تحليل – الجزء الأول.. لتغيير توازن القوى، تكثف إيران حربها الخفية مع إسرائيل
يشجع نظام الحكم في طهران على تعزيز عدوانه من أجل توطيد موقفه في المفاوضات النووية وتجربة القادة الجدد في واشنطن وتل ابيب.
بقلم: لازار برمان
(صحيفة “تايم أوف إسرائيل- timesofisrael” الإسرائيلية- ترجمة: أسماء بجاش- الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)
مع تعرض منطقة الشرق الأوسط لارتفاع كبير في درجة الحرارة، ترتفع في نفس الوقت وتيرة الصراع الذي طال أمده بين إسرائيل وإيران.
بلغ عقد من المناوشات بين البلدين، الذي اتسم بأعمال تخريبية وهجمات غامضة مزعومة من جانب مجموعات الأقمار الصناعية، ذروته في الأشهر الأخيرة مما يهدد بجر خصوم إقليميين إلى حافة الحرب المباشرة.
يأتي تصاعد الصراع نتيجة لتصاعد أعمال إيران التي تبدو أكثر جرأة ضد إسرائيل أو الأصول المتصلة بها، مثل الضربة المميتة التي شنتها طائرة بدون طيار بالقرب من سلطنة عمان في نهاية الشهر الماضي والتي استهدفت ناقلة النفط “ميرسر ستريت- Mercer Street” التي تديرها شركة مملوكة لرجل أعمال إسرائيلي.
وفي يوم الجمعة، بلغت الأعمال القتالية مستوى عاليا جديدا, عندما عمل حزب الله على إطلاق 19 صاروخا على شمال إسرائيل، وهو أثقل وابل من نوعه منذ حرب لبنان الثانية في العام 2006.
إن ارتفاع وتيرة الصراع يأتي في لحظة هامة جداً بالنسبة لإيران: بعد أن تم تأدية الرئيس المحافظ الجديد إبراهيم رئيسي لليمين الدستورية، ويبدو أن المحادثات مع القوى الغربية بشأن استئناف اتفاق لوزان بشأن الملف النووي والموقع في منتصف العام 2015, والذي بدا وكأنه يمضي قدماً في وقت سابق من هذا العام، قد تعثر بصورة مفاجئة.
يرى البعض أن الإجراءات التي تتخذها إيران لتعظيم موقعها في ميزان القوى للمفاوضات, ولكي تظهر للعالم أنها لن تدفع أو تضطر إلى تقليص أنشطتها في الخارج.
قال أوري غولدبرغ من مدرسة لودر الحكومية والدبلوماسية والاستراتيجية التابعة لمركز هرتزليا المتعدد التخصصات “أعتقد أن إيران تسعى لفرض وجودها الإقليمي غير القابل للتفاوض, فهم (الإيرانيون) يريدون معالجة الملف النووي بشكل منفصل”.
يبدو أن إسرائيل، التي تقودها أيضا حكومة حديثة نسبيا، حاولت أيضا تعزيز موقفها عن طريق افساد خطة العمل المشتركة، وتوسيع نطاق صلاحياتها لتشمل الحد من تطوير القذائف الإيرانية وأنشطتها الإقليمية.
وقد تجلى هذا في موجة من الخطابات العدوانية التي تهدد إيران علناً بحرب شاملة، الأمر الذي جعل الولايات المتحدة الأمريكية تدرك أن إسرائيل لن تتردد بشن الحرب على إيران، بينما تضاعف الجهود لحشد المجتمع الدولي من أجل قضيتها، وهو المسعى الذي يعتبره البعض خيالياً.
يرى هنري روما، وهو محلل لدى مجموعة أوراسيا- شركة استشارية للمخاطر السياسية- “إن ظهور تحالف دولي جديد ضد إيران ليس جلياً في الأفق, حيث تستطيع الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة تعزيز القوات البحرية التي تقوم بدوريات في المنطقة من خلال التحالف الدولي لأمن وحماية الملاحة البحرية وضمان سلامة الممرات البحرية (IMSC).
وأشارت المعلومات الواردة في التقارير الصادرة في الصحف البريطانية أيضا إلى أن لندن يمكن أن تجري عملية إلكترونية ردا على ذلك، ومن المحتمل أن يتم تطويرها بطريقة لا تؤدي إلا إلى عواقب محدودة ولا تؤدي إلى التصعيد.
ومن المرجح أن “تُعجل الولايات المتحدة بخططها القائمة سابقاً لفرض جزاءات جديدة تتعلق ببرامج إيران للطائرات بدون طيار والصواريخ”.
“وفي نهاية المطاف، ربما يبدو أن الضغوط الدولية على إسرائيل لا تجدي نفعاً في حين أنها تشق مسارها إلى الانتقام”.
فرصة لإيران:
ليس كل المراقبين مقتنعين بوجود صلة مباشرة بين هذا التصعيد الإقليمي والمفاوضات النووية.
يقول راز زيمنت، المتخصص في الشأن الإيراني في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب “إن إيران تشن عدة حملات بالتوازي, في حين أن هناك تأثيرات بين الحملات، حيث لا يتعلق كل شيء بالمسألة النووية”.
يحدث هذا التصعيد الإيراني بينما تشعر الجمهورية الإسلامية الإيرانية بأن الفرصة تتيح لنفسها ترسيخ هيمنتها في منطقة الخليج، مع اختبار الإدارات الجديدة في تل ابيب وواشنطن.
تقول موران زاغا، الخبيرة في شأن منطقة الخليج في معهد ميتفيم الإسرائيلي للسياسة الخارجية الإقليمية”أعتقد أن الإيرانيين يشعرون بأن لديهم شكلا من أشكال السيطرة الآن”.
إن المملكة العربية السعودية، التي لطالما كانت خصماً إقليمياً لفترة طويلة، تجري محادثات مع طهران لمحاولة إيجاد مخرج من الحرب الأهلية الدائرة في اليمن.
وليس للمملكة مصلحة كبيرة في توجيه موجات رداً على عدوان طهران, حيث تفضل دولة الإمارات العربية المتحدة من جانبها تجاهل الاضطرابات والحفاظ على واجهة الاستقرار من أجل مواصلة اجتذاب الاستثمار وتنويع اقتصادها.
وأضافت زاغا “إن أيا من بلدان الخليج اليوم لا تستطيع الرد مباشرة على الهجمات الحوثية الموالية لإيران”.
ومن جانبها, تفضل إسرائيل بشكلٍ واضح أن يقود المجتمع الدولي – ولاسيما الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة- جهوداً في مكافحة البرنامج النووي الإيراني والدعم الذي تقدمه الجمهورية الإسلامية للجماعات الموالية لها في المنطقة.
في الأسبوع الماضي، قال وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لا بيد انه أمر الدبلوماسيين الإسرائيليين بالدعوة إلى اتخاذ إجراءات ضد “الإرهاب الإيراني” في الأمم المتحدة.
وسأل سفراء البلدان الأعضاء في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة, هل لا يزال القانون الدولي قائما؟ وهل سيكون لدى العالم القدرة والإرادة لإنفاذ هذا الحق؟ وفي حال كانت الإجابة هي نعم، فإن العالم يجب أن يتصرف الآن”.
ولكن إسرائيل لن تنتظر أن يقود أي شخص انتقاما محتملا أو زمام المبادرة في أي رد.
* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع