بقلم: نانسي ليندسفارن وجوناثان نيل

(موقع “الشبكة الدولية-  “réseau internationalالفرنسي- ترجمة: أسماء بجاش, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)

 

تفاقم أوجه عدم المساواة والفساد:

كان الأفغان يأملون في التنمية التي من شأنها أن ترفع من الأغنياء والفقراء على حد سواء.

بدا واضحا جدا، وسهل جدا القيام بذلك, ولكنهم لم يفهموا السياسة الأمريكية في الخارج  وهم لم يفهموا ارتباط 1% من الولايات المتحدة العميق بدوامة التفاوت في بلدهم.

لذا تدفقت الأموال الأمريكية إلى أفغانستان ولكنها ذهبت إلى الحكومة الجديدة وبطانتها بقيادة الرئيس حامد كرزاي. كما ذهبت إلى الناس الذين يعملون مع الأمريكيين وقوات الاحتلال من الدول الأخرى, وإلى أمراء الحرب وحاشيتهم المتورطين بعمق في تجارة الأفيون والهيروين الدولية, بتيسير من وكالة المخابرات المركزية والجيش الباكستاني.

ذهب المال إلى الناس المحظوظين بما يكفي لامتلاك منازل فاخرة ومحمية بشكل جيد في العاصمة كابول, والتي عملوا على تأجيرها للموظفين المغتربين, كما ذهب الأمر إلى الرجال والنساء الذين يعملون في المنظمات الممولة من الخارج.

وبطبيعة الحال، تداخل أعضاء هذه المجموعات مع بعضهم البعض.

لم يكن هذا الأمر بمثابة شيء جديد بالنسبة للأفغان, حيث وقد اعتاد على هذا الفساد منذ فترة طويلة, ولطالما توقعوا ذلك ومقتوه.

ولكن هذه المرة، كان المقياس غير مسبوق,  ففي نظر الفقراء ومتوسطي الدخل، كل هذه الثروة الفاحشة الجديدة, مهما تم الحصول عليها, بدت وكأنها فساد.

خلال العقد الماضي، سلطت حركة طالبان الضوء على أمرين مهمين في جميع أنحاء البلد, الأول هو أنهم ليسوا فاسدين، ولم يكونوا في السلطة قبل العام 2001, وأنهم القوة السياسية الوحيدة في البلد التي كانت دائما كذلك.

والأهم من ذلك أن حركة طالبان أقاموا نظاما قضائيا أمينا في المناطق الريفية والتي يسيطرون عليها, وكانت سمعتهم قوية لدرجة أن العديد من الأشخاص من ذوي اصحاب المحاكمات المدنية في المدن قبلوا أن يخاطب كلا الجانبين قضاة حركة طالبان في الريف.

وهذا ما سمح لهم بالحصول على العدالة بسرعة وبسعر رخيص وعدل دون الحاجة إلى دفع رشاوى ضخمة, ولأن العدالة عادلة وواضحة، يمكن لكلا الطرفين أن يتعايشوا معها.

وبالنسبة للأشخاص الذين يعيشون في المناطق التي يسيطر عليها مقاتلي حركة طالبان، تشكل العدالة العادلة أيضا حماية من عدم المساواة.

فعندما يستطيع الأغنياء رشوة القضاة، يمكنهم أن يفعلوا كل ما يريدون للفقراء, الأرض كانت بيت القصيد, نظراً لكون الرجال الأغنياء والأقوياء، وأمراء الحرب، والمسؤولون, قادرون على الاستيلاء على الأراضي، أو سرقتها، أو الغش من أجل الاستيلاء على الأراضي من صغار المزارعين، وقهر وقمع المزارعين الأكثر فقراً, ولكن قضاة حركة طالبان، كما فهم الجميع، كانوا مستعدين لحماية الفقراء.

تم الخلط بين كراهية الفساد وعدم المساواة والاحتلال.

 

بعد مرور عشرون عاماً

في العام 2001, عندما سقطت حركة طالبان على أيدي الأمريكيين بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، مرت 20 سنة حتى الآن.

وقد شهدت الحركات السياسية الجماعية تغييرات هائلة خلال هذه السنوات العشرين من الحرب والأزمات.

لقد تعلمت طالبان وتغيرت, كيف يمكن أن يكون خلاف ذلك؟ وقد علق على ذلك العديد من الأفغان والعديد من الخبراء الأجانب, كما استخدم جيوستوزي (1) مصطلح “طالبان الجديدة”.

وهذا التغيير، كما هو معروض علنا، ينطوي على عدة جوانب, حيث فهمت طالبان أن “شوفينية البشتون” تشكل نقطة ضعف كبيرة, وهم يصرون الآن على أنهم مسلمون وإخوان لجميع المسلمين الآخرين، وأنهم يريدون ويحظون بدعم المسلمين من العديد من الجماعات العرقية.

ولكن في السنوات الأخيرة، انقسمت قوات طالبان بشكل مرير, وتشكلت تحالفات أقلية من مقاتلي طالبان ومؤيديها مع تنظيم الدولة الإسلامية أو ما يعرف باسم تنظيم داعش.

الفرق هو أن تنظيم داعش يشن هجمات إرهابية ضد الشيعة والسيخ والمسيحيين والطالبان في باكستان يفعلون نفس الشيء، كما تفعل شبكة حقاني الصغيرة التي ترعاها الأجهزة السرية الباكستانية ولكن أغلبية حركة طالبان أدانت دائما هذه الهجمات, وسنعود إلى هذا التقسيم فيما بعد، لأن له آثارا على ما سيحدث بعد ذلك.

الرقيب في الجيش الأفغاني سيد وازير يصرخ أثناء إطلاق صاروخ في نوفمبر 2013 في مقاطعة وارداك، أفغانستان, تصوير: دانيال بيريهولاك

الرقيب في الجيش الأفغاني سيد وازير يصرخ أثناء إطلاق صاروخ في نوفمبر 2013 في مقاطعة وارداك، أفغانستان, تصوير: دانيال بيريهولاك

وأكدت حركة طالبان الجديدة أيضا اهتمامها بحقوق المرأة, حيث يقولون أنهم يقبلون الموسيقى والفيديوهات، وقد اعتدلوا أيضا في الجوانب الأشد شراسة والأكثر مرونة في نظامهم القديم, ويكررون أنهم يريدون أن يحكموا في سلام، دون الانتقام من شعب النظام القديم.

من الصعب أن نقول ما هو جزء الدعاية وما هو جزء الحقيقة في كل هذا, وعلاوة على ذلك، يعتمد مسار الأحداث إلى حد كبير على تطور الاقتصاد والإجراءات التي تتخذها القوى الأجنبية (سنعود إلى ذلك في وقت لاحق) وما نقوله هنا هو أن الأفغان لديهم أسباب لاختيار حركة طالبان على الأمريكيين وأمراء الحرب وحكومة أشرف غاني.

======================

(1)   أنطونيو جوستوزي حاصل على درجة الدكتوراه (العلاقات الدولية) وشهادة البكالوريوس في التاريخ المعاصر من جامعة بولونيا. كان يعمل في مركز أبحاث Crisis States  حتى يناير 2011, كما عمل مع بعثة الأمم المتحدة لمساعدة أفغانستان في العام 2003.

*     المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع

أفغانستان – نهاية الاحتلال (2-9)