السياسية :

قالت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية في افتتاحية لهيئة تحريرها إن القتال ضد الأعداء غير التقليديين، الذين يختلطون بالسكان المدنيين، يجعل من الصعب معرفة الصديق من العدو. وبالنسبة للقوات الأميركية التي حاولت تخليص نفسها وحلفائها من كابول الشهر الماضي، فقد تفاقمت هذه الصعوبات بسبب البيئة والسياق: مدينة يبلغ عدد سكانها 4.4 مليون نسمة احتمى فيها إرهابيو تنظيم “داعش- خراسان”، وفي 26 آب / أغسطس الماضي، قاموا بضربة وقتلوا 13 شخصاً من أعضاء الخدمة الأميركية وعشرات الأفغان.

وأضافت الصحيفة أن الهجوم الصاروخي الذي أطلقته الطائرات بدون طيار في 29 آب / أغسطس على هدف إرهابي مشتبه به في كابول يُصنّف على أنه خطأ محتمل فظيع للولايات المتحدة. في البداية صوره الجنرال مارك أ. ميلي، رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة، على أنه “ضربة صحيحة” على سيارة تابعة “داعش” كانت يجري إعدادها كسيارة مفخخة لشن هجوم آخر ضد القوات الأميركية، لكن يبدو أن الحادث الآن أكثر احتمالاً هو أنه كان خطأ في تحديد الهوية.

وأشارت الصحيفة إلى أن ما تعقبته القوات الأميركية ودمرته لعله كان سيارة تتبع لجمعية خيرية مقرها الولايات المتحدة، كان يقودها زامراي أحمدي، وهو موظف إغاثة.

وتثير التحقيقات التي أجرتها صحيفتا “واشنطن بوست” و”نيويورك تايمز” تساؤلات جدية حول ادعاء الجيش الأميركي بأن السلاح المستخدم، وهو صاروخ هيلفاير واحد، تسبب في “انفجار ثانوي” مما يشير إلى سيارة محملة بالمتفجرات. وبدلاً من المتفجرات، يبدو أن السيد أحمدي كان يحمل أسطوانات المياه في السيارة لعائلته. وبدلاً من القتلى المدنيين الثلاثة الذي اعترف بهم البنتاغون حتى الآن، قد يكون العدد الحقيقي عشرة، بمن فيهم السيد أحمدي وسبعة أطفال تتراوح أعمارهم بين 3 و16 عاماً.

يقول البنتاغون إنه يواصل التحقيق. الحكم النهائي يجب أن ينتظر نتائج التحقيق. وإذا ثبت ذلك، كما يبدو محتملاً للغاية، بحسب شهادة شهود العيان وتحليلات الخبراء التي جمعها الصحافيون، يجب على الولايات المتحدة أن تقدم الاعتذار الصادق والتعويض السخي لأفراد أسر الضحايا الباقين على قيد الحياة.

وتابعت افتتاحية “واشنطن بوست”: يجب كذلك أن يكون هناك تقييم واضح لما تشير إليه هذه الحلقة بالنسبة لنهج “ما وراء الأفق” للتهديدات الإرهابية في أفغانستان الذي تبناه الرئيس جو بايدن الآن بعد رحيل القوات الأميركية والحكومة الأفغانية الصديقة. لطالما صوّر بايدن القوات المتمركزة عن بعد على أنها وسيلة ذكية ومنخفضة التكلفة للتعامل مع القوى المعادية التي نمت بصورة أكثر انتشاراً ولم يعد ضرورياً مواجهتها بالجنود الأميركيين على الأرض. ومع ذلك، فإن الفطرة السليمة تملي أن بديله هذا يخلق مخاطر خاصة به.

وأوضحت الصحيفة أن “ضربات الطائرات بدون طيار ستكون في صميم استراتيجية بايدن. وسيتم جمع الكثير من المعلومات لتوجيه تلك الضربات عن طريق الاستطلاع الجوي وتحليلها في منشآت على بعد مئات أو حتى آلاف الأميال. لن تعتمد الولايات المتحدة على القوات أو ضباط الاستخبارات على الأرض، سواء أكانوا جنودنا أو حلفاءنا”.

وتابعت الصحيفة: “قد يقلل هذا من قدرة الولايات المتحدة على تحديد الأهداف، ويقلل من فرص إصابة أهداف حقيقية ويزيد من فرص قتل الأبرياء. كما اعترف ويليام ج. بيرنز، مدير وكالة الاستخبارات المركزية، في شهادته أمام الكونغرس في 14 نيسان / أبريل الماضي قائلاً: “عندما يحين الوقت لانسحاب الجيش الأميركي، ستقل قدرة الحكومة الأميركية على جمع التهديدات والتصرف بشأنها”.

وختمت “واشنطن بوست” افتتاحيتها بالقول: تؤكد المأساة الظاهرة في كابول هذه الحقيقة وضرورة أن تتصرف إدارة بايدن وفقاً لها.

* المصدر : الميادين نت
* المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع