السياسية- متابعات:
قال رئيس وفد صنعاء المفاوض، محمد عبد السلام، إن الوساطة العُمانية، التي ذهبت إلى صنعاء منذ أشهر، كانت تحمل رسائل من السعودية ومن أطراف دولية أخرى بشأن وجهة قياداتنا في مسألة إنهاء هذه الحرب، وباعتبار أن مأرب كانت تمثل أولوية بالنسبة إلى الرياض، وأن لدى هذه الأطراف صعوبة في أن يتم التنفيذ في الملف الإنساني لأن هناك معركة عسكرية مشتعلة في مأرب.

وفي اتصال هاتفي بـ الميادين أوضح عبد السلام أن الوساطة العُمانية وصلت إلى صنعاء، وتم النقاش المستفيض والواسع مع مختلف الأطراف، وبينها رئيس المجلس السياسي الأعلى في اليوم الأول، ثم السيد عبد الملك الحوثي، ورئاسة الأركان، وشخصيات أخرى في محافظة مأرب.

وأضاف “وصلنا إلى خلاصة مفادها أن من المهم أن يكون هناك بحث في الملف الانساني، وأن يكون هناك حلّ لمشكلة مأرب متزامنة معها. ووافق السيد الحوثي على هذا، وقدّم مبادرة من طرفنا تقدّم مطالب منطقية، في إمكانها إنهاء فتيل الصراع في مأرب، وأن تقدم نموذجاً إيجابياً بشأن سائر مناطق الاشتباك في اليمن”.

ووفق عبد السلام، فإن “هذه المبادرة، في واقعها، إنسانية، وهي تهتم أولاً بأن يكون هناك إخلاء لمأرب من “داعش” و”القاعدة” بصورة كاملة، باعتبار أن هذا الأمر يشكّل خطراً جدياً على الأمن والاستقرار، ويمثّل ذريعة لما يُسمّى الحرب على الإرهاب، وللغارات الجوية”.

تشكيل لجنة لمعالجة الجوانب الفنية لإصلاح أنبوب صافر
وتابع عبد السلام “النقطة الأخرى هي أن يتم تشكيل لجنة مشتركة لمعالجة الجوانب الفنية اللازمة لإصلاح أنبوب صافر، واستئناف ضخ النفط، وإيداع إيرادات النفط والغاز في حساب خاصّ، مخصّص لصرف الرواتب في عموم الجمهورية اليمنية، ودعم الجوانب الإنسانية، مع إعطاء أبناء مأرب الأولية في ذلك”.

وأوضح رئيس وفد صنعاء المفاوض أنه يجب أن تكون الأولوية لوجود إدارة مشتركة من أبناء مأرب، وأن تكون هناك إدارة مشتركة متكافئة من أبناء مأرب لقيادة المحافظة من دون استبعاد أيّ طرف، تحت عنوان أنه يمثّل جماعة أو فئة، وإنما أبناء مأرب هم الجديرون بقيادة هذا الدور في إدارة محافظتهم، وإيقاف كل أشكال التدخل الخارجي لأيّ دولة في شؤونها، وتشكيل قوة أمنية مشتركة بقيادة من أبناء مأرب من أجل إدارة الشؤون الأمنية في المحافظة، وإخراج كل القوات الأجنبية منها.

وأضاف أنه يجب “ضمان أمن حرية التنقل في مأرب لكل مواطن، وعدم اعتراض المسافرين على خلفية الصراع الدائر، والإفراج عن المخطوفين من المسافرين من كل أبناء اليمن، وعن أبناء مأرب بصورة خاصة، وضمان حريتهم وتعويضهم”.

وقال “هناك نقطة ثانية، هي عودة المهجّرين والنازحين من أبناء مأرب إلى مناطقهم وقراهم وممتلكاتهم”.

ورأى عبد السلام أن “هذه المبادرة ما زالت سارية المفعول، وفي حوزة الأشقاء في سلطنة عُمان، وهم يقومون بدورهم بالنقاش بشأنها مع الأطراف الأخرى. لكن، في هذه الفترة، عندما وجدنا أن العدوّ ليس جاداً في السلام، وليس لديه نيّة في التفاعل مع هذا الطرح، قرّر السيد عبد الملك الحوثي أن يوضح هذا للرأي العام، على أساس أن ما جرى في الفترة الأخيرة، من تصعيد واستمرار للحرب وعدم فك للحصار، وعدم التقدّم في الملف الإنساني، يُثبت أن القيّمين على العدوان غير جادين. لهذا، نحن نقول إن المبادرة ما زالت قائمة. والجهود، كما تبلّغنا من الإخوة في سلطنة عُمان، لا تزال مستمرّة وقائمة، والمبادرة أيضاً موضوعة ومطروحة على طاولة النقاش”.

تحريك العجلة العسكرية في اتجاه مأرب
في الجانب العسكري، قال رئيس وفد صنعاء المفاوض “إنه ما دام مستمراً كلٌّ من العدوان والحصار والقصف، فإن كل الخيارات مفتوحة ومتاحة، فلا يمكن أن نتوقف على الإطلاق مهما كان هناك من نقاش”، مضيفاً أن “المبادرة قُدِّمت إلى سلطنة عُمان، والإخوة فيها يناقشونها، بدورهم، مع السعودية والأميركيين، وربما أيضاً مع الأمم المتحدة وأطراف أخرى”.

ورأى عبد السلام أن ما يهمّ صنعاء هو أن “السعودية وأميركا هما اللتان تتحركان في معركة مأرب، بصورة واضحة وصريحة ومباشِرة. ونعتقد أن الدور الأميركي هو الأساسي والفاعل. وتصريحات الأميركيين شبه اليومية بشأن الاهتمام بما يجري في مأرب، من دون الالتفات إلى الجانب الإنساني، تضعهم الآن على المحك. فإن كانوا جادّين، فهذه مبادرة إنسانية، في الإمكان أن تضاف إلى الوضع الإنساني، وأن تمثّل انفراجاً كبيراً في اليمن، وتمهيداً لوقف شامل وحلّ سياسي”.

الميدان في اتجاه مأرب
وبناءً على كلام عبد السلام، فإن “الميدان في مأرب وفي غير مأرب، ليس مرتبطاً بأيّ نقاشات سياسية نُجريها. نحن وجدنا أن ليس هناك تفاعل حقيقي، ومع ذلك لا نغلق الباب، ولا نغلق المجال. وحتى تأتينا ردود حقيقية على هذه المبادرة، أو إجراء نقاش فعلي في ضوئها، أو حتى تقديم ما لديهم من مقترحات أو اعتراضات، فإن الميدان سيبقى مستقلاً، ولا علاقة له بهذا على الإطلاق. وكل الخيارات مفتوحة ومتاحة، ولا يمكن أن تتاثّر، سواء بالانتظار، أو بعدم الرد، بل سنستمر في المواجهة”.

الموقف الأميركي.. والتصوّر اليمني
وقال عبد السلام إن “الموقف الأميركي تبنّى منذ البداية أن يجعل المعركة في اليمن معركةً هامشية، بمعنى أن تظل في مناطق معينة ساحة للاستنزاف، بعيدة عن أيّ مناطق استراتيجية يمكن أن تعود بالوضع إلى وقف الحرب أو التأثير فيها أو تحقيق السلام.

وأوضح عبد السلام “هم يريدون استمرار الحرب، واستمرار الحصار. وهذا الأمر لا يمثّل مشكلة بالنسبة إليهم، أي أن نتقاتل فترة طويلة، ما دام الاستنزاف سيتم بين اليمنيين، وفي ساحات ليست استراتيجية”.

ووفق عبد السلام، فإن “القلق الأميركي تجاه معركة مأرب يؤشّر على أهميتها، كونها ستفقد ما يُسمى الشرعية، لأنها لم تعد أصلاً موجودة في الواقع الفعلي. كذلك سيفقد النظام السعودي التأثير الحقيقي في مثل هذه الحكومة أو المرتزقة، كذلك ستفقد قوى العدوان ساحة مهمة عسكرياً وسياسياً، ومثّلت انطلاقة لسائر الجبهات في كل المحافظات الشمالية وحتى الجنوبية، ومنطقةً استخباريةً للعدو للعمل على استهداف اليمن”.

واعتبر عبد السلام في حديثه أن القلق الأميركي هو دليل على أهمية هذه المعركة، ويثبت أن المعركة تنحو إلى تغيير استراتيجي في مسارها، عسكرياً وسياسياً، مضيفاً “نحن نقول لأميركا: اذا كنتِ تريدين السلام، فهذه المبادرة جاهزة”.

وتابع: “لم يحدث أيّ تواصل مع الأميركيين منذ تقديم هذه المبادرة بعد عودة الوساطة العُمانية، ونكتفي بالنقاش مع الأخوة في السلطنة باعتبار أن عُمان، التي قامت بهذا الدور، تتواصل أيضاً مع الاطراف الأميركية والسعودية، ومع أطراف أخرى”.

هل كان هناك تواصل قبل حزيران/يونيو الماضي مع الإدارة الأميركية؟
عن هذا السؤال، أجاب عبد السلام قائلاً “لم تأتِ زيارة الأشقاء في سلطنة عُمان إلاّ بعد محاولات ونقاشات تمّت أيضاً مع الجانب الأميركي. التقينا الجانب الأميركي في مسقط، بحضور الأشقاء في سلطنة عُمان”، مضيفاً أن “النقاش كان يجري بشأن الملف الانساني، ووقف الحرب في اليمن. لكنهم، للأسف، يريدون وقف إطلاق النار، على مستوى هدنة، ومن دون أيّ التفات إلى الجانب الإنساني. ونحن أعلنّا في تلك المرحلة، وما زال موقفنا ثابتاً، أن الجانب الإنساني هو أولوية، باعتبار أنه استحقاق للشعب اليمني، قانونياً وطبيعياً وأخلاقياً”.

ماذا عن السعودية؟
أمّا عن السعودية، فقال “الجانب السعودي هو طرف أساسي في هذا العدوان، ونحن على تواصل، ولم ننقطع عن التواصل معه. وكذلك الأمر في محاولة المواكبة السياسية التفاوضية التي نقوم بها. لكن، هل يوجد تقدم. لا يوجد تقدم”.

وأضاف “تمت مفاوضات مع الجانب السعودي منذ بدء الحرب، وذهبنا الى جدة والرياض، وهم جاءوا إلى صنعاء أكثر من مرة، والتقينا في فترات سابقة في أوروبا وفي مسقط”، مؤكداً أن طبيعة هذه اللقاءات تأتي لنقاش هذا الوضع. كيف نتقدم في الجانب الإنساني، وكيف يتم فتح المطار والموانئ، وكيف يتم الوقف الشامل للأعمال العسكرية، وما مصير القوات الأجنبية في البلد، وماذا عن التهيئة للحوار السياسي، وأيضاً بشأن ملف الأسرى.

كما أكد عبد السلام أن الجانبين الأميركي والسعودي باتا مدركين أن اليمن يمثّل قوة واجهت هذا العدوان طوال 7 سنوات، وتمتلك الزخم شعبياً ووطنياً، باعتبار أن مواجهة العدوان في اليمن هي قضية وطنية.

بماذا عدتم من طهران؟
كما تطرّق عبد السلام إلى زيارته الأخيرة لطهران قائلاً: “إيران هي دولة إقليمية وفاعلة في المنطقة، وذات تأثير، ليس فقط في مستوى المنطقة، بل العالم”، مضيفاً “نحن لا ننظر إلى إيران إلاّ كونها الدولة التي تقف في مواجهة المحور المستكبر الأميركي ـ الصهيوني”.

ولفت إلى أن صنعاء شاركت في حفل قسَم الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي، باعتبار أن وفد صنعاء يمثل الجمهورية اليمنية؛ هذه الدولة الصاعدة التي مثّلت إضافة مهمة لقضية فلسطين، ووضعت نفسها في الموضع الصحيح والذي يمثّلها إنسانياً ووطنياً ويمنياً.

وبحسب عبد السلام “كان الاستقبال من الإخوة في إيران استقبالاً يشرف اليمن، ونحن قدّمنا هذا الموقف من خلال لقاءاتنا الرسمية وغير الرسمية، باعتبار أن اليمن اليوم هو دولة، ولم يعد حركة أو جماعة”.

ولفت إلى أن “التعاطي مع اليمن لم يعد مقتصراً على إيران، بل هناك دول أخرى تتعامل معنا على هذا الأساس”، مضيفاً “نحن نعتقد أن إيران دولة قادرة على أن تساهم، على نحو كبير جداً، في دعم اليمن في المجالين التنموي والاقتصادي، ونقل التجارب والخبرات”.

وختم قائلاً “نحن لا نلفت إلى البعد الطائفي في المنطقة، باعتبار أننا نقدّم مصلحة اليمن أولاً في المنطقة العربية، لأنه اذا لم يتحرك اليمن في هذا الاتجاه، فسيكون في مكان التطبيع والخيانة”.

– المصدر : الميادين نت
– المادة الصحفية تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع