أفغانستان – نهاية الاحتلال (8-9)
السياسية:
بقلم: نانسي ليندسفارن وجوناثان نيل
ترجمة: أسماء بجاش – الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”
ما الذي سوف يحدث الآن؟
لا أحد يعلم ما سوف يحدث في أفغانستان خلال السنوات القليلة القادمة، ولكن يمكننا تحديد بعض الضغوط.
أول ما يبشر بالخير هو توق الشعب الافغاني العميق إلى العيش بسلام، حيث سبق وأن عاش الأفغان ثلاثة وأربعين عاما من الحرب الضروس.
ففي بعض البلدان، عاشت شعوبها خمس أو عشر سنوات فقط من الحرب الأهلية والغزو، بيد أن الحديث في افغانستان يدور حول مدة تصل إلى ثلاث وأربعين سنة.
العاصمة الأفغانية كابول وقندهار والمزار، أكبر ثلاث مدن أفغانية، سقطت جميعها دون أي مقاومة تذكر، وذلك لأن حركة طالبان، كما يقولون دائما، يريدون السلام ولا يريدون الانتقام، ولكن أيضا لأن الناس الذين لا يؤيدون طالبان أو حتى يكرهونها اختاروا أيضا عدم القتال.
من الواضح جداً، أن قادة حركة طالبان يدركون جيداً, أنه يجب عليهم إحلال السلام, ولهذا، من الضروري أيضا أن تواصل الحركة توفير العدالة العادلة، نظراً لكون سجلهم جيد، ولكن الإغراءات والضغوطات الحكومية أفسدت العديد من الحركات الاجتماعية في العديد من البلدان التي سبقتها.
كما أن الانهيار الاقتصادي ممكن جدا أيضا, نظراً لكون أفغانستان بلد فقير وقاحل، حيث أن أقل من 5% من الأراضي الأفغانية قابلة للزراعة.
وعلى مدى السنوات الـ 20 الماضية، نمت المدن الأفغانية بصورة كبيرة ويعتمد هذا النمو على الأموال المتأتية من الاحتلال، وبدرجة أقل على زراعة الأفيون وبدون معونة أجنبية كبيرة من مكان ما، وبهذا فإن الانهيار الاقتصادي يهدد البلد.
ولأن حركة طالبان تعرف ذلك، فقد عرضت بشكلٍ صريح اتفاقا على الولايات المتحدة الأمريكية, حيث سوف يقدم الأمريكيون المعونة، وفي المقابل لن توفر طالبان موطئ قدم للإرهابيين على الأراضي الأفغانية.
وقد وافقت كل من إدارتي ترامب وبيدن على هذه الصفقة ولكن ليس من المؤكد أن الولايات المتحدة الأمريكية سوف تفي بهذا الوعد.
والواقع أن شيئا أسوأ من ذلك قد يحدث، حيث سبق وأن عاقبت الإدارات الأميركية السابقة العراق وإيران وكوبا وفيتنام بفرض العقوبات الاقتصادية المدمرة طويلة الأمد.
وسوف ترتفع أصوات كثيرة في الولايات المتحدة دعما لهذه العقوبات والتي سوف ينتج عنها تجويع الأطفال الأفغان باسم حقوق الإنسان.
ثم هناك خطر التدخل الدولي والقوى المختلفة التي تدعم مختلف القوى السياسية أو العرقية في أفغانستان.
ومن جانبها، سوف يسيل لعاب الولايات المتحدة والهند وباكستان والمملكة العربية السعودية وإيران والصين وروسيا وأوزبكستان، حيث وقد حدث هذا بالفعل، وفي حالة الانهيار الاقتصادي، يمكن أن تنشب حروبا بالوكالة.
ولكن في الوقت الحالي، من الواضح أن حكومات إيران وروسيا وباكستان تريد السلام في أفغانستان. كما وعدت حركة طالبان بعدم الحكم بقسوة، بيد أن القول أسهل من الفعل.
وفي مواجهة الأسر التي جمعت ثروات كبيرة من خلال الفساد والجريمة، ماذا تعتقد أن جنود القرى الفقراء يريدون أن يفعلوا؟
وبعد ذلك هناك، قضية تغير مناخ، ففي العام 1971، تعرضت الأراضي الأفغانية إلى موجة جفاف ومجاعة ضربت المناطق الشمالية والوسطى من البلد مما أدى إلى خسائر جسيمة في القطعان والمحاصيل والأرواح.
كانت هذه أول علامة على آثار تغير المناخ على المنطقة، مما أدى إلى مزيد من الجفاف خلال السنوات الـ 50 الماضية.
وفي الأجلين المتوسط والطويل، سوف تواجه العملية الزراعية وتربية الماشية العديد من المخاطر.
كل هذه المخاطر حقيقية ولكن الخبير الأمني أنطونيو جيوستوزي، الذي كان كثيرا ما يكون مدركاً لفكر طالبان والحكومات الأجنبية، حيث تشير مقالته في صحيفة الغارديان في 16 أغسطس المفعمة بالأمل، والتي تخلص إلى ما يلي:
“ومع سعي معظم البلدان المجاورة إلى تحقيق الاستقرار في أفغانستان، من غير المرجح، على الأقل في الوقت الحاضر، أن تستغل جهات فاعلة خارجية أي شقوق في الائتلاف الحكومي الجديد لإثارة الخلاف.
وعلى نحو مماثل، سوف يواجه الخاسرون في العام 2021 صعوبة في العثور على شخص أو جهة تريد أو تستطيع مساعدتهم في بدء شكل من أشكال المقاومة.
وما دامت الحكومة الائتلافية الجديدة تضم حلفاء رئيسيين لجيرانها، فإن هذه هي بداية مرحلة جديدة في تاريخ أفغانستان”.
(1) الوحدة الحمراء هي قوات النخبة في طالبان
= موقع “الشبكة الدولية- ” “réseau international الفرنسي
* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع