نظم الآلاف من اليمنيين مسيرات في مدن في جميع أنحاء البلد للمطالبة بعدم استخدام الجوع كسلاح من قبل السعودية والولايات المتحدة من أجل إركاع المدنيين.

 بقلم: أحمد عبد الكريم

 ( موقع “مينتبرس نيوز” ترجمة: نجاة نور, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)

عدن، اليمن– قالت سهر عبد السلام موظفة حكومية وأم لخمسة أطفال أثناء مشاركتها في احتجاج في محافظة عدن ضد السعودية وحكومة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي “الأسعار ترتفع بشكل كبير, لا يمكننا إطعام أطفالنا, اندلعت الاحتجاجات في ميناء عدن هذا الأسبوع في أعقاب القرار الأخير الذي اتخذته الحكومة المدعومة من السعودية في عدن برفع سعر صرف الدولار الأمريكي للسلع الرئيسية المنقذة للحياة”.

الآن تكافح سحر وزوجها لإطعام أسرتهما في المدينة الساحلية حيث ارتفع سعر رغيف الخبز الأساسي “الروتي” بنسبة 250٪ في شهر واحد، وانخفض حجم حصته إلى النصف.

وقالت: “عندما تعرب وزارة الخارجية الأمريكية عن قلقها بشأننا، فهذا يعني أنها ستوجه ضربة جديدة لبطوننا الجائعة”.

اثناء هذا التطور الأخير، رفعت المملكة الغنية بالنفط سعر صرف الدولار الأمريكي المستخدم لحساب الرسوم الجمركية على السلع الأساسية التي تدخل اليمن.

البلد الذي يصارع ما تصفه الأمم المتحدة بأنه أكبر أزمة إنسانية في العالم، حيث يواجه ملايين السكان المجاعة.

سرعان ما تم تنفيذ القرار، الذي تبنته حكومة الرئيس هادي، وضاعف التعريفات الجمركية على السلع والمنتجات الرئيسية التي تدخل من الموانئ التي يسيطر عليها التحالف الذي تقوده السعودية.

في أعقاب القرار السعودي، تضاعف سعر السلع الأساسية، لا سيما في عدن وحضرموت والمهرة وجميع المحافظات الجنوبية التي يحتلها التحالف بقيادة السعودية.

في عدن، تضاعفت أسعار الزيت والصلصات والخضروات والفواكه أكثر من ثلاثة أضعاف, وتنطبق الزيادة في الرسوم من 250 إلى 110 ريال يمني للدولار على السلع الأساسية مثل الدقيق والسكر وزيت الطهي والأرز والحليب والوقود والأدوية.

ووفقاً للأمم المتحدة والهيئات الإنسانية المحلية العاملة على الأرض، فإن هذه الخطوة قد فاقمت بالفعل الأزمة الإنسانية في الدولة التي مزقتها الحرب حيث يعتمد أكثر من 80٪ من السكان على الواردات.

أفاد تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن، أن الريال اليمني في “مناطق الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً” (في إشارة إلى حكومة هادي المدعومة سعودياً) قد خسر أكثر من 36٪ من قيمته خلال عام، مما تسبب في ارتفاع الأسعار.

علاوة على ذلك، أدت هذه الخطوة إلى نشر الخوف بين العائلات اليمنية التي تكافح ضد الفيضانات وفيروس كورونا الى جانب انتشار الأمراض الأخرى.

قال البنك الدولي أن حوالي 70٪ من اليمنيين معرضون لخطر المجاعة في وقت انخفض فيه الناتج المحلي الإجمالي للبلد إلى النصف منذ عام 2015، عندما بدأت الحرب.

وأضاف البنك الدولي في التقرير المنشور على موقعه الإلكتروني، أن “أسعار المواد الغذائية ارتفعت أيضاً بسبب توقف الواردات التجارية وما نتج عن ذلك من نقص في الإمدادات، وانخفاض قيمة الريال اليمني، الذي يكاد يتعدى ثلثي سعره في الوقت الحالي عن قيمته في2015.”

رفض الإذعان

نظم الآلاف من اليمنيين مسيرات في مدن بجميع أنحاء البلد للمطالبة بعدم استخدام الجوع كسلاح من قبل السعودية والولايات المتحدة من أجل اخضاع السكان المحليين.

في جنوب وشرق اليمن الخاضعين للسيطرة السعودية – حيث اندلعت احتجاجات منفصلة مؤخراً بسبب انقطاع التيار الكهربائي المتكرر وتدهور الخدمات الصحية، في الوقت الذي يتفاقم فيه الوضع الكارثي جراء انتشار فيروس كورونا وعدم تلقي الموظفين في القطاع العام لرواتبهم, خرج المئات إلى الشوارع في موانئ عدن وأبين وتعز والشحر في المهرة.

في غضون ذلك، رفض العديد من التجار والمستوردين والعمال المرتبطين الإذعان للقرار السعودي وبدلاً من ذلك قاموا بعمل بالإضراب.

قال وائل جبر، التاجر الذي أضرب مع عشرات من أقرانه في ميناء الشحر في المهرة، “ان تبعات هذا القرار ستنعكس بشكل كارثي على كل اليمنيين، نحن مضربون منذ عيد الأضحى”. كما رفضت الغرفة التجارية والصناعية ومقرها عدن القرار وحذرت من تداعياته.

ارتفعت أسعار المواد الغذائية بشكل حاد في المحافظات الجنوبية منذ يونيو 2020 بفضل سوء الإدارة السعودية، وفقاً للبنك الدولي الذي أفاد بأن متوسط التكلفة الوطنية للحد الأدنى لسلة الغذاء ارتفع إلى 41،950 ريالاً سعودياً (حوالي 63 دولاراً) في يونيو، بنسبة 4 ٪ أعلى من الحد الأدنى لسلة الغذاء في مايو، مدفوعاً بالانخفاض الكبير في قيمة الريال.

زادت تكلفة صندوق التمويل الأصغر، من شهر لآخر، بنسبة 18٪ في عدن و 13٪ في لحج و 11٪ في الضالع، مما أثر على الأسر الجنوبية.

في تناقض حاد، انخفضت تكلفة الحد الأدنى لسلة الغذاء بشكل ملحوظ بنسبة 7 ٪ في صنعاء وظلت مستقرة في معظم المحافظات الشمالية الأخرى، على الرغم من النقص الحاد في الوقود.

“نحمل أمريكا المسؤولية”

في صنعاء، حيث تمكنت حكومة أنصار الله من الحفاظ على سعر صرف مستقر، نزل آلاف الأشخاص إلى الشوارع يوم الأحد في منطقة باب اليمن جنوب شرقي المدينة.

هناك، أعرب المتظاهرون عن هتافات وعبارات مناهضة لكل من الرياض وواشنطن، معربين عن المعارضة الشديدة للارتفاع الأخير في معدل الرسوم الجمركية التي فرضتها السعودية.

قال غبريال أحمد: “لا شيء يحدث دون علم أو موافقة الولايات المتحدة”، وانضم إلى آخرين يرددون شعار “من وراء القرار …؟ أمريكا! أمريكا!”

وجاء في بيان القاه منظمو الاحتجاج ما يلي:

“نعتبر رفع سعر الدولار الجمركي قرار أمريكي مخطط مسبقاً من قبل إدارة الرئيس بايدن نفسها وتنفيذه بواسطة الأدوات العميلة في عدن.

ونحمل أمريكا مسؤولية تعريض المدنيين في جميع المحافظات اليمنية للمجاعة، ونحملها مسؤولية استخدام حصار المجاعة كسلاح حرب ضد الشعب اليمني”.

وفي كلمة أمام المحتجين قال محمد علي الحوثي قيادي رفيع المستوى في الحركة, إن الولايات المتحدة تحاول باستمرار خفض قيمة الريال اليمني مقابل الدولار الأمريكي في خطوة مماثلة لجهودها في سوريا وفلسطين ولبنان.

“الولايات المتحدة هي التي فرضت حصاراً على بلدنا وقتلت شعبنا, السعودية والإمارات ليست أكثر من أدوات لتنفيذ المخططات والأجندات الأمريكية”.

هذه الخطوة – التي جاءت في إطار حملة الضغط الأقصى التي مارستها السعودية وبدعم من إدارة بايدن، لإخضاع اليمنيين – تتزامن مع خطوة أخرى لا تقل خطورة عن زيادة الرسوم الجمركية.

في يوليو، بدأت السعودية حملة جديدة لتطهير المملكة – ولاسيما محافظاتها الجنوبية عسير وجيزان ونجران – من المواطنين اليمنيين، بما في ذلك العمال والأكاديميين، في خطوة لن تؤدي فقط إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن وعدم الاستقرار الاجتماعي و صراع مسلح لسنوات قادمة، لكنه يقوض أيضاً أي احتمال متبقي للجمهورية اليمنية للخروج من هذه الحرب، وفقاً لتقرير صدر مؤخراً عن مركز صنعاء للدراسات.

ومع ذلك، فإن اليمنيين لا يستسلمون, أعلنت جماعة أنصار الله، التي قادت المقاومة ضد الحرب التي تقودها السعودية، أنها ستستمر في قتال التحالف السعودي رغم الضغوط الاقتصادية، حتى تنهي السعودية وحلفاؤها في الحرب وترفع الحصار وتغادر البلد.

قال عبد الملك الحوثي زعيم جماعة أنصار الله “عندما تتحدث واشنطن وحلفاؤها عن السلام، فإنهم يقصدون على الآخرين الاستسلام لمطالبهم”.

وختم بقوله: “نحن مستعدون للسلام لا الاستسلام وسنقاوم بكل الوسائل المتاحة”.

*     المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع