السياسية :

اعلن وزير الصحة البريطاني مات هانكوك عن استعداد حكومته لدفع تعويضات للأفراد الذين تضرروا من فضيحة الدم الملوث، إذا ما أوصى بذلك تحقيق عام في القضية يُجرى الآن.

ويحاول التحقيق في الدم الملوث معرفة كيف أصيب آلاف المرضى بفيروس “نقص المناعة المكتسبة” HIV، وبـ”التهاب الكبد الفيروسي سي” Hepatitis C، من خلال عينات دم ملوث تعود إلى الفترة الممتدة ما بين السبعينيات وأوائل التسعينيات من القرن الماضي.

وكان ما لا يقل عن 3 آلاف شخص قد توفوا وأصيب عدد منهم بإعاقات خطيرة في ما وصفت بأنها أسوأ كارثة علاجية في تاريخ “الخدمات الصحية الوطنية” NHS.

الوزير هانكوك توجه إلى لجنة التحقيق، الجمعة، قائلاً إن حل مسألة الدعم المالي والتعويض للمتضررين قد “تأخر كثيراً”. وأكد أنه “إذا كانت توصيات التحقيق تشير إلى وجوب التعويض، فسنقوم طبعاً بدفع تعويضات”. وأشار إلى أن “مراجعة التعويضات من جانب السير روبرت فرانسيس (محام مرافع متخصص في القانون الطبي) جارية، كي تتمكن الحكومة من الاستجابة للمسألة بسرعة”.

وفي هذا الإطار، أعلنت الحكومة البريطانية، الخميس الفائت، عن أن السير روبرت فرانسيس (يحمل لقب “كيو سي” QC أو “مستشار الملكة”) الذي ترأس التحقيق في فضيحة “مستشفى ميد ستافوردشير” التابع لهيئة “الخدمات الصحية الوطنية”، قد عُين لدرس خيارات التعويض عن المتضررين.

وقد تلقى بعض هؤلاء مدفوعات حتى الآن من خلال “مخطط دعم المتضررين من الدم الملوث في إنجلترا” England Infected Blood Support Scheme. إلا أنه تبين أن المخطط أثار جدلاً بسبب تضمنِه شرطاً يقضي برفض تعويض أي شخص مصاب بعد عام 1991.

وكانت صحيفة “اندبندنت” قد كشفت في وقت سابق من هذه السنة، أن أحد الضحايا قدم مراجعة قضائية ضد الحكومة للطعن في هذا التاريخ الفاصل.

وزير الصحة قطع “عهداً” على نفسه للجنة التحقيق، بأن أي شخص بدأ تلقي مدفوعات الدعم، سيستمر في تلقيها ما دام على قيد الحياة.

وأبلغ مات هانكوك لجنة التحقيق، الجمعة، أن الحكومة البريطانية تتحمل “مسؤولية أخلاقية” في معالجة آثار الفضيحة، قائلاً: “أعتقد أن حل هذه المشكلة وهذه المأساة برمتها مع كل ما خلفته من آثار، قد تأخر كثيراً”.

هذا الموقف لقي صداه لدى الممثلين القانونيين للمتضررين، فقد قال ديس كولينز الشريك الرئيس في شركة المحاماة “كولينز سوليسيترز” Collins Solicitors والمستشار القانوني لأكثر من 1500 شخص متضرر من الفضيحة: “إن موكلي سيتنفسون الصعداء الليلة”.

وأضاف كولينز: “ربما استغرق الأمر ما يقرب من 40 عاماً، لكن للمرة الأولى نسمع اليوم أن حكومة المملكة المتحدة تلتزم دفع تعويضات مستحقة للمصابين والمتضررين من هذه الفضيحة الهائلة، إذا ما أوصى بذلك المحققون في تقريرهم. أحسنت يا هانكوك على قيامك بالتصرف الصحيح”.

وتابع قائلاً: “لقد استمع المحققون، أسبوعاً تلو الآخر، لشهادات مروعة أدلى بها الضحايا الأحياء وأقارب الذين لقوا حتفهم. ورأينا أيضاً مدى التباين في مخصصات الدعم المختلفة التي دُفعت حتى الآن بين مختلف أقاليم المملكة المتحدة. لقد آن أوان تحقيق العدالة. إننا نسير الآن قدماً في هذه المسألة بإيجابية متجددة، ونعتزم العمل بشكل وثيق مع السير روبرت وفريقه لتحقيق نتيجة عادلة ودائمة”.

يشار إلى أن التحقيق المستقل في فضيحة الدم الملوث انطلق في عام 2019 بإشراف قاضي المحكمة العليا السابق السير برايان لانغستاف، وذلك في أعقاب تحقيقين سابقين، آخرهما انتهى في عام 2015، وصفهما نشطاء بأنهما محاولتا تغطية على الأخطاء. وفي عام 2019، أثار الضحايا مخاوف من حدوث تستر جنائي في تلك القضية، بعد ما تبين أن مئات الوثائق المتعلقة بالفضيحة حُذفت من جانب مسؤولين حكوميين وأنها كانت مفقودة.