بقلم: نانسي ليندسفارن وجوناثان نيل

(موقع “الشبكة الدولية- “réseau internationalالفرنسي- ترجمة: أسماء بجاش, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)

لماذا اختار الكثير من الأفغان حركة طالبان:

إن حقيقة أن عددا أكبر من الناس اختاروا الانضمام إلى جانب حركة طالبان لا يعني أن معظم الأفغان يدعمون حركة طالبان بالضرورة, وهذا يعني أنه بالنظر إلى الخيارات المحدودة المتاحة، فإن هذا هو الخيار الذي اتخذوه. ولكن لماذا؟

باختصار، طالبان هي الحركة السياسية الرئيسية الوحيدة التي تحارب الاحتلال الأمريكي، وقد أصبح معظم الأفغان يكرهون هذا الاحتلال بسبب القسوة الفساد.

لم يكن هذا هو الحال دائما, أرسلت الولايات المتحدة طائرات قاذفة وبعض القوات إلى أفغانستان لأول مرة بعد شهر واحد من أحداث الحادي عشر من سبتمبر في العام 2011, ودعمتها قوات التحالف الشمالي، وهو تحالف من قادة الحرب غير الأبشتون من شمال البلد.

ولكن الجنود وقادة التحالف لم يكونوا مستعدين للقتال إلى جانب الأمريكيين, ونظرا للتاريخ الطويل للمقاومة الأفغانية ضد الغزو الأجنبي، ومؤخرا للاحتلال الروسي من العام 1980 إلى العام 1987, فإن ذلك سيكون مخزيا للغاية.

ولكن من ناحية أخرى، لم يكن أحد على استعداد للقتال للدفاع عن حكومة طالبان الحاكمة آنذاك.

التحالف الشمالي وقوات طالبان اشتبكت في حرب كاذبة, ثم بدأت الولايات المتحدة الأمريكية والبريطانيين وحلفائهم الأجانب في القصف.

 

انفجارات القنابل الأمريكية تلوح في الأفق فوق مواقع تابعة لحركة طالبان المتحصنة في جبال كالا كاتا شمال أفغانستان في 7 نوفمبر 2001/ وكالة أسوشيتد برس

تفاوض الجيش الباكستاني وأجهزة الاستخبارات الباكستانية على إنهاء هذا الجمود, حيث سوف يسمح للولايات المتحدة الأمريكية بالاستيلاء على السلطة في كابول وتنصيب رئيس من اختيارهم.

وفي المقابل، سوف يسمح لزعماء وأعضاء حركة طالبان بالعودة إلى ديارهم في قراهم أو نفيهم عبر الحدود إلى باكستان.

لم يتم الإعلان عن هذا الاتفاق على نطاق واسع في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا في ذلك الوقت، لأسباب واضحة، ولكننا تحدثنا عنه وكان مفهوما على نطاق واسع في أفغانستان.

وأفضل دليل على هذا الاتفاق المتفاوض عليه هو ما حدث بعد ذلك, ولمدة عامين، لم تكن هناك مقاومة تذكر ضد الاحتلال الأمريكي, لا شيء في أي قرية وبقي عدة آلاف من مقاتلي حركة طالبان السابقين في هذه القرى.

هذه حقيقة غير عادية, فكروا في التناقض الحاصل مع العراق، حيث كانت المقاومة واسعة الانتشار منذ اليوم الأول للاحتلال في العام 2003.

أو التفكير في الغزو الروسي لأفغانستان في العام 1979, الذي خلق نفس جدار الغضب ما لذي خيم على مجريات الأحداث.

والسبب ببساطة هو أن مقاتلي حركة طالبان لا يقاتلون وذلك لأن الناس العاديين، حتى في قلب حركة طالبان في المناطق الجنوبية من البلد، تجرؤوا على الأمل في أن الاحتلال الأمريكي سوف يحقق السلام في أفغانستان ويطور الاقتصاد لإنهاء الفقر الرهيب المطبق على البلد.

