بين مطرقة الوباء وسندان الحرب، يعود أطفال اليمن إلى المدارس
موقع ” ليبراسيون – “Liberation المغربي, الناطقة باللغة الفرنسية- ترجمة: أسماء بجاش, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ” :
مع بدء العام الدراسي الجديد في اليمن الذي لا يزال يصطلي بنيران الحرب المشتعلة منذ أواخر مارس من العام 2015، يواصل الطلاب في محافظة تعز الواقعة في الجهة الجنوبية الغربية مسيرتهم التعليمية.
وبالرغم من عدم وجود أي من مقومات العملية التعليمية في اليمن, فقد جعلوا من فناء منزل تحت الإنشاء بمثابة مدرسة لهم, حيث افترشوا الأرض والتحفوا السماء.
ابتلي اليمن, البلد الذي يعتبر من الدول الأكثر فقراً في منطقة شبه الجزيرة العربية، بصراع مميت, أودى بحياة عشرات الآلاف من الناس, كما شرد ملايين آخرين، واليوم, لا يستطيع العديد من الأطفال الذهاب إلى المدارس.
غالبا ما يفتقر أولئك الذين يذهبون إلى المدرسة, للوسائل التعليمية الأساسية, حيث يكتفون بما هو متاح.
واليوم, لا يتوفر في المدارس الكراسي أو المناضد أو دورات المياه، كما هو الحال في مدرسة الثلايا في محافظة تعز.
يصف ليث كامل ذو الاثني عشر ربيعاً لوكالة الأنباء الفرنسية الوضع الحاصل الذي يعيشه الطلاب في هذه المدرسة: ” لا توجد فصول دراسية مخصصة لنا, فتارة نحضر الحصص الدراسية ونحن نفترش فناء المدرسة, وتارة أخرى في السطح, وأحيانا نفترش قارعة الطريق, فنحن على هذا الحال منذ قرابة أربع سنوات, باختصار لا وجود لمدرسة حقيقية هنا”.
وبحسب التقارير الصادرة عن هيئة الأمم المتحدة, منذ بداية الصراع، تم تدمير أكثر من 2500 مدرسة أو تم تحويلها إلى مخيمات للاجئين أو مرافق عسكرية.
قبل تفشي جائحة الفيروس التاجي، لم يتمكن نحو مليوني طفل من الالتحاق بالعملية التعليمية, ناهيك عن كون هذا الرقم من المرجح أن يزداد مرة أخرى.
يدفع ما يقرب من 900 طالب المسجلين في مدرسة الثلايا, 700 ريال ( أي ما يعادل دولار واحد) مقابل رسوم التسجيل السنوية, نظراً لكون الحكومة عاجزة وليست في وضع يسمح لها بالوفاء بالتزاماتها أو تقديم المساعدة.
يقول “عبد الغني مهيوب” مدير المدرسة, أن رسوم التسجيل هذه, مخصصة في الأساس لدفع إيجار هذا المبنى الذي لا توجد فيه نوافذ ولا شبكة صرف صحي, ونتيجة لهذا الوضع فقد ترك العديد من الطلاب المدرسة, إننا نفقد الطلاب لأن الخدمات الأساسية معدومة”.
ومن جانبها, تأسف “آسيا آمين أحمد” أحدى المعلمات في المدرسة, حيث قالت: ” نظراً للازدحام الناجم عن عدم وجود فصول دراسية كافية, كثيراً ما يمرض هؤلاء الأطفال”.
تعتبر مدينة تعز واحدة من المدن الأكثر تضررا جراء الحرب الدائرة بين المعسكر الحوثي الذي تمكن من الاستيلاء على العاصمة صنعاء وأجزاء شاسعة من المناطق الشمالية من اليمن, وبين المعسكر الحكومي, فهذه المدينة التي تحيطها الجبال يسكنها حوالي 600 ألف شخص.
يواجه سكان اليمن البالغ عددهم 30 مليونا شخص أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وذلك وفقاً لما ذكرته التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة.
واليوم, يضاف إلى سجل المعاناة التي يعيشها الشعب اليمني انتشار جائحة فيروس كورونا.
في أغسطس المنصرم، حذرت السلطات من حدوث موجة ثالثة من الوباء في هذا البلد.
وتقول الأمم المتحدة إن اليمن سجل حوالي 8 ألف حالة تلوث وأكثر من 1470 حالة وفاة، ولكن الأعداد الحقيقية سوف تكون أعلى بكثير، نظراً للافتقار الشديد لوسائل الفحص.
أشارت وكالة الأنباء الفرنسية, بحسب التقارير الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف), أن هذا الوباء أدى إلى اختصار العامين الدراسيين السابقين إلى عدة أشهر، حيث أدى ذلك إلى تعطيل “تعليم حوالي 5.8 مليون طالب في المدارس الابتدائية والثانوية، بمن فيهم 2.5 مليون فتاة.
كما لم يتقاضى أكثر من 170 ألف معلم ومعلمة– ما يقرب من ثلثي مدرسي البلد – على رواتب منتظمة لأكثر من أربع سنوات بسبب الصراع الذي أدى إلى انقسام البلد.
وبحسب نفس المصدر، يمكن أن يتوقف أربعة ملايين طفل آخرين عن أكمال العملية التعليمية بسبب هذه العوامل.
يدور رحى هذه الحرب القاتلة والمميتة بين القوات الحكومية التي تتلقى الدعم من دول التحالف العربي العسكري بقيادة المملكة العربية السعودية ضد الحركة الحوثية التي تتلقى الدعم بدورها من قبل نظام الحكم في إيران.
لقد تم تشريد حوالي 3.3 مليون شخص بسبب الصراع الدائر في البلد منذ أواخر مارس من العام 2015, في حين يواجه حوالي 80% من السكان الخطر المتزايد من انتشار الأوبئة والمجاعة, كما يعتمدون للبقاء على قيد الحياة على المساعدات الإنسانية الدولية.
* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع