السياسية- تحليل : نصر القريطي

“على السعودية الاعتراف بالهزيمة والانسحاب من اليمن” هذه هي خلاصة النصيحة التي وجهها سفيرٌ أمريكيٌ سابق لحكام السعودية في حوارٍ مع صحيفة “ذا كرادل”..

يقول “تشارلز فريمان” أن على السعودية أن تعترف بهزيمتها وأن تسارع للانسحاب من الحرب التي شنتها على اليمن..

وفي حوارٍ مطولٍ مع تلك الصحيفة الأمريكية يؤكد “فريمان” وهو سفير سابقٌ لدى الرياض أن المملكة إن لم تسارع بإعلان فشلها في حرب السنوات السبع والانسحاب من اليمن فإن اليمنيين لن يدعوها تتراجع دون أن يطالبوا بقدر أكبر من التنازل في المقابل”..

هذه الدعوة لم توجه للسعودية من قبل من تعتبرهم الرياض أعداءها بل إنها تأتي من أقرب حلفاء المملكة وأكبر داعميها في هذا العدوان الذي يدخل عامه السابع والسعودية لا تزال تائهةً عن تحديد أهدافها من هذه الحرب ناهيك عن تحقيق ايٍّ من تلك الأهداف..

هل تحتاج مملكة الشر حقاً لمن يذكرها بأنه مضى على اعلانها الحرب على اليمن سبع سنواتٍ عجاف لم تحصد فيها غير الدمار والقتل والإجرام والحصار لشعبٍ بأسره دون أفقٍ للنصر أو الخروج من هذا النفق المظلم الذي أدخلتنا فيه..

ألا يدرك هؤلاء حقاً أنهم فشلوا فشلاً ذريعاً في تحقيق جملة أهدافهم التي رجوها من وراء إعلان الحرب على بلادنا..

أليس الأحرى بحلفاء ابن سلمان وابن زايد واستخباراتهم وقادتهم العسكريين والسياسيين بدلاً من بيع الوهم لأسيادهم أن يخبروهم بأن الاستمرار في هذه الحرب سيتحول للعنة لن ينجو منها آل سعود وعيال زايد..

ألم يشاهد حكام الرياض وأبوظبي ما يحصل اليوم مع الأمريكان في كابل وكيف تحولت القوات الأمريكية من مهاجمٍ ينتهك سيادة أفغانستان ويقتل أهلها منذ عقدين من الزمن إلى هاربٍ ترك وراءه كل شيءٍ لينجو من الموت الذي يرى أنه على بعد يومين منه فقط أي في الـ31 من هذا الشهر..

قد تبدو دعوة السفير الأمريكي الأسبق في الرياض قاسيةً نوعاً ما بالنسبة لحكام آل سعود لأنه لم يكتفي بدعوتهم للانسحاب من اليمن بل دعاهم للاعتراف بأنهم فشلوا في هذه الحرب التي لم يكونوا أهلاً للدخول فيها..

ينوه “فريمان” في حواره المطول مع صحيفة “ذا كرادل” إلى أن الحاكمين في صنعاء لا يأبهون لأمريكا ولن يخضعوا لأي وساطة أمريكية بين السعودية وإيران حسب تعبيره..

ويؤكد “الدبلوماسي الديمقراطي” إلى أن أي دور أمريكي للصلح بين إيران والسعودية لن يكون له تأثير على موقف أنصار الله في صنعاء في إشارة إلى الحوارات السرية الدائرة بين الرياض وطهران في العاصمة العراقية بغداد..

دعوة “فريمان” الصريحة السعوديين للاعتراف بفشلهم في هذه الحرب تؤكد أن المزاج العام في الولايات المتحدة ينحدر نحو هذه الزاوية التي لم تكن ضمن حسابات الامريكان والسعوديين عندما انطلق هذا العدوان بضوءٍ أخضر ودعمٍ كاملٍ من واشنطن..

لربما ذكّرت “مشاهد كابل” كثيراً من السياسيين في واشنطن بأن من يبدأ الحروب على الشعوب لن يكون هو على الإطلاق من يحدد ساعة ختامها وطبيعته وما حصل لهم في افغانستان أعظمُ مثالٍ وخيرُ عبرة..

يؤكد “فريمان” الدبلوماسي الأمريكي أن واشنطن دخلت الحرب في بلادنا لإثبات دعمها وتحالفها مع السعودية فقط..

ويضيف بأن “المصلحة الوحيدة للولايات المتحدة” في اليمن هي إظهار الدعم المستمر للسعودية حليفتها الرئيسية في المنطقة..

ينتهي السفير الأمريكي الأسبق لدى الرياض في حواره مع الصحيفة الأمريكية إلى أنه لا يوجد دعم شعبي أمريكي للمشاركة في هذه الحرب بل إن هناك الكثير من المعارضة في الولايات المتحدة للاستمرار في مساعدة السعوديين على مواصلة مغامراتهم في اليمن” على حدِّ تعبيره..

يبدو أن لغة حوار السياسيين الأمريكان مع حلفاءهم السعوديين ستتغير في المرحلة الراهنة كنتيجةٍ طبيعيةٍ لآلام الوجع الامريكي في افغانستان الذي ستنكشف آثاره وملامحة اكثر واكثر بعد نهاية هذا الشهر الموعد النهائي للانسحاب الامريكي من افغانستان.

قد لا يمثل هذا السفير وجهة نظر الإدارة الأمريكية لكن كلامه هذا لا يمكن أن يأتي إلا من واقعٍ موجود في كواليس ودهاليز السياسية في واشنطن فهو ليس سفيراً سابقاً في الرياض فحسب بل إنه شغل منصب رئيس مجلس الاستخبارات الوطني في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما الذي بدأ في عهده العدوان على اليمن.