السياسية:

تطورات ساخنة ومتسارعة طرأت في المنطقة، وسط مواجهات دامية تُعدّ الأعنف منذ عام 2014 بين إسرائيل والفصائل الفلسطينيّة، حيثُ تكبّد قطاع غزة دماراَ هائلاَ وعدداً كبيراً من الضحايا المدنيين جراء القصف على المباني السكنيّة المأهولة، فضلاً عن تضرّر مرافق في مدن إسرائيليّة.

ومنذ 13 أبريل/نيسان الماضي، تفجرت الأوضاع في الأراضي الفلسطينية جراء اعتداءات “وحشية” ترتكبها الشرطة الإسرائيلية ومستوطنون في القدس والمسجد الأقصى ومحيطه وحي “الشيخ جراح”، إثر مساعٍ لإخلاء 12 منزلاً من عائلات فلسطينية، وتسليمها لمستوطنين.

وتسببت انتهاكات الكيان الإسرائيلي في القدس باندلاع جولة قتال مع الفصائل في القطاع الإثنين الماضي، وأسفر العدوان الإسرائيلي حتى صباح اليوم عن استشهاد 197 في غزة بينهم 58 طفلاً و34 سيدة، إضافة إلى 1235 جريحاً، بينما بلغ عدد شهداء الضفة الغربية 21 شهيداً ومئات الجرحى، وفق وزارة الصحة.

فيما قتل 10 إسرائيليين وأصيب المئات، جراء قصف صاروخي للفصائل الفلسطينية من غزة باتجاه مناطق مختلفة في إسرائيل.

وسط تسارع الأحداث هذه، ظهرت مخاوف من امتداد هذا الصراع إلى لبنان وتحديداً إلى الجبهة الجنوبيّة معقل جماعة “حزب الله” التي لطالما رفعت شعارات “الطريق نحو القدس” وخاضت معارك ضدّ إسرائيل.

وتُطرح في الوقت الراهن تساؤلات عدّة، حول مدى قدرة جماعة “حزب الله” على الانخراط في دوامة الصراع الدائر في غزّة، لاسيّما أنّها كانت في حالة تأهب على طول الحدود الجنوبيّة مع إعلان الجيش الإسرائيلي عن إجراء مناورة كبرى، والتي تأجّلت مع أحداث غزّة.

والأحد، شهدت المنطقة الحدوديّة مع إسرائيل لليوم الثالث على التوالي تظاهرات غاضبة من قبل شباب لبنانيين تضامناً مع الفلسطينيين واستنكاراً للاعتداءات الإسرائيلية بحقهم.

ومساء الجمعة، استشهد شاب لبناني، متأثراَ بجروح أصيب بها جراء استهدافه ومجموعة شبان بقذائف صاروخية إسرائيلية في المنطقة الحدودية.

الجبهة الجنوبية

ويرى مراقبون أن “حزب الله” لن ينجرّ إلى هذا الصراع لما له من تداعيات واسعة وخطيرة، وسط الأزمات الماليّة والاقتصاديّة في البلاد.

وأطلق رأس الكنيسة المارونية في لبنان، البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، في الأشهر الفائتة، وبعض التيارات المعارضة الأخرى للحزب (قوات لبنانيّة، ثوار 17 تشرين) صرخات تطالب بتحييد لبنان وتنتقد بشدة انخراطه في حروب المنطقة.

وفي هذا الصدد، رأى العميد خالد حمادة أنّ “حزب الله لا يريد فتح جبهة الجنوب رغم التصريحات بدعم النضال الفلسطيني”، معتبراً إياها “لفظيّة”.

وفي تصريحٍ للأناضول، قال حمادة: “قرار فتح جبهة الجنوب لدعم الفلسطينيين هو قرار يتخذ في طهران”.

وبحسب اعتقاد حمادة، فإن “حزب الله لن يستطيع إضافة أي مكسب سياسي في لبنان إذا توسّعت دائرة العمليّات، لأنّ وراء كل عمليّة عسكريّة يجب أن يكون هناك هدف سياسي”.

وأضاف: “حزب الله جهده الرئيسي يرتكز على السيطرة على مفاصل الدولة وتحويلها بشكل كامل إلى جزء من الجمهورية الإسلامية الإيرانيّة، وهذا ما نجح به حتى الآن”.

ورأى أن “إيران تريد أن تضيف دولة أخرى أو كياناَ آخر تسيطر على قراره يضاف إلى العواصم الأربع التي تسيطر على قرارها؛ لأجل هذا حصلت الجولات الصاروخيّة”.

وعن سبب عدم توسيع رقعة الاشتباك، قال حمادة: “لا أجد أي مبرر لتوسيع بقعة الاشتباكات أو لما يسمى لفظياً دعم الفلسطينيين ونضالهم”.

وأوضح: “إسرائيل لن تلجأ إلى توسيع رقعة العمليات لأن توسيعها سيشمل لبنان وربما سوريا، ولا أعتقد أن الولايات المتحدة موافقة على توسيع دائرة العمليات”.

وختم: “الآن تدور اتصالات للوصول إلى مخرج من هذا المأزق بما يضمن تسجيل مكسب سياسي لإسرائيل التي انغمست في هذه الحرب الصاروخية دون تدخل بري، وكذلك بما يمكن أن يحقق هدفاً سياسياً لطهران التي تقف خلف حماس”.

لا أوامر إيرانية

بدوره اتفق النائب السابق والمحلل السياسي، فارس سعيد، مع كلام حمادة، قائلاً: “الأوامر تأتي من إيران لحزب الله، ولم تأتِ أوامر إيرانيّة لفتح جبهة الجنوب؛ لذلك لم تُفتح الجبهة”.

وأشار سعيد في حديثه للأناضول إلى أن “حزب الله خاضع لإيران وإيران لم تكلّفه بمهمّة فتح الجبهة”.

وعن شعارات “حزب الله” الداعمة لفلسطين وقضيّة القدس، ردّ: “الجميع يدرك أن حزب الله يعمل على وقع الأوامر الإيرانيّة، ولبنان تحت الاحتلال الإيراني وهو في لحظة تفاوضيّة مع الولايات المتحدة وليس له مصلحة بفتح الجبهة”.

وانطلقت مؤخراً في فيينا مفاوضات لإحياء “الاتفاق النووي” بين إيران والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا وألمانيا، تهدف لإعادة واشنطن إلى الاتفاق النووي وتمهيد الطريق لتراجع إيران عن تملصها من القيود التي فرضت عليها بموجبه.

معادلات جبهة الجنوب

أما العميد الركن الدكتور هشام جابر، فاعتبر أنّ “جبهة الجنوب ليست غزّة، وحزب الله لن يفتحها لأنّه يُقدّم عندها هديّة مجانيّة لرئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو”.

وخلال حديثه للأناضول، أوضح جابر: “نتنياهو أشعل النار في غزّة لأنّه لا يستطيع فتح جبهة الجنوب، وعلى الأرض هناك ما يُسمّى بالضربة الأولى، ونتنياهو يتمنى ذلك لكنّ ألا يكون الأوّل بفتحها لما لها من تداعيات داخلية في إسرائيل والخسائر التي ستتكبّدها”.

وقال: “جبهة الجنوب تدمّر إسرائيل وجبهة الجنوب فيها آلاف الصواريخ (أرض – أرض، أرض- بحر)”، موضحًا: “جبهة الجنوب لها معادلات واسعة وإذ فُتحت فستمتد إلى سوريا التي يتواجد فيها الروس، وممكن أن تتوسّع لتصبح حربًا إقليميّةً”.

وحول من قادر على تنفيذ الضربة الأولى، أجاب: “الذي سيطلق الضربة هذه هو من سيتحمل مسؤوليّة كلّ التداعيات، أمّا من يردّ فسيكون في موقف المدافع”.

واستطرد: “حزب الله يدرك أنّه إذا فتح الجبهة الجنوبيّة فسيتحمّل مسؤوليّة التدمير الذي سيحصل في لبنان، والشعب غير قادر على تحمّل الحرب، بينما إذا ردّ حزب الله على عدوان إسرائيلي فلن يعترض أحد على ردّه”.

وبرأي جابر، فإنّ “نتنياهو لا يعلم كيف ينهي جبهة غزّة فهو بموقف حرج جدًّا”، كما اعتبر أنّ “حزب الله لن يُستدرج ولا مصلحة لديه في فتح جبهة الجنوب”.

وشدّد جابر على أنّ “إسرائيل حاولت مرارًا عرقلة المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة لكنّ إسرائيل حصلت على جواب أمريكي أنّ قرار العودة إلى الاتفاق النووي هو استراتيجي أمريكي”.

والسبت، حمّل جيش العدو الإسرائيلي لبنان مسؤولية أيّ محاولة للمس “بمواطني إسرائيل” انطلاقا من حدوده.

وكانت مصادر قريبة من “حزب الله” اللبناني،  نفت مساء الخميس، أن يكون للحزب علاقة بإطلاق الصواريخ من لبنان باتجاه إسرائيل.

يأتي ذلك بعد وقت قصير من إطلاق 3 صواريخ من جنوب لبنان تجاه بلدة شلومي شمالي الكيان الإسرائيلي؛ حيث سقطت في البحر من دون وقوع أضرار أو سقوط مصابين، دون أن تتبن أي جهة المسؤولية عن ذلك حتى الساعة 23:15 ت.غ.

وقالت المصادر القربة من الحزب، لمراسل الأناضول، مفضلة عدم الكشف عن هويتها كونها غير مخوله بالتصريح للإعلام، إنه “لا علاقة لحزب الله بإطلاق الصواريخ من جنوب لبنان باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة”.

ولم يصدر بيان رسمي من الحزب حول الحادثة حتى الساعة.

وبحسب مراسل الأناضول، فإن الصواريخ انطلقت من منطقة زراعية تقع على الساحل جنوبي مدينة صور، وتبعد أكثر من 10 كلم من الحدود مع إسرائيل.

وفور ذلك، نفذ الجيش اللبناني انتشارا عسكريا في المنطقة التي أطلقت منها الصواريخ، وفق ما أفاد شهود عيان للأناضول.

* المادة الصحفية نقلت حرفيا من موقع عربي بوست ولا تعبر عن رآي الموقع