كان السلام حاسما, ففي العام 2001, كان الأفغان محاصرين جراء حرب استمرت ثلاثة وعشرين عاما:

أولا: الحرب الأهلية بين الشيوعيين والإسلاميين.

ثانيا: الحرب بين الإسلاميين والغزاة السوفييت.

ثالثاً: الحرب بين أمراء الحرب الإسلاميين.

رابعاً: الحرب في المناطق الشمالية للبلد بين أمراء الحرب الإسلاميين ومقاتلي حركة طالبان.

لقد كانت الثلاثة والعشرون سنة من الحرب مرادفة للموت والتشويه والنفي وانتشار رقعة مخيمات اللاجئين والفقر، والكثير من الأحزان والألم، والخوف والقلق الذي لا نهاية له.

ولعل أفضل كتاب عن ما يمثله كل هذا, هو كتاب لايتس وغلمان ادوفا كلايتس، “الحب والحرب في أفغانستان” (2005) حيث تتطلع السكان بشدة إلى السلام.

وفي العام 2001, كان حتى أنصار حركة طالبان يعتقدون أن السلام السيئ أفضل من الحرب الجيدة.

وعلاوة على ذلك، فإن الولايات المتحدة غنية بشكل رائع, لذا, اعتقد الأفغان أن الاحتلال يمكن أن يؤدي إلى تنمية اقتصادية قد تنتشلهم من براثين الفقر المدقع.

انتظار الأفغان, والولايات المتحدة الأمريكية اختيارات الحرب وليس السلام

احتلت القوات العسكرية الأمريكية والبريطانية قواعد في قرى ومدن صغيرة في قلب طالبان، ولاسيما في منطقتي البشتون الجنوبية والشرقية.

لم تبلغ هذه الوحدات قط بالاتفاق غير الرسمي الذي تم التفاوض بشأنه بين الأمريكيين والطالبان.

ولا يمكن إبلاغهم بذلك، لأن ذلك كان سوف يحرج حكومة الرئيس بوش الأبن, ولذلك، نظرت الوحدات الأمريكية في مهمتها التخلص من “الأشرار” المتبقين الذين كانوا لا يزالون هناك بوضوح.


رجل وابنه يشاهدان الجنود الأمريكيين وهم يستعدون لتفتيش منزلهم في جنوب شرق أفغانستان في نوفمبر 2002.

الغارات الليلية وتحطيم الأبواب على رؤوس قاطني المنازل، مذلة ومخيفة للأسر، والغاية كانت أخذ الرجال لتعذيبهم والحصول على معلومات عن الأشرار الآخرين.

هنا، وفي مواقع سرية حول العالم، طورت القوات العسكرية والاستخبارات الأميركية أساليب التعذيب الجديدة التي شهدها العالم لفترة وجيزة في أبو غريب سجن الولايات المتحدة الأمريكية الشهير في العراق.

كان بعض الرجال المحتجزين من قبل حركة طالبان الذين لم يقاتلوا, في حين تعرض آخرون ببساطة للخيانة من جانب أعداء محليين كانوا يستاءون منهم أو طامعون في أراضيهم.

قدمت مذكرات الجندي الأمريكي جوني ريكو “الدم يروي العشب الأخضر” سردا مفيدا لما حدث بعد ذلك.

غضب الأقارب والقرويين, حيث عملوا على أطلاق بعض الطلقات على الأمريكيين في الظلام.

وفي المقابل, عمل الجيش الأمريكي على كسر أبواب أخرى وعذب رجال آخرين, وبالرغم من ذلك, أطلق القرويون طلقات أخرى, وشن الأمريكان غارات جوية قتلوا من خلالها العائلة تلو الأخرى, وهكذا, استؤنفت الحرب في المناطق الجنوبية والشرقية من البلد.

* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع

أفغانستان – نهاية الاحتلال (1-9)