخلت الولايات المتحدة إلى افغانستان بهدف واضح هو اقتلاع “القاعدة” وحرمانها من الملاذ الآمن في البلاد. وأطلقت مطاردة دولية لأسامة بن لادن، الزعيم السابق للجماعة، الذي اعتقدت المخابرات الأميركية أنه يختبئ في مكان ما في أفغانستان.
اتضح بعد سنوات أن بن لادن كان يختبئ في باكستان، وهي حقيقة لم يتم التوصل إليها من خلال العمل المذهل للمخابرات الأميركية، ولكن في الواقع، عبر نصيحة من أحد كبار ضباط المخابرات الباكستانيين السابقين في السفارة الأميركية في إسلام أباد. وذلك وفقاً لتحقيق في عام 2015 أجراه الصحفي الحائز على جوائز، سيمور هيرش.
ووفقاً لما سُمي “أوراق أفغانستان” التي نشرتها صحيفة “واشنطن بوست”، فإن كبار المسؤولين الأميركيين توصلوا منذ فترة طويلة إلى إجماع على أن الحرب كانت غير قابلة للفوز بها، لكنهم ضللوا الجمهور بشأن هذه الحقيقة لإطالة أمد الحرب.
كشف لويد أوستن عن ما هو معروف من حجم الفساد الهائل المستشري في الإدارة الأفغانية، وغض النظر عن حقيقة بأن ما يقدر بنحو 40 في المائة من المساعدات الأميركية لأفغانستان انتهى بها المطاف في أيدي المسؤولين الفاسدين وأمراء الحرب والمجرمين. وعندما أعلنت الولايات المتحدة مساراً واضحاً للانسحاب من أفغانستان، سرّب مسؤولون استخباراتيون شائعة بأن مجهولين روس صمموا برنامجاً استخباراتياً لدفع أموال لمقاتلي طالبان لقتل الجنود الأميركيين. وواكب المزاعم تغطية إعلامية واسعة وشاملة بهدف الضغط على الرئيس آنذاك دونالد ترامب للبقاء في مستنقع أفغانستان.
واعترف الرئيس الأميركي جو بايدن بنفسه في نيسان/أبريل أن المزاعم الخطيرة للغاية استندت إلى تقييم استخباراتي أميركي درجته من “منخفضة إلى متوسطة”.
جهاز المخابرات الأميركية الذي أخطأ باستمرار، أو كذب عمداً. ومن أشهر أكاذيبه ما قاله وزير الخارجية الأميركي السابق كولن باول، عن “امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل بالاستناد إلى “حقائق واستنتاجات استخبارية قوية”. وسواء كانت كذبة متعمدة أو خطأ صريحاً، فقد سقط مئات آلاف الضحايا من العراقيين إثر الغزو.
على هذا النحو، أظهرت الوثائق التي رفعت عنها السرية من وكالة الأمن القومي (إن إس ايه) بوضوح أن كبار المسؤولين الأميركيين شوهوا الحقيقة المحيطة بحادث خليج تونكين في عام 1964 لتضليل الجمهور الأميركي، في عملية غزو واسع النطاق لفيتنام.
السؤال حول مدى موثوقية المعلومات الاستخباراتية الأميركية، وما مدى الجدية التي ينبغي أن تؤخذ بها تقييمات المخاطر الأمنية المنبثقة عن التقييمات الأميركية؟
وكما يتعين على المرء أن يتساءل عن فائدة جهاز التجسس العالمي في الولايات المتحدة، إن وجد.
يبدو أن هناك تفسيران. أولاً، أن الولايات المتحدة تكذب صراحةً لتعزيز “مصالحها”، والتي لا تتعلق أبداً بالمصالح الفعلية لمواطنيها، ومتصلة بالجشع النهم لمجمعها الصناعي العسكري.
ثانياً، أن كبار المسؤولين الأميركيين غير أكفاء بشكل غير عادي، وهو أمر مرعب لأميركا التي من المفترض أنها زعيمة العالم الحر. والجمع بين التفسيرين يثير شكوكاً جدية في المجتمع الدولي حول كون واشنطن شريكاً أمنياً موثوقاً به.
* المصدر : الميادين – نقله إلى العربية: حسين قطايا
* المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع