تحول الولايات المتحدة تركيزها إلى الصين بعد عقود من الدعم لدول الشرق الأوسط الغنية بالنفط.
بقلم: جاسبر هامان
(موقع “موروكو وورلد نيوز -Morocco World News” المغربي- ترجمة: انيسة معيض, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي”سبأ”)
الرباط- تقوم الولايات المتحدة بسحب أنظمة صواريخ باتريوت من المملكة العربية السعودية, فيما يبدو أن هذا التحول نحو الشرق قد يترك حلفاءها الإقليميين في مأزق.
أكد تقرير لوكالة أسوشيتد برس نُشر يوم السبت 11 سبتمبر، أن الولايات المتحدة تسحب بهدوء أنظمة الصواريخ من المملكة.
يبدو أن هذا الانسحاب جزء من تحول استراتيجي، حيث لا تزال هجمات الطائرات بدون طيار على الأراضي السعودية أمراً شائعاً مع تواصل الحرب التي تقودها السعودية على اليمن.
وعلى الرغم من الحاجة الواضحة لبطاريات صواريخ أرض – جو في السعودية، أكد المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي “إعادة انتشار بعض أصول الدفاع الجوي”.
في حين أن العديد من المواطنين العاديين في الشرق الأوسط سيكونون سعداء برؤية الولايات المتحدة تغادر، فإن السؤال بالنسبة للقادة الدول هو سؤال أكثر تعقيداً تماماً, حيث تعتمد دول مثل الأردن ومصر بشكل كبير على مليارات الدولارات من المساعدات الثنائية من الولايات المتحدة والتي تتلقاها لكونهم حلفاء استراتيجيين للولايات المتحدة.
أموال طائلة:
في عام 2020, قدمت الولايات المتحدة 425 مليون دولار كمساعدات عسكرية للأردن بالإضافة إلى مليار دولار من المساعدات من خلال الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.
وبالمثل، تلقى النظام العسكري في مصر كميات هائلة من الدعم من الولايات المتحدة, بمتوسط 1.3 مليار دولار سنوياً من المساعدات العسكرية وحدها.
وبالنسبة للعديد من دول الخليج، كانت الولايات المتحدة تاجر أسلحة موثوقاً ومصدراً للقوة في المنطقة.
من المقرر أن يتضاءل مصدر القوة الإقليمية هذا، حيث تضع الولايات المتحدة أعينها بشكل متزايد على الصين كهدفها التالي.
تدق الولايات المتحدة على نحو متزايد ناقوس الخطر بشأن بروز الصين كقوة عظمى جديدة, على الرغم من إنفاق الولايات المتحدة على الدفاع أكثر من الصين (والدول العشر التالية مجتمعة).
تنفق الولايات المتحدة حالياً ما يقرب من 778 مليار دولار سنوياً على جيشها، مقارنة بـ 252 مليار دولار في الصين.
كما تنفق الولايات المتحدة حالياً ما يقرب من نصف إجمالي إنفاقها التقديري على الدفاع، حيث يذهب الكثير من هذه الأموال إلى مصنعي الأسلحة والمتعهدين الذين يسعون للربح والذين يستخدمون بدورهم أرباحهم للتأثير على السياسة الأمريكية.
مع وجود الكثير من الأموال على المحك، تحتاج الولايات المتحدة باستمرار إلى تهديد جديد من أجل تبرير وتوسيع ميزانياتها العسكرية.
في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001, لم تكن الولايات المتحدة بحاجة إلى فعل الكثير لتبرير المغامرات العسكرية “الهادفة للربح” في الشرق الأوسط.
إن إقناع بقية العالم بالخوف المفاجئ من الصين، يثبت أنه مهمة أكثر صعوبة، خاصة في جنوب الكرة الأرضية.
التخلي عن الشرق الأوسط؟
بعد انسحاب الولايات المتحدة المهين من كابول، يبدو أن الرأي العام الأمريكي لديه القليل من الرغبة في أي شيء يتعلق بالمنطقة.
خلال عشرين عاماً من الحرب الفاشلة على الإرهاب إلى حد كبير ومحاولة أكثر كارثية لبناء الدولة في الشرق الأوسط، يمكن أن يقتنع عدد قليل جداً من الأمريكيين الآن بأن أي شخص في المنطقة يشكل تهديداً حقيقياً للولايات المتحدة.
وعلى وجه الخصوص، بعد ترك أفغانستان والعراق, في خضم الأنقاض والفوضى، يبدو أن الولايات المتحدة فقدت أي مصداقية متبقية فيما يتعلق بكل من صنع السلام وبناء الدولة في المنطقة.
ومع ذلك، بالنسبة للعديد من صانعي القرار في الشرق الأوسط، فإن التحالفات مع الولايات المتحدة قدمت منذ فترة طويلة الأساس لبروز قوتهم الإقليمية, حيث تعتمد القوات المسلحة لكل من السعوديين والإماراتيين بشكل شبه حصري على الأسلحة الأمريكية وعقود الصيانة.
الاستراتيجية الوحيدة المتبقية للعديد من القادة الإقليميين هي أن يحذوا حذو إسرائيل من خلال إثارة المخاوف بشأن احتمال صعود إيران المنكوبة بالأزمة.
يبدو أن السعوديين يوجهون خداعاً شديد الخطورة بشأن هذه القضية، ويهددون الولايات المتحدة بتقارب محتمل مع إيران.
يبدو أن هذه الخدعة قد فشلت، حيث يبدو أن الولايات المتحدة لم تعد تخشى طهران علانية كما كانت من قبل، على الأرجح لأنها وجدت هدفاً “أكثر جاذبية” متمثل في الصين.
سيكون سباق التسلح الجديد مع قوة عظمى ناشئة تغييراً مرحباً به لصناعة الأسلحة الأمريكية وأفضل بكثير للأعمال التجارية من تسليح دول الشرق الأوسط والذي يتم غالباً باستخدام أموال دافعي الضرائب الأمريكيين من خلال “المساعدة العسكرية”.
بينما يبدو أن الوجود الأمريكي في الشرق الأوسط آخذ في التضاؤل، والذي ظل فترة طويلة.
تواصل الولايات المتحدة نشر الآلاف من القوات في المنطقة، لما يقرب من 625 قاعدة عسكرية.
مع استمرار الولايات المتحدة في الاحتفاظ بعشرات الآلاف من الجنود على أراضي الأعداء السابقين مثل اليابان وألمانيا، فمن غير المرجح أن يتخلى الجيش الأمريكي عن هيمنته العسكرية في الشرق الأوسط.
ومع ذلك، يمكنها تغيير دأبها في إنفاق مبالغ طائلة على الدفاع عن حلفائها.
بينما تحل كوريا الجنوبية وتايوان محل دول الخليج باعتبارهما أكثر حلفاء الولايات المتحدة “إلاستراتيجيين”، فإن هذا التغيير في موقف الولايات المتحدة في الشرق الأوسط – الاستعداد لإنفاق مبالغ ضخمة في “المساعدة العسكرية” أو الانخراط على الأرض – يبدو أنه يأتي في وقت أقرب بكثير مما كان يأمله حلفاء أمريكا الإقليميون.
* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع