يسعى ولي العهد السعودي إلى تقليص سلطة رجال الدين المؤثرين
بقلم: سارة دادوش
(صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية ترجمة: نجاة نور, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)
بيروت- في مايو، حظرت الحكومة السعودية استخدام مكبرات الصوت أثناء الاذان والصلوات والخطب في المساجد وأمرت بخفض مستوى صوت الأذان التقليدي، الذي يتردد صداه طويلاً في جميع أنحاء المملكة خمس مرات في اليوم، بمقدار مرتين وثلاث.
عندما كتب زعيم ديني غير معروف مقالاً على الإنترنت ينتقد قرار وزارة الشؤون الإسلامية، تم القبض عليه، وفقاً لمنظمتين سعوديتين لحقوق الإنسان، وتم اغلاق حسابه على تويتر الذي كان نشطاً في السابق.
بعد ذلك في الشهر الماضي، أعلن رئيس الاتحاد الذي يمثل الشركات السعودية أنه سيتم السماح للمتاجر والمطاعم وغيرها من المؤسسات بالبقاء مفتوحة أثناء وقت الصلاة – وهو تطور رئيسي آخر في بلد تعودت فيه الشركات والمحلات التجارية اغلاق أبوابها لخمس مرات في اليوم على مدى عقود, وجاء في مقال في صحيفة “عرب نيوز” باللغة الإنجليزية أن “أيام الإزعاج تلك ولت الآن”.
تمثل هذه التغييرات أحدث الخطوات التي اتخذتها السعودية في عهد ولي عهدها محمد بن سلمان، لتقليص سلطة المؤسسة الدينية.
في حين أن العديد من السعوديين قد يهتفون بالخطوات كدليل إضافي على أن الأمير محمد يحرر المملكة، فإن التطورات تعكس أيضاً جهوده المستمرة لتوطيد سلطته وبتر أجنحة أي شخص يمكن أن يتحداه.
لطالما لعب رجال الدين دوراً مهماً في السعودية، المملكة الإسلامية, حيث أصدر الزعماء الدينيون فتاوى وأصدروا تصريحات تحكم حياة ملايين السعوديين.
امتدت قوة رجال الدين أيضاً إلى ما وراء حدود البلد، حيث كان ينصاع العديد من المسلمين في جميع أنحاء العالم نحو المملكة للتوجيه والأحكام الدينية.
لكن محمد بن سلمان، انفصل مراراً عن رجال الدين المحافظين, وتمت مراجعة الكتب المدرسية التي تروّج لوجهات نظر إسلامية متطرفة وكبح السلطات القاسية المعروفة للشرطة الدينية.
كما تم منح المرأة الحق في القيادة وحضور الأحداث الرياضية، ولم تعد المطاعم مفصولة حسب الجنس.
يتضح تآكل تأثير رجال الدين بشكل خاص في وزارات العدل والشؤون الإسلامية والتعليم، حيث لعبت المؤسسة الدينية دوراً كبيراً منذ فترة طويلة في تلك الوزارات.
ووصف وزير الشؤون الإسلامية عبد اللطيف آل الشيخ منتقدي القرار بأنهم “أعداء للمملكة, ويريدون إثارة الرأي العام والتشكيك في قرارات الحكومة وتفكيك اللحمة الوطنية”.
لقد أصبح هذا هو النمط السائد في السعودية لمحمد بن سلمان: إدخال تغييرات ليبرالية ولكن بطريقة سلطوية.
الاعتقالات شائعة بين النقاد الليبراليين والمحافظين على حد سواء، بدءاً من نشطاء حقوق المرأة إلى رجال الدين المتشددين.
قالت هبة زيادين، الباحثة السعودية في هيومن رايتس ووتش “لقد علمنا منذ أن شرع محمد بن سلمان في هذه الرحلة المزدوجة للإصلاحات الجديدة والقمع المتزايد, أن هذا كان نهجاً صارماً من أعلى إلى أسفل، وأن الإصلاحات لا يُقصد منها أن تُنظر إليها على أنها استجابة للمطالب الشعبية ولكن كخطوات أرادها محمد بن سلمان نفسه, أي شخص يتحدث علانية يتعرض لخطر كبير ليس فقط على نفسه ولكن على عائلته والمقربين أيضاً”.
منذ عام 2017، تم إلقاء القبض على القادة الدينيين الليبراليين والمتشددين على حد سواء، حيث أوضحت الحكومة أن رجال الدين من جميع المدارس الفكرية سيتم استهدافهم ما لم يلتزموا بنهج ورؤيا الحكومة.
أفادت وسائل إعلام سعودية في ديسمبر بأن الحكومة فصلت “العديد” من أئمة المساجد لعدم اتباع توجيه رسمي للوعظ ضد جماعة الإخوان المسلمين، وهي حركة سياسية إسلامية صنفتها السعودية على أنها جماعة إرهابية.
قال آل الشيخ إنه في حين أن هؤلاء القادة الدينيين لم يكونوا بالضرورة متعاطفين مع أيديولوجية الإخوان المسلمين، فإن الحكومة كانت ترسل رسالة “إلى أولئك الذين لا ينفذون التوجيهات أو كانوا بطيئين في تنفيذها: [أنهم] سيتم الاستغناء عنهم ويحل محلهم المستعدون والمستوفون للشروط”.
كانت وزارة العدل هي المكان الذي وضع فيه الزعماء الدينيون تقليدياً لقواعد الحياة اليومية من خلال تفسير القرآن والأحاديث النبوية، وهي روايات أقوال النبي محمد التي يستخدمها المسلمون المتدينون كدليل.
لكن في عام 2017، تم سحب سلطات قضائية كبيرة من الوزارة ووضعت تحت هيئة منشأة حديثاً تتبع مباشرة والد الأمير محمد، الملك سلمان.
عندما ألقت السلطات السعودية القبض على أفراد من العائلة المالكة والمليارديرات وغيرهم من كبار رجال الأعمال الذين لم يتم المساس بهم واحتجزتهم في فندق ريتز كارلتون كجزء مما قالت الحكومة إنه حملة على الفساد، تم إبعاد قضاة وزارة العدل، المدربين في الفقه الإسلامي, لم يكن للحافظين التقليديين على النظام القانوني السعودي رأي.
كانت هيئة الأمر بالمعروف قد حُلت قبل عام، وجُردت من صلاحياتها في اعتقال الأشخاص “تُدعى رسمياً هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهي عادة ما يقوم أعضاءها بحكم الشوارع وترهيب السكان لارتدائهم ملابس أو تصرفات تعتبر غير لائقة”.
في غضون ذلك، وقفت وزارة الشؤون الإسلامية وراء الخط الحكومي الجديد، والتزمت الصمت عندما تم اعتقال رجال الدين وغيرهم من الوجهاء وتنفذ قرارات تزيح المعارضة جانباً.
دور الوزارة في الشؤون الإسلامية قد طغى جزئياً من قبل هيئة أخرى، رابطة العالم الإسلامي، التي تولت مسؤولية الأنشطة الإسلامية في الخارج.
من خلال إضعاف هذه الوكالات، يعيد بن سلمان كتابة ترتيبات تقاسم السلطة القديمة بين الأسرة الحاكمة والمؤسسة الدينية وهي شراكة أنشأت المملكة.
ظل الإسلام حجر الزاوية في الهوية السعودية, المملكة هي مسقط رأس الدين وتستضيف أقدس موقعين ” مكة والمدينة” ولقب الملك الرسمي هو خادم الحرمين الشريفين.
في بعض الأوساط، تكثر المخاوف من أن نسيج المملكة آخذ في الانهيار, لكن هذه المخاوف نادرا ما يتم تبادلها، خشية أن يكون هناك المزيد من الاعتقالات.
* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع