أفغانستان – نهاية الاحتلال (9-9)
بقلم: نانسي ليندسفارن وجوناثان نيل
(موقع “الشبكة الدولية- “réseau internationalالفرنسي- ترجمة: أسماء بجاش, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)
ما الذي نستطيع القيام به؟ الترحيب باللاجئين
العديد من الناس في الغرب يتساءلون الآن، حول الماهية التي يمكن من خلالها مساعدة النساء الأفغانيات؟
ويبدأ هذا السؤال أحيانا من فرضية أن معظم النساء الأفغانيات يعارضن حركة طالبان وأن معظم الرجال الأفغان يؤيدونهم.
إنه أمر سخيف, إنه من المستحيل تقريبا تخيل نوع المجتمع الذي يمكن أن يكون صحيحا فيه.
ولكن هناك سؤال مطروح وذو مساحة أقل, وعلى وجه التحديد، كيف يمكنهم مساعدة النساء الأفغانيات?
هذا سؤال صحيح ومقبول, الجواب هو أن نعمل على الترتيب لشراء تذاكر الطيران وإعطائهم الملاذ في أوروبا وأمريكا الشمالية.
ولكن مناصري المرأة لن يكونوا هم الوحيدين المحتاجين إلى اللجوء, نظراً لوجود عشرات الآلاف من الأشخاص الذين عملوا من أجل الاحتلال والذين هم الآن يلتمسون اللجوء مع أسرهم.
وينطبق نفس الشيء على العديد من الأشخاص الذين عملوا لصالح الحكومة الأفغانية.
بعض هؤلاء الناس مثيرون للإعجاب، والبعض الآخر وحوش فاسدة، والكثير بينهم، والكثير منهم مجرد أطفال, ولكن هناك ضرورة أخلاقية هنا.
لقد خلقت الولايات المتحدة وبلدان منظمة حلف شمال الأطلسي معاناة هائلة على مدى 20 عاما. أقل ما يمكننا فعله، هو مساعدة الناس الذين دمروا حياتهم.
مواطن أفغاني تم اعتقاله على يد قوات مشاة البحرية الأميركية بعد أن قتلوا مقاتلي من حركة طالبان في إقليم هلمند في أفغانستان في نوفمبر 2010.
وهناك أيضا مسألة أخلاقية أخرى, وهي وما تعلمه العديد من الأفغان على مدى السنوات الأربعين الماضية أصبح واضحا أيضا في العقد الأخير من الاضطرابات في سوريا.
ومن السهل جدا فهم حوادث الماضي والتاريخ الشخصي الذي يدفع الناس إلى القيام بالأشياء التي يفعلونها, التواضع يجبرنا على النظر إلى الشابة الشيوعية، والمرأة المتعلمة التي تعمل لصالح منظمة غير حكومية، والانتحاري، والبحرية الأمريكية، وملا قرية، ومقاتل طالبان، والأم الثكلى لطفل قُتل بسبب القنابل الأمريكية، والسيخي، والشرطي والمزارع الفقير الذي يزرع الأفيون، جميعهم يقول: “الحمد لله أني لا زالت هنا”.
إن فشل الحكومتين الأمريكية والبريطانية في إنقاذ الناس الذين عملوا لصالحها مخزيا.
وهذا ليس فشلا بالفعل، بل خيار, العنصرية ضد الهجرة أثقل على جونسون وبايدن من ديون الإنسانية.
إن حملات الترحيب بالأفغان ممكنة على الدوام, وبطبيعة الحال، فإن مثل هذه الحجة الأخلاقية القوية سوف تواجه العنصرية وكراهية الإسلام في كل لحظة, ولكن في الأسبوع الماضي، علقت الحكومتان الألمانية والهولندية جميع عمليات ترحيل الأفغان.
يجب دعوة كل سياسي، أينما كان، مرارا وتكرارا، ممن يدافع عن المرأة الأفغانية, لفتح الحدود أمام جميع الأفغان.
ثم هناك ما يمكن أن يحدث لهازاراس, وكما اشرنا، لم تعد حركة طالبان مجرد حركة من البشتون بل أصبحت حركة وطنية، حيث عملت على تجنيد العديد من الطاجيك والأوزبكيين, وأيضا، يقولون، بعض هازاراس ولكن ليس الكثير.
الهازاراس هم الناس الذين عاشوا في الجبال الوسطى, حيث هاجر الكثيرون إلى مدن مثل مزار وكابل، عملوا كحمالين وفي وظائف أخرى منخفضة الأجر.
يمثل الهازاراس حوالي 15% من اجمالي القاعدة الهرم السكانية في أفغانستان, وتكمن جذور العداء بين البشتون والهزاراس جزئيا في الصراعات الطويلة الأمد على حقوق الأراضي والرعي.
ولكن في الآونة الأخيرة، فإن حقيقة أن الهازاراس من الشيعة وأن جميع الأفغان الآخرين تقريبا من السنة هي أيضا مسالة مهمة جدا.
أدت الصراعات المريرة بين السنة والشيعة في العراق إلى انقسام في التقاليد الإسلامية المتشددة, وهذا الانقسام معقد ولكنه مهم ويتطلب بعض الشرح والتفسير.
ارتكب تنظيم الدولة الإسلامية في العراق كما في سوريا مذابح ضد الشيعة، تماما كما ارتكبت الميليشيات الشيعية المذابح بحق السنة في كلا البلدين.
ظلت شبكات تنظيم القاعدة الأكثر تقليدية تعارض بشدة الهجوم على الطائفة الشيعية وتدعو إلى التضامن بين المسلمين.
وكثيراً ما يشار إلى أن والدة زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن كانت هي نفسها شيعية، وهي في الواقع من الطائفة العلوية من سوريا, ولكن الحاجة إلى الوحدة أكثر أهمية وكان هذا هو السبب الرئيسي للانقسام بين تنظيمي القاعدة وداعش.
في أفغانستان، لطالما دعت حركة طالبان وبقوة أيضا إلى الوحدة الإسلامية, كما أن الاستغلال الجنسي للمرأة من جانب تنظيم الدولة الإسلامية أمر بغيض للغاية لقيم حركة طالبان، التي تتسم بقدر كبير من التحيز الجنسي ولكنها تتسم ايضاً كونها حركة متشددة ومتواضعة.
ولسنوات عديدة، أدانت حركة طالبان بصورة علنية وباستمرار جميع الهجمات الإرهابية ضد الشيعة والمسيحيين والسيخ.
ولكن هذه الهجمات تحدث, حيث كان لأفكار تنظيم الدولة الإسلامية تأثير خاص على حركة طالبان الباكستانية.
تعتبر حركة طالبان الأفغانية منظمة, في حين تعتبر حركة طالبان الباكستانية إلى حد أكبر شبكة غير رسمية، و لا ترتبط بحركة طالبان الأفغانية.
عملت حركة طالبان الباكستانية على شن هجمات متكررة ضد الشيعة والمسيحيين في باكستان.
ومن جانبهم, ندد زعماء حركة طالبان بالهجمات الإرهابية العنصرية الأخيرة التي شنها تنظيم داعش وشبكة الحقاني ضد الهازاراس والسيخ في كابول.
ولكن الوضع يتغير الآن, حيث يشكل تنظيم الدولة الإسلامية في أفغانستان أقلية منشقة عن حركة طالبان، ومقرها إلى حد كبير في إقليم نينجرهار الواقع إلى الجهة الشرقية من البلد.
يعتبر تنظيم الدولة الإسلامية في أفغانستان مناهض بشكل شرس وصارخ للشيعة, وينطبق الشيء نفسه على شبكة حقاني، وهي مجموعة من المجاهدين طويلة الأمد تسيطر عليها إلى حد كبير المخابرات العسكرية الباكستانية.
ومع ذلك، فمن خلال المزيج الحالي، تم دمج شبكة الحقاني مع منظمة طالبان، وزعيمها هو أحد قادة طالبان.
ولكن لا يمكن لأحد أن يكون متأكدا مما يخبئه المستقبل, ففي العام 1995, تم منع انتفاضة عمال الهزارة في مزار طالبان من السيطرة على شمال البلد, لكن تقاليد مقاومة الهزارة أعمق وأقدم من ذلك بكثير.
واليوم, قد يتعرض اللاجئون الأفغان في البلدان المجاورة للخطر, حيث أن الحكومة الإيرانية متحالفة مع حركة طالبان التي طلبت منهم أن يكونوا سلميين, وهو ما يفعلونه بالفعل, نظراً لوجود نحو ثلاثة ملايين لاجئ أفغاني في إيران, معظمهم موجودون هناك منذ سنوات، ومعظمهم من العمال المدن الفقراء وأسرهم، وغالبيتهم من الهازاراس.
في الآونة الأخيرة، بدأت الحكومة الإيرانية، نفسها نظراً للوضع الاقتصادي اليائس بترحيل الأفغان إلى أفغانستان.
هناك حوالي مليون لاجئ من هزارة في باكستان أيضا, وفي منطقة كويتا، قتل أكثر من 5 آلاف منهم في عمليات قتل طائفية ومذابح في السنوات الأخيرة, وفي المقابل, لم تحرك الشرطة والجيش الباكستاني ساكنا ولا يفعلون شيئا.
وذلك نظراً لكون الجيش الباكستاني وأجهزة الاستخبارات الباكستانية دعمت حركة طالبان الأفغانية منذ فترة طويلة، فإن هؤلاء الناس معرضون لخطر أكبر في هذا الوقت.
ماذا يجب أن يفعل، خارج أفغانستان ؟ مثل معظم الأفغان، الصلاة من أجل السلام. والانضمام إلى المظاهرات لفتح الحدود.
نترك الكلمة الأخيرة لجراهام نايت, الذي قتل ابنه، الرقيب بن نايت من سلاح الجو الملكي البريطاني، في أفغانستان في العام 2006, وهذا الأسبوع، قال غراهام نايت لرابطة الصحافة إن الحكومة البريطانية كان عليها أن تتصرف بسرعة لإنقاذ المدنيين: “نحن لسنا مندهشين من أن حركة طالبان استولت على السلطة، لأنه بمجرد أن قال الأمريكيون والبريطانيون إنهم سوف يغادرون البلد، كنا على يقين من أن هذا هو ما سوف يحدث, وقد أوضحت طالبان بوضوح شديد أنه بمجرد مغادرتنا، سوف يتولون زمام الأمور”.
“وفيما يتعلق بما إذا كانت الأرواح التي فقدت في حرب لا يمكن الفوز بها، أعتقد إن المشكلة أننا كنا نحارب الناس الذين ولدوا في هذا البلد, لم نكن نحارب الإرهابيين، كنا نحارب الناس الذين يعيشون هناك ولا يحبون وجودنا”.
* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